عاصفة سياسية في النمسا بعد توقيع رايسنجر بيانا يدين إسرائيل ويدعو لوقف حرب غزة - بوابة الشروق
الأربعاء 23 يوليه 2025 9:00 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

عاصفة سياسية في النمسا بعد توقيع رايسنجر بيانا يدين إسرائيل ويدعو لوقف حرب غزة

فيينا – خالد أبو بكر
نشر في: الأربعاء 23 يوليه 2025 - 2:01 م | آخر تحديث: الأربعاء 23 يوليه 2025 - 2:01 م

دبلوماسي عربي لـ"الشروق": توقيع وزيرة الخارجية على بيان ينتقد تل أبيب خطوة استثنائية في بلد يضع أمن إسرائيل ضمن عقيدته السياسية

أثار توقيع وزيرة الخارجية النمساوية بياته ماينل رايسنجر، على بيان دولي يدعو إلى وقف فوري للحرب في غزة وينتقد أداء الحكومة الإسرائيلية في إيصال المساعدات الإنسانية، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية في فيينا، وسط انقسام داخلي حاد، وتنديد إسرائيلي صريح اعتبر الخطوة "خدمة لحماس".

فيما اعتبر دبلوماسي عربي يعمل في فيينا في تصريح لـ"الشروق" أن "في بلد يضع أمن إسرائيل ضمن عقيدته السياسية منذ الحرب العالمية الثانية، يُعد توقيع وزيرة الخارجية على بيان ينتقد تل أبيب خطوة استثنائية، بل ربما مفصلية".

ومنذ صباح الثلاثاء حتى الأربعاء، تصدّرت الصحافة النمساوية عناوين رئيسية تناولت ما وصفه البعض بـ"الانحراف المفاجئ" عن النهج التقليدي للدبلوماسية النمساوية تجاه إسرائيل.

وبينما أكدت الوزيرة الليبرالية من حزب NEOS أن التوقيع "لا يمثل تغيرًا في السياسة الخارجية بل امتدادًا لموقف إنساني وأوروبي"، رأت جهات إعلامية وسياسية أن ما حدث يُشكل "تحولًا لغويًا وسياسيًا غير مسبوق".

بيان الـ28 دولة.. وتوقيع فيينا

جاء توقيع النمسا على البيان الدولي إلى جانب 27 دولة من أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا، في إطار مبادرة أطلقها وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي. وقد تضمن النص دعوة لوقف الحرب فورًا وتسهيل دخول المساعدات لغزة، مع الإشارة إلى مسؤولية الحكومة الإسرائيلية عن "تقويض كرامة السكان"، دون تحميل حماس مسؤولية مباشرة عن اندلاع الحرب.

غياب توقيع دول مثل ألمانيا والتشيك والولايات المتحدة على البيان، زاد من حدة الجدل حول قرار الوزيرة النمساوية.

تل أبيب غاضبة

لم يتأخر الرد الإسرائيلي، إذ صرّح السفير الإسرائيلي في فيينا، دافيد روعت، لصحيفة Die Presse الأربعاء، أن "نشر بيان كهذا في هذا التوقيت لا يقرّبنا من التهدئة، بل يعزّز حماس ويضعف مفاوضات الرهائن". وأضاف أن "البيان منفصل عن الواقع ويبعث برسائل خاطئة"، على حد تعبيره.

وسبق للنمسا أن أظهرت تضامنًا صريحًا مع إسرائيل، وصل إلى حد رفع علمها على مبانٍ رسمية خلال تصعيدات سابقة، لذلك شكّل هذا التغير – حتى على مستوى الصياغة – صدمة في تل أبيب وتلقى تغطية واسعة في الإعلام العبري.

تباين حكومي داخلي

ورغم إعلان الوزيرة أنها أبلغت شركاءها في الائتلاف الحكومي مسبقًا، فإن حزب الشعب النمساوي المحافظ (ÖVP) التزم الصمت، بينما أبدى الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) دعمًا واضحًا للوزيرة رايسنجر، إذ كتب نائب المستشار أندرياس بابلر على منصة X أن "من واجب النمسا الدولي قول الحقيقة بشأن الكارثة الإنسانية في غزة".

في المقابل، شنّت صحيفة Kronen Zeitung المحافظة هجومًا عنيفًا على الوزيرة، واتهمتها بالتناقض، مشيرة إلى أنها "قبل أسبوع فقط كانت تؤكد تضامنها مع إسرائيل إلى جانب وزيري الخارجية الإسرائيلي والألماني، ثم وقعت بيانًا ينتقد تل أبيب دون الإشارة إلى مجازر حماس في 7 أكتوبر"، بحسب تعبيرها.

إعلام يساري: خطوة متوازنة

من جانب آخر، رأت صحيفة Der Standard اليسارية في عددها الصادر صباح الأربعاء أن التوقيع يمثل "نقلة ناعمة" في الخطاب السياسي النمساوي، وقالت إن "الوزيرة تمثل تيارًا أوروبيًا جديدًا يُفرّق بين دعم إسرائيل وانتقاد حكومتها، دون تجاوز للثوابت الأخلاقية".

وأضافت الصحيفة أن رايسنجر تنتمي إلى جيل سياسي جديد "يرى في النقد العلني شكلًا من أشكال الصداقة الصادقة". وفي مواجهة الانتقادات، أكدت الوزيرة في مقابلة مع التلفزيون الرسمي (ORF – ZiB2) أن موقفها "لا يدعم الإرهاب بأي حال.. لكن لا يمكن تجاهل الوضع الكارثي للمدنيين في غزة".

ارتدادات منتظرة داخليًا وخارجيًا

يرى مراقبون في فيينا أن البيان قد يتسبب في توتر دائم مع الحكومة الإسرائيلية، ما قد ينعكس على التنسيق الثنائي، خاصة في الملفات الأمنية والتجارية. في المقابل، يعتبر آخرون أن النمسا ربما أعادت تموضعها داخل محور أوروبي أكثر توازنًا، يضم دولًا مثل فرنسا وبلجيكا وإيرلندا.

وعلق دبلوماسي عربي في فيينا لـ"الشروق" على هذا التطور قائلًا: "ما حدث يعكس تحولًا دقيقًا وملموسًا في أسلوب التعبير السياسي النمساوي، وأن خطاب وزيرة الخارجية بياته ماينل رايسنجر يتناغم مع المزاج الحقوقي الأوروبي، مع الحفاظ على توازن دقيق في العلاقة مع إسرائيل"، مشيرًا إلى أن "التحدي المقبل للوزيرة والتيار الأوروبي الذي تمثله يتمثل في إدارة هذا التوازن".

وأضاف الدبلوماسي العربي – الذي رفض الكشف عن هويته – أن في بلد يضع أمن إسرائيل ضمن عقيدته السياسية منذ الحرب العالمية الثانية، يُعد توقيع وزيرة الخارجية على بيان ينتقد تل أبيب خطوة استثنائية، بل ربما مفصلية.

وتساءل قائلًا: هل ما نشهده بداية مرحلة جديدة في السياسة الخارجية النمساوية؟ أم أنها ستتلاشى تحت ضغط الحلفاء والغضب الإسرائيلي؟ هذا ما ستكشفه الشهور المقبلة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك