المتتبع لسلوكيات الاحتلال الاسرائيلي عبر تاريخه، سيجد أن سلوكه الوحشي ليس بجديد في كثير من عملياته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، والعودة للتاريخ خير شاهد على هذا، وفي هذا التقرير نسترجع أحداث عام 1956 عندما احتلت قوات الاحتلال غزة لمدة 4 أشهر ثم انسحبت منها.
في بداية شهر مارس عام 1958، نشرت مجلة الآداب، تحقيقا صحفيا، بقلم عدنان يوسف العلي، بعنوان "فترة الاحتلال الصهيوني لقطاع غزة"، كشاهدا على الأمور التي رآها في رحلته داخل القطاع بعد انسحاب جنود الاحتلال وقضى 3 أسابيع داخله لرصد وتوثيق ما تركه الجنود من دمار.
- هدف قصف الشباب
يقول العلي: "لقد دخل جنود الاحتلال إلى مدينة خانيونس وهدفهم إفناء شباب المدينة خاصة الجنود منهم، وكانت مجرد مشاهدتهم لأحد رجال المدينة في الشارع أو على باب منزله كافيا للقضاء عليه، وتوزعت الفرق المسلحة على منازل المدينة تبحث عن الشباب فيها وما أن ترى شابا حتى ترديه قتيلا، وكانت بعض الفرق الصهيونية تجمع الشباب أمام المنازل وفي الساحات العامة وتوقفهم في طوابير وتطلق عليهم الرصاص".
ومن الحكايات الأخرى التي تروي عن جرائم العدو، "أنهم وجدوا 22 شابا مدنيا فأخذتهم إلى الخارج وأوقفتهم قرب جدار المنزل وانهالت عليهم برصاصها، ودخل بعض جنودهم إلى منزل أحد أعيان المدينة، وكان له ابنان، قتلوا الأول داخل المنزل أمام والديه، والثاني أخذوه إلى خارج المنزل ووضعوه مع 38 شابا آخر وقتلوهم أمام المنزل".
- المستشفيات جزء أساسي من هجماتهم
روى العلي أنه قد دخلت إحدى الفرق المسلحة للاحتلال إلى مستشفى المدينة، فوجدت فيه 23 مريضا في فراشهم فقتلتهم جميعا، كما وجدت 3 أطباء مصريين بلباسهم الأبيض وشعار الهلال الأحمر على ذراعهم فأردتهم هم أيضا قتلى في ساحة المدينة".
- إطلاق نار عشوائي للتخويف وبث الفزع
وفق ما ذكر في التحقيق إن جنود الاحتلال في مدينة رفح الفلسطينية، حرصوا على بث الرعب في قلوب الأهالي، فقد أطلقوا نداء عن ضرورة تجمع شباب المدينة من سن 15 إلى 45 للتحقيق وجمع تحريات، وعندما ذهب الناس إلى المراكز المحددة كان الرصاص ينهمر نحوهم بشكل عشوائي لإرهابهم مما تسبب في قتل 11 شابا كانوا متجهين نحو ساحة المدينة، منهم 4 من عائلة واحدة، ومن لم يستجب للنداء كان يتم قتله في المخيم أو المنزل، وقتلوا في مراكز التجمع كل من يشكون أنه ضمن فرق الفدائيين -المقاومة-، واعترف بن جوريون نفسه بهذه الواقعة وذكر أن عدد القتلى كان 48.
وفي معسكر النصيرات "قبضوا على لاجئ وطلبوا منه الاعتراف أنه فدائي فأنكر فانهالوا عليه ضربا أمام بقية اللاجئين واستمر حالهم على ذلك بضعة أيام إلى أن قتلوه برصاصهم أمام جميع الأهالي، بهدف خلق حالة من الرعب".
- التفنن في قتل الأطفال
ورد ضمن الشهادات التي نقلها العلي، أن جنود الاحتلال كانوا يصطادون الأطفال بطرق مختلفة، منها "نثر في معسكرات اللاجئين ألغاما صغيرة على شكل أقلام حبر ما إن يفتحها الشخص حتى تنفجر في يديه وتقطع أصابعه أو بعضها، وقد حصلت عدة حوادث من هذا القبيل، منها للطفل سليمان موسى في معسكر رفح والطفل داود إبراهيم في معسكر المغازي، وهكذا خلفت قواتهم المحتلة وراءها عشرات المشوهين من الأطفال الأبرياء، وتم قتل بعض الأطفال وهم يلعبون حول منزلهم على يد إحدى الدوريات المتجه نحو معسكر الشاطئ، وفي غزة ألقيت قنبلة يدوية على أطفال وأصابتهم بجروح مختلفة، وكان نصيب الطفل حسن أبو حجر بتر ساقيه وذراعيه وعمره 9 سنوات".