(عمر، إبراهيم، أنس).. ثلاث أشقاء الثالث أصغرهم (16 عامًا) كان صدور حكم ضدهم بالمؤبد في قضية حرق سيارات والانتماء لجماعة محظورة وإشاعة أخبار تهدد السلم العام، كان كفيلا بقصم ظهر أسرتهم بالدقهلية، غير أن آلام الأسرة تتجدد يوم 7 فبراير المقبل، عند استماعها لحكم جديد ضد أبنائهم في قضية (التظاهر بالمخالفة للقانون)، المتهم فيها ثلاثتهم.
في هذه القضية مفارقة لم تكن سارة لأسرة (عبدالمقصود)، ففي اليوم الذي صدر لهم قرار بإخلاء سبيلهم على ذمة قضية (الانتماء لجماعة محظورة)، وتوجه الوالد بدفع الكفالة لإطلاق سراحهم، اختفوا فجأة ليتم الإعلان بعدها بأيام عن محاكمتهم في القضية الثانية.
9 شهور.. في انتظار العودة
علي عبدالمقصود والد كل من "عمر – 28 سنة – مصور صحفي"، و"إبراهيم – 22 سنة"، و"أنس – 16 سنة".. تحدث لـ"الشروق" والدموع تحاصر عينيه، مشيرًا إلى أن أبناءه عن معاناته، منذ القبض على أبنائه الثلاثة قبل 9 شهور بتهمة "حرق سيارتين بميت غمر، والانتماء لجماعة محظورة".
الأب واصل حديثًا إن عمر الذي يعمل مصور صحفي بموقع "مصر العربية" تخرج في كلية التجارة، قسم إدارة الأعمال، ولم يكن له أي انتماء حزبي، قرر بعد تخرجه من الجامعة أن يعمل بالصحافة، وفي بداية عمله ألقي القبض عليه أثناء تغطية "سبوع الطفلة حرية" التي ولدتها أمها وهي مقيدة بالكلابشات، وظل في الحبس لمدة شهر تقريبا بتهمة "العمل لصالح قناة الجزيرة القطرية"، تم بعدها الإفراج عنه بكفالة، مشيرًا إلى أن عمر قبض عليه بعد شهر واحد من عقد قرانه بزوجته أمنية، وختم حديثه عن عمر قائلا: "هو عنيا اللي بشوف بيها".
أما إبراهيم البالغ من العمر22 سنة، والحاصل على بكالوريوس تجارة، فقال عنه والده إنه بالأساس سباح منذ صغره، وحصل على العديد من البطولات على مستوى الجمهورية في السباحة وبطولات الخماسي، وكان يخطط السفر إلى اليابان لإستكمال دراسته.
في حين أن الثالث (أنس) فهو طالب بالصف الثاني الثانوي، وقال عنه والده إنه مع أشقائه بالحبس منذ 9 شهور، واستطاع خلال هذه الفترة اجتياز امتحانات الصف الأول الثانوي بنجاح، ووقتها كان يؤدي امتحاناته داخل مدرسته، أما هذه العام، فوزير الداخلية منع الطلاب من الانتقال لتأدية الامتحانات خارج السجن، وهو ما أثر على نفسيته، على حد قول الوالد، الذي أكد أن نجله محبوس مع أطفال قصر جنائيين وجميعهم محبوسين في غرفة مساحتها صغيرة جدًا، لا تصلح مطلقًا للمذاكرة.
وأضاف علي عبدالمقصود أن موقف "أنس" هو الأكثر وجعًا بالنسبة له ولوادلته ولأخته التوأم ندى، وهنا تقاطعه الوالدة لتروي معاناتها لبعدها عن أبنائها خاصة الصغير منهم، فتقول: "روحت لهم زيارة من قريب، ووقتها سألت أنس عن الأكل اللي نفسه فيه، فقالي يا ماما نفسي في حضن منك، وقتها أخدته في حضني قوي، عملوا أيه ولادي أو غيرهم عشان يشوفوا اللي بيحصل فيهم ده، ربنا موجود، ده غير الأدوية اللي رفضوا في مرة يوصولها لأنس".
رحلة الحكم بالمؤبد
"علي" والد الأشقاء الثلاثة المحبوسين تحدث عن بداية واقعة القبض عليهم، قائلا: "في محامي من ميت غمر اتحرق له سياريتن تبعه، اتهم ولادي بأنهم اللي حرقوهم، بعدها جت الداخلية وقبضوا على عمر وإبراهيم من جوه البيت، وبعدها بيوم أخدوا ابني الصغير أنس".
وأضاف أنه بعد 3 أيام متواصلة من البحث عن أبنائه علم أنهم في نيابة ميت غمر، وأنهم متهمون بـ"حرق سيارة والانتماء لجماعة محظورة"، مضيفًا أن "أبناءه تعرضوا للتعذيب"، وفقا لقوله.
وذكر أن أبناءه حصلوا على إخلاء سبيل في تلك القضية ثلاث مرات من محكمة جنايات المنصورة، المرة الأولى كانت بعد 3 شهور من حبسهم، وطعنت النيابة وتم قبول طعنها، وهو ما تكرر في المرة التي تلتها بشهر ونصف تقريبًا، إلا أنه في المرة الثالثة رفضت المحكمة طعن النيابة، وأيدت قرار إخلاء السبيل بكفالة.
وأضاف أنه بالفعل ذهب ودفع 15 ألف جنيه كفالة، إلا أنهم فوجئوا بعدم خروجهم، وظلوا لمدة 9 أيام، قاموا وقتها بارسال تلغرافات لكل من وزير الداخلية والنائب العام بالقاهرة، والمحامي العام في المنصورة، حتى "علمنا أن الأبناء الثلاثة تم حبسهم مجددًا في سجن السنبلاوين على ذمة قضية جديدة متهمين فيها بـ"التظاهر".
محامي الأشقاء الثلاثة
مالك الغزالي محامي الأشقاء الثلاثة ومتهمين آخرين معهم في نفس القضية، قال لـ"الشروق" إن المتهمين جميعًا حصوا على إخلاء سبيل نهائي من محكمة جنايات المنصورة في القضية الأولى المتهمين فيها بـ"الانتماء لجماعة محظورة، وإشاعة معلومات تهدد السلم والأمن العام" في 11 سبتمبر 2014 وتم تسديد الكفالات، مضيفًا: "المتهمين ظلوا مختفين حتى 21 سبتمبر، فوجدنا أنه قد تم تحرير محضر يوم 21/9 يفيد بأن الخمسة شباب متهمين بالمشاركة في مظاهرة بطريق سنبلاوين/ميت غمر، وتم عرضهم على النيابة يوم 22/9 وقضية (اتهامهم بالتظاهر) ما زلت متداولة حتى الآن ومؤجلة لجلسة 7 فبراير المقبل".
وبخصوص القضية الأولى المتهمين فيها بالانتماء لجماعة محظورة وتهديد السلم العام، قال مالك إن هذه القضية والتي تم إخلاء سبيلهم فيها نهائيا، لم تكن قد أحيلت للمحاكمة، وعندما تحددت لها جلسة 17 يناير الماضي، تم حجز القضية يومها حتى 19 يناير الماضي، والذي قضت فيه محكمة جنايات المنصورة بالحكم عليهم بالمؤبد، مؤكدًا أنه "لا توجد أية أدلة على التهم الموجه لهم، وأنها كلها معتمدة على تحريات المباحث".
ويضيف مالك "أن تلك القضية لم يتمكنوا من الاطلاع بالكامل عليها رغم أنها ليست متعلقة بالتلبس في ارتكاب جريمة، وإنما تمت بمذكرة من تحريات المباحث وبناء عليه صدر قرار الضبط والإحضار من النيابة العامة"، وتابع أن النيابة العامة لم تعلم المتهمين بموعد جلستهم، وهو ما ترتب عليه صدور حكم المؤبد غيابيًا لعدم حضور المتهمين، والذي أدى إلى صدور الحكم على أنس القاصر وكذلك عبدالمنعم وهو مخالف للقانون، لأن الأحداث وفقًا لقانون الطفل لهم طرق خاصة في العقاب"، على حد قوله.
وأكد مالك أنهم في انتظار صدور حكم قضية "التظاهر" حتى يتمكنوا من متابعة القضية الأولى والأساسية والمحكوم عليهم فيها بالمؤبد، ومن المقرر المطالبة بإعادة إجراءات المحاكمة وذلك المتعارف عليه في القضايا التي يصدر الحكم فيها غيابيا".