فى جريمة الشرف.. يتعدد الجناة والضحية امرأة - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:47 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى جريمة الشرف.. يتعدد الجناة والضحية امرأة

صورة تعبيرة
صورة تعبيرة
تحقيق ــ ممدوح حسن:
نشر في: الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 10:02 م | آخر تحديث: الأربعاء 21 أغسطس 2019 - 11:18 م

أب يقتل ابنتيه فى الحوامدية.. وآخر يلقى بابنته من البلكونة لغسل العار فى البحيرة.. وربة منزل بالشرقية تقتل طفلتها لسوء سلوكها
أستاذ علم نفس: 70% من جرائم الشرف تتم لمجرد الشك فى سلوك الضحية.. ومحامٍ: يختص بها الزوج فقط وليس الأب
أستاذ علم اجتماع: الموروث الثقافى للمجتمع الذكورى جعل الجريمة «لبانة».. والقصور التربوى والأسرى والتعليمى أبرز الدوافع

«غسلت عارى».. بهذه الكلمة بدأ المتهم فى جريمة قتل ابنتيه بالحوامدية، الأسبوع الماضى، اعترافه أمام النيابة بعد اصطحابهما عقب صلاة الفجر إلى مكان بعيد، وذبحهما بالسكين وأبلغ الشرطة معترفا بجريمته بدعوى الحفاظ على شرفه، ليعيد تسليط الضوء على الجرائم العائلية المرتكبة فى حق الأبناء بدعاوى أخلاقية.

جريمة الحوامدية ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فى سجل القتل تحت مظلة الشرف، لكنها تدق ناقوس الخطر وترسل إشارات تحذيرية بتجاهل القانون على حساب الأعراف والتقاليد.

صفحات الحوادث خلال الفترة الأخيرة تكشف عما يعانيه الجلد المصرى من جروح بسبب هذه الجرائم، ففى محافظة البحيرة قتل أب ونجله ابنته وسائق «توك توك»، بعد رؤيتهما فى وضع مخل، وألقيا بجثتيهما من البلكونة، ثم أبلغا الشرطة لتسليم نفسيهما، وقال الاب فى اعترافاته: «أنه عاد إلى المنزل فى ساعة متأخرة من الليل ليكتشف وجود ابنته فى أحضان شاب يعمل سائق «توك توك»، هو ما دفعه إلى تقييدهما بالحبال بمساعدة نجله، وذبحهما.

المشهد ذاته تكرر لكن بشكل مختلف فى محافظة الشرقية، حيث قتل آخر زوجته بعد اكتشافه تحدثها مع شخص آخر على الهاتف المحمول، فطعنها فى أنحاء جسدها، وهو ما أودى بحياتها فى الحال، لتترك خلفها 4 أطفال دون رعاية.

جريمة أكثر بشاعة فى الشرقية أيضا، أقدمت ربة منزل على قتل طفلتها بسبب سوء سلوك القتيلة، واعترفت المتهمة أمام النيابة، بتعذيب وضرب الفتاة بالخرطوم ومنعها من تناول الطعام، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة دون أن ينقذها أحد.

رئيسة قسم علم النفس بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة أميمة مصطفى كمال، قالت إن 70% من جرائم الشرف تقع فى حالات عدم تلبس، ولمجرد الشك فى سلوك الضحية، أو الاعتماد على الشائعات دون دليل.

وأضافت أميمة فى تصريحات لـ«الشروق»، هناك دراسة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية فى مصر أجريت عام 2015، تؤكد أن 60% من تحرِيات المباحث فى جرائم الشرف ترجع لسوء ظن الجانى بالضحية، وأشارت إلى دراسة آخرى أُجريت فى 2006 بعنوان «منظور إحصائى لجرائم الشرف» لمركز قضايا المرأة، أكدت الدراسة أيضا أن نسبة 79% من جرائم الشرف حدثت بسبب الشك فى السلوك، و9% بسبب اكتشاف الخيانة، و6% لمنع الاعتراف بعلاقة غير جنسية.

وتابعت فى كثير من جرائم الشرف يكتشف المجرم أنه أخطأ فى حق زوجته أو شقيقته، وأن الشكوك التى راودته قبل تنفيذ الجريمة كانت أوهاما.

وقالت رئيسة قسم علم النفس بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة، إن العديد من جرائم الشرف تُرتكب بقصد جنائى بحت، أى عمدا مع سبق الإصرار والترصد، ويدعى الزوج كذبا سوء سلوك زوجته ويحاول أن يلوث سمعتها بعد ارتكابة جريمة القتل، وكشفت عن وجود عدد كبير من الأحكام الصادرة ضد متهمين ارتكبوا تلك الجرئم كذبا وافتراء، وقتلوا زوجاتهم وبناتهم وصدرت ضدهم أحكام قوية، وأشارت إلى أن القتلة فى الغالب هم «الوالدان، أوالإخوة والأخوات، أو الأزواج».

وأرجعت معظم الجرائم التى تتم بدافع الشرف إلى عدة أسباب: رفض الفتاة الزواج برجل عن طريق والديها، أو لهروب فتاة مع عشيقها، أو أن الزوج يشك فى زنا زوجته، أو أن يكتشف الأب علاقة لابنته أو نجله مع شخص من نفس الجنس.

وأضافت أميمة أن جرائم الشرف تقع بسبب عدم التوازن النفسى للمتهم أثناء ارتكابه الجريمة فيشعر بأن هناك قصورا فى تصرفاته ويضطر لتكملة ذلك القصور ويُقدم على جريمته ضد المرأة بحجة الشرف حتى يشعر بدور بطولى. وتابعت: يرتكب المتهم جريمته بعدما تُسيطر عليه الأوهام والهلاوس والمعتقدات القديمة غير الحقيقية.

وأكد المحامى محمد سعد أن إثبات جريمة الزنا من الأمور الصعبة، حيث حددتها الشريعة بإشهاد 4 أشخاص وأن يشاهدوهما متصلين كالعود فى المكحلة والقلم فى المحبرة، وأشار إلى أن الجرائم تتم غالبا لمجرد وجود بعض الدلائل التى تؤكد وجود علاقة مثل وجود مراسلات بين الزوجة وشخص آخر.

وأوضح المحامى أن الحالة الوحيدة التى نص عليها قانون العقوبات لحماية الزوج؛ هى حالة تسمى فى قانون العقوبات بـ«جرائم القتل بدافع الشرف» طبقا للمادة ٢٣٧ من قانون العقوبات والتى تنص على «من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها، يعاقب بالحبس، بدلا من الإعدام أو المؤبد كما هو مبين فى المادتين ٢٣٤ و٢٣٦ من قانون العقوبات».

وأضاف سعد أن الجرائم التى تُبنى على الشك فى سلوك الزوجة، تعد قتلا عمدا طبقا للقانون، فمثلا عندما يراقب الزوج زوجته لاكتشاف خيانتها ثم يقتلها فهو يُحاكم بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام أو المؤبد كما هو مبين بالمادتين ٢٣٤ و٢٣٦ من قانون العقوبات، واستطرد تختلف العقوبة كثيرا فى حال اكتشاف الزوجة خيانة زوجها لها وقتله فى حالة اكتشافها قيامة بالزنا مع عشيقته فى عش الزوجية فإنها لا تُعفى من العقوبة، التى يحصل عليها المتهم فى حالة القتل العمد، وهى المؤبد أو الإعدام.

وقال سعد إن عملية إثبات الزوج لخيانة زوجته مع رجل آخر يجب أن تكون من خلال تواجدهما معا فى شقة الزوجية، أو شقة أخرى مع وجود بعض المظاهر التى تؤكد علاقتهما غير المشروعة، حتى لو لم يتم ضبطهما فى وضع مخل فى حالة تلبس، وتابع إذا ضبط الزوج زوجته فى وضع مخل مع عشيقها وتم التحفظ عليهما وإبلاغ أجهزة الأمن، فإن العقوبة التى توجه للزوجة وعشيقها هى الزنا وعقوبتها الحبس 3 سنوات، ويحق للزوج التصالح والتنازل حتى لو صدر حكم نهائى فى القضية.

وقالت فاطمة خفاجة أستاذة علم الاجتماع وعضو رابطة المرأة العربية، إن القانون فى مصر به قصور شديد فى تعريف تلك الجريمة، كما أن هناك قصورا تشريعيا فى مواجهة هذه الجريمة التى تُرتكب ظاهريا تحت مسمى «الشرف»، بينما هى فى الحقيقة جريمة قتل عمد.

وأوضحت أن أغلب ما يسمى بجرائم الشرف، تعتمد على الشكوك والظن وليس الحقيقة الملموسة فى الوقائع التى تتم فى تنفيذ تلك الجريمة، إضافة إلى تخلى رب الأسرة عن القيام بواجبه الأسرى فى التربية، وأيضا تخلى المدرسة عن القيام بواجبها فى التربية والتعليم.

أشارت إلى أن الموروث الثقافى للمجتمع الذكورى جعل تلك الجريمة «لبانة» فى فم المجرم الذى ارتكب جريمته طواعية وخطط لها لتنفيذها بدقه والإدعاء بأنها جريمة شرف.

وأكدت أستاذة علم الاجتماع وعضو رابطة المرأة العربية: «كشفت من خلال عملى فى قنا قيام أب وأخ بقتل شقيقته المعاقة بحجة سوء السلوك وخروجها من المنزل ولكن الحقيقة لم تكن جريمة شرف بل كان الهدف التخلص من الفتاه المعاقة».

ورجحت خفاجة وجود لغز غير مفهوم فى جريمة الحوامدية وإقدام الأب على قتل بناته بداعى الشرف، وتوقعت أن يكون الآب أقدم على تلك الجريمة لأنه فقد مكافأة نهاية الخدمة فى الحريق الذى التهم منزله قبل الجريمة بأسبوع، أو لخوفه على مستقبل بناته بعد وفاته، أو لخوفه من المستقبل المظلم الذى يشهده بعد فقدانه محتويات شقته كافة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك