ريم بسيوني: الرواية التاريخية حررتني.. و«سبيل الغارق» تحمل نظرة صوفية للحياة - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 9:38 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ريم بسيوني: الرواية التاريخية حررتني.. و«سبيل الغارق» تحمل نظرة صوفية للحياة

ريم بسيوني
ريم بسيوني
حوار ــ شيماء شناوى:
نشر في: الجمعة 23 أكتوبر 2020 - 8:47 م | آخر تحديث: الجمعة 23 أكتوبر 2020 - 8:47 م

♦♦ هناك ارتباط بين الأسطورة والتاريخ..وأول رواياتى التاريخية كانت عن «فتح الأندلس»

♦♦ للروائى الحق فى كتابة التاريخ وفق منظوره بدون تزييف..و تحرير المرأة جاء بيدها وليس قاسم أمين فقط

♦♦ علينا احترام ذائقة القراء و«البيست سيلر» فى أحيانٍ كثيرة مؤشر صحيح على جودة العمل

بنظرة فلسفية صوفية للحياة، تعود الروائية الدكتورة ريم بسيونى، بأحدث مؤلفاتها «سبيل الغارق»، الصادرة عن دار نهضة مصر، لتستكمل مشوارا إبداعيًا بدأته وهى ابنة سبعة عشر عاما، حين اختارت أن تكتب عن التاريخ، فكانت روايتها الأولى عن طارق بن زياد، وعن «فتح الأندلس»، لكن فقدان مسودة الرواية أفقدها حماس الكتابة التاريخية، فكتبت عن «رائحة البحر»، وحكت قصة «بائع الفستق»، وما حدث لـ«الدكتورة هناء»، مع «الحب على الطريقة العربية»، وتروى «أشياء رائعة»، وتقص حكاية «مرشد سياحي»، أعادت بعده إلى شغف الكتابة التاريخية فتكتب عن «أولاد الناس» وعن «سبيل الغارق».

فى حوارها مع «الشروق»، تتحدث أستاذة اللغويات بالجامعة الأمريكية، والحاصلة على عدة جوائز أدبية، عن روايتها الأحدث «سبيل الغارق» وعن الشاطر حسن، والحضور القوى لأقوال الإمام الغزالى فى الرواية، وتحكى حق الكاتب فى خلق تاريخ موازى لشخصياته التاريخية، وتكشف فحوى رسائل البحار «فرانشيسكو تليدي» إلى السلطان قنصوة الغورى، وما حدث للمصريين فى معركة «ديو البحرية»، وكيف دك الإنجليز مدينة الإسكندرية وغير ذلك الكثير فى السطور التالية:

♦ تشى «سبيل الغارق» أنها رواية عن حقبة المماليك وبعد حين يدرك القارئ أن الأمر مختلف.. حدثينا عن ذلك؟
ــ «سبيل الغارق» رواية تحمل نظرة فلسفية صوفية للحياة، قائمة على فكرة، البحث عن السبيل والرضا والاختيار وتحمل عقباته.. وتأخذ تاريخا متكررا على مدار العصور وهو «تاريخ الهزيمة»، وما الذى تعلمه لنا الهزيمة، وهل يتبعها انتصار أم أن الحياة كلها سلسلة من الهزائم. والرواية تنصف حقبة تاريخية لم يكتب عنها أحد بموضوعية. وهى فترة دخول الإنجليز لمصر وقضية تعليم الفتيات، أما ذكر المماليك فجاء للربط بين فكرة إنشاء قناة السويس واكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح، وموقعة ديو البحرية التى أنهت سيطرتهم.

♦ تبدأ «سبيل الغارق» بحكاية «الشاطر حسن».. لماذا يلجأ الكاتب إلى المزج بين ما هو تراثى وتخيلى؟
ــ لا فرق كبير بين الوقائع التاريخية والأسطورة.. وعندما درسنا فى الكلية تاريخ الإغريق كنا نرى كيف أن الأساطير انعكاس للواقع. وفى الرواية لم أحك قصة «الشاطر حسن وست الحسن»، كما يرويها الناس؛ بل خلقت أسطورتى الشعبية الخاصة عنه، وربطتُ اسمه ووجوده بفترات شهدت تغيرات تاريخية جذرية فى تاريخ مصر. فالشاطر حسن فى ذهن المصريين هو النموذج الأمثل، ولذا جاء الدمج بين الأسطورى والتاريخى فى «سبيل الغارق» أضعاف ما جاء فى «أولاد الناس».

♦ لأقوال الإمام الغزالى حضور قوى فى الرواية.. هل فرضه النص أم هو تأثر بكتاباته؟
ــ يدهشنى تكرر ذلك دون قصد منى، فعندما كتبت «أولاد الناس» استشهدت بأقوال الإمام الشافعى، وأدركت ذلك فيما بعد. وأيضًا وجدتنى فى «سبيل الغارق» استشهد بكتابات الإمام أبوحامد الغزالى. يحدث ذلك دومًا بلا تخطيط؛ فقط أجد تلك العبارات تطوف بذهنى فأتلقفها كهدايا تأتينى بُغتة. ولكنى بالطبع لا أنكر تأثرى الشديد بكتابات هذا الفيلسوف المتصوف. فقد تعرفت به وأنا ابنة السابعة عشرة، وقضيت عمرًا أقرأ مؤلفاته واحدًا بعد الآخر، وأجدنى أستمتع فى كل مرة بطريقة تحليله، وأفهمه بصورة مختلفة، فلديه دائمًا الجديد.

♦ يقال إن الروايات التاريخية أصعب أنواع الكتابة.. ألم تخش حكم القارئ والانتقادات المصاحبة لهذا النوع من الأدب؟
ــ أحب كتابة الروايات التاريخية وأجدها تسير فى خط موازٍ مع تاريخى فى الكتابة؛ فالأمر الذى لا يعرفه كثيرون أنى كتبت أول روياتى وأنا طالبة فى المرحلة الثانوية، وكانت رواية تاريخية؛ تتناول قصة طارق بن زياد، و«فتح الأندلس»، كتبتها فى ثلاث سنوات، وأتممتها فى خمسة دفاتر، ولكنى فقدت واحدا منها فيما بعد وبحثت عنه لسنوات طويلة ولم أعثر عليه أو أستطيع كتابة بديل له. وابتعدت عن الرواية التاريخية وكتبت عوضًا عن ذلك روايات اجتماعية ومعاصر، إلا أن التاريخ ظل حاضرا داخلى بقوة، حتى تصالحنا مع ثلاثية «أولاد الناس»، ولذا فأنا أؤمن بأن الرواية التاريخية حررتنى وأطلقت سراح خيالى.

♦ هل الكاتب مطالب بدقة سرد الأحداث التاريخية للشخصية الروائية التى يتناولها، أم أنه يملك الحق فى خلق تاريخ موازٍ؟
ــ تصنيف العمل الأدبى على أنه «رواية» يعطى الكاتب مساحة أكبر من الحرية والخيال، فهو فى النهاية روائى وليس أستاذ تاريخ. ولكن أيضًا لا يجوز له تزييف حدث تاريخي؛ كأن يكتُب عن معركة خاسرة أنها انتصار مبين، أو أن يكتب عن حاكم طاغٍ أنه سلطان عادل. له أن يكتب من منظوره الشخصى ورؤيته للأحداث دون تزييف، فهذا احترام للتاريخ وللقارئ ولمصداقية الكاتب. ففى «أولاد الناس» بنيتُ انتصارى لحقبة المماليك، وكيف أنها كانت آخر العصور الذهبية للإسلام، والعمارة المملوكية، وفقًا لمصادر تاريخية، وكذلك فى «سبيل الغارق»، كتبت عن ثورة عرابى والاحتلال الإنجليزى وقذف مدينة الإسكندرية، وفق مصادر تاريخية بالعربية والإنجليزية والإيطالية والأمريكية، وعرضت فيها آراء المصريين حينها وكيف تفاعلوا مع الحدث ما بين من بارك الثورة ومن سخط.

♦ الرواية تتضمن رسائل من البحار «فرانشيسكو تليدي» وهو شخصية حقيقية إلى «الشاطر حسن»، وهو شخصية أسطورية.. كيف حدث ذلك؟
ــ تاجر البندقية «فرانشيسكو تليدى» شخصية حقيقية عاش فى عصر السلطان قنصوة الغورى، فى أوائل القرن السادس عشر، وذهب إليه برسائل واقتراحات لينقذ مصر والبندقية من البرتغاليين، بعدما كسدت التجارة إثر اكتشاف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح، والهجوم على البحر الأحمر «بحر القلزم» والبحر المتوسط، وطالبه بحفر قناة تربط البحر الأحمر بنهر النيل وتختصر الطريق على السفن فتعود السيطرة لمصر، وهى رسائل موجودة بالفعل ولم تزل مصدر دراسات وأبحاث. وقد استوحيت من هذه القصة الحقيقية حكاية رسائل فرانشيسكو تليدى الخيالية للشاطر حسن.

♦ نساء رواياتك دائمًا متمردات.. هل تعنين ذلك من البداية أم الشخصية تفرض نفسها؟
ــ الصفة العامة للنساء المصريات هى القوة، وحتى التأقلم والتعايش مع ظروفها الصعبة هو قوة. والست المصرية أيًا كان مستواها الاجتماعى صاحبة قوة وبأس شديد وتملك قدرة كبيرة على الصبر. والتمرد ليس صفة سيئة كما يشاع، ففى «سبيل الغارق» كان تمرد جليلة ثابت «البطلة» أمرا محمودا، تمرد من أجل الحلم بتعليم الفتيات فى وقت كان المجتمع يرى تعليمهن نوع من العار وضد الدين والشرف، وهى نفسها عانت من الاضطهاد، رغم أنها دخلت المدرسة دون رغبتها وبحيلة من أسرة الخديوى إسماعيل.

تمردت لأنها فهمت قيمة التعلم وقررت أن تعلمه لغيرها، وكانت شرارة أولى تبعتها وفى المدرسة ذاتها نبوية موسى ــ أول فتاة مصرية تحصل على شهادة البكالوريا، وغيرهن من مصريات قويات تحملّن وضحَّين بالكثير فى سبيل حصول المرأة على حقوقها، لذا اتعجب ممن يرى أن تحرير المرأة جاء على يد قاسم أمين وليس على يد المرأة نفسها.

♦ ما أصعب محطاتك مع «سبيل الغارق» وما الذى أثار دهشتك أثناء البحث؟
ــ أصعب محطات الرواية هو السرد.. والتركيبة اللغوية التى اختارتها للكتابة عن فترة المماليك ثم الاحتلال البريطانى، ومحاولة جعل القارئ يشاهد العلاقة بين معركة «ديو البحرية، وقناة السويس، ودخول الإنجليز مصر»، وما آثار دهشتى هو العثور على تفاصيل حياة المصريين فى المصادر الأجنبية أكثر من المصرية، حتى إن ما كتبته فى الرواية عن عائلة الأباظية، وانقسامها خلال ثورة عرابى كان مصدره جريدة بريطانية.

♦ كتبت فى «سبيل الغارق»: «توخ الحذر وأنت تصنع الطرق حتى لا تهلك». ما الذى تخافه ريم بسيونى.. ومما يجب أن يخاف الكاتب؟
ــ أتوخى الحذر من كتابة ما لا أريده، وأن أكتب ما يحتاجه القارئ. وأخاف أن أكون غير صادقة مع نفسى لأن القارئ سيكتشف ذلك، لذا أريد أن أكتب فقط فى الوقت الذى أرغب فى الكتابة وليس لأنه مطلوب منى الكتابة.

♦ مؤلفاتك تشى بخلفية معرفية واسعة من أين اكتسبتيها؟.. وكيف تقوم بعملية البحث قبل الكتابة؟
ــ ارتباطى بالقراءة جاء منذ الطفولة وكان الذهاب إلى المكتبة لشراء الكتب هو السبب الحقيقى لسعادتى، وفى البيت كنا نملك مكتبة عامرة، فضلًا عن تتشجيع أبى وأمى إلى الدرجة التى جعلت والدى يشترى لى الموسوعة البريطانية كاملة، ثم امتد شغفى بالكتب من خلال مكتبة الجامعة والمكتبات العامة، ثم أثناء دراستى فى علم اللغة الاجتماعى، وكذلك سفرى للدراسة فى الخارج على طرق جديدة للدراسة والبحث.

♦ هل تتابعين ردود الأفعال حول أعمالك؟
ــ أتابع كل ما يكتب عن كتبى، وأرى أن المجموعات والصفحات الثقافية عبر مواقع التواصل الاجتماعى شجعت الناس على القراءة، رغم أنها فى أحيانًا كثيرة تحدد ذوق القارئ.

♦ برأيك هل تقدم ظاهرة «البيست سيلر» تقييما حقيقيا للأعمال الجيدة؟
ــ فى أحيانٍ كثيرة تكون مؤشرا صحيحا.. وعلينا احترام ذائقة القراء، فيما يختارون من كتب تستمر بالفعل لمدة طويلة، ومعرفة ما الجديد الذى جعل هؤلاء القراء يفضلون هذا النوع من الكتابات عن ذاك.

♦ أين وصلت خطوات تحويل رواية «أولاد الناس» كعمل درامي؟
ــ نستعد لتصوير المسلسل التلفزيونى قريبًا، وبالفعل تم التواصل بين شركة الإنتاج والكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد، ليصبح شريكًا فى العمل، وقد رحب بالمشاركة، مشيرًا إلى أنه قرأ الرواية من قبل ونالت إعجابه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك