دول شرق المتوسط تعثر على أحلامها الكبيرة فى الطاقة - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:53 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دول شرق المتوسط تعثر على أحلامها الكبيرة فى الطاقة

خريطة توضح الدول المطلة على البحر المتوسط
خريطة توضح الدول المطلة على البحر المتوسط
إعداد ــ أحمد محمود:
نشر في: الأربعاء 23 ديسمبر 2015 - 10:53 ص | آخر تحديث: الأربعاء 23 ديسمبر 2015 - 10:53 ص

نتنياهو: تصدير الغاز لمصر والأردن يصب فى مصلحة إسرائيل

نائب بالبرلمان الأردنى يقسم بالعودة إلى «ركوب الحمير» قبل استيراد الغاز من إسرائيل
فورين بوليسى

هناك سباق على تطوير حقول الغاز فى شرق المتوسط، لكن اكتشافات الطاقة الكبرى غالبا ما تغذى الصراع كما تغذى السلام.

تحاول إسرائيل وبلدان أخرى تحيط بشرق المتوسط الشروع فى تطوير مخزونها من الطاقة المحتمل أن يكون ضخما، لكن هذه الدفعة قد تجلب قدرا من المكاسب أقل من التى كانت تعد بها الحكومات من القدس إلى القاهرة.

مشروعات الغاز الطبيعى مؤجلة فى إسرائيل ولبنان وقبرص لأكثر من عام، لكن الاكتشاف الذى تم فى الصيف الماضى فى حقل غاز ظهر قبالة الساحل المصرى يجعل القادة من أنحاء المنطقة مبهورين برؤى عظمة الطاقة.

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلى بنجامين نتنياهو الكنيست هذا الأسبوع أن تطوير حقوق الغاز البحرية مهم لأمن البلاد وبقائها. ويرى الزعماء فى قبرص، بدافع من وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، الغاز الطبيعى على أنه محفز لتوحيد الجزيرة المقسمة. وتأمل مصر أن يحررها غازها الطبيعى من الحاجة إلى استيراد أى غاز من إسرائيل ويجعلها من جديد مكتفية ذاتيا بالغاز.

وقالت منى سكرية المؤسس المشارك لرؤى الشرق الأوسط الاستراتيجية لاستشارات الطاقة فى بيروت: «ذلك هو أثر ظهر، وهو يحرك الاهتمام فى أنحاء المنطقة».

وعلى الرغم من ذلك، الواقع هو أن التكالب على موارد الطاقة، خاصة فى ذلك الجزء من العالم، يغذى الاحتكاك بقدر ما يغذى الانسجام. فقد أوشكت قبرص وتركيا على الاشتباك بشأن احتياطيات الطاقة. ومازالت مصر وإسرائيل تتعاركان على الغاز الطبيعى الذى كانت مصر تصدره للدولة اليهودية. إذ ترفض مصر حتى الآن دفع 1,8 مليار دولار قضت بها تسوية التحكيم لوقفها صادرات الطاقة. كما أن توقع استيراد الغاز من إسرائيل نفسه أزعج أردنيين كثيرين. وأقسم أحد أعضاء البرلمان الأردنى بأن يعود إلى «ركوب الحمير» قبل استيراد الغاز من إسرائيل.

الأمر الآخر الذى يعقِد جهود المنطقة لاستغلال ثروات الطاقة فيها هو سوق الغاز الضعيفة. فأسعار النفط والغاز الطبيعى منخفضة جدا، الأمر الذى يجعل التطوير باهظ التكلفة أقل جاذبية. كما أن الطلب المنكمش والعرض الوفير يجعل الصورة غير واضحة بالنسبة لبلدان كإسرائيل وقبرص التى تأمل فى أن تصبح مصدرة كبيرة للغاز.

وقالت بريندا شافر، الخبيرة فى طاقة المتوسط بجامعة جورجتاون: «فى البحر المتوسط، نتصرف على نحو معكوس ـ فنحن نبدأ بحساب كل الأرباح الجيوبوليتيكية الممكنة ولا نفكر فى السوق الفعلية. من الذى يريد الغاز؟ هل هناك طلب؟»

فى محاولة لتمرير مشروع الغاز الطبيعى المثير للجدل قبالة الساحل الإسرائيلى، أبلغ نتنياهو أعضاء البرلمان الأسبوع قبل الماضى، أنه لابد من استكمال المشروع على الرغم من أن مسئولى مكافحة الاحتكار فى البلاد حاولوا وقف تدفق الغاز من الحقل قبل عام بسبب مخاوف المنافسة.

وأبرز رئيس الوزراء الفوائد الجيوبوليتيكية التى يمكن أن يحققها إنتاج الغاز وتصديره للبلاد، واصفا المشروع بأنه «ضرورى لمستقبل إسرائيل». وقال إن تصدير الغاز لبلدان كمصر والأردن سوف تكون له عائدات اقتصادية وأمنية.

وأبلغ نتنياهو لجنة الشئون الاقتصادية بالكنيست أنه «بالطبع يضيف إمداد هذين البلدين بالغاز طبقة أخرى من الاستقرار فى مصلحتنا، حتى وإن لم تكن فى مصلحتهما».

إنها مقولة لوح بها مرارا الدبلوماسيون الأمريكيون الذين يتحدثون عن «خطوط أنابيب السلام» أو استخدام روابط الطاقة لتحسين العلاقات بين الدول. ودعا نائب وزير الخارجية تون بلينكن الشهر الماضى أهل شرق المتوسط «أحد أكثر الأضواء سطوعا فى جيوبوليتيكا الطاقة»، مضيفا أن إنتاج الطاقة وتجارتها فى ذلك الجزء من العالم على استعداد لأن تصبح «أداة للتعاون، وللاستقرار، وللأمن، وللقدر الأكبر من الرخاء».

ويعتقد بلينكن وغيره من كبار المسئولين الأمريكيين أن أخبار اكتشافات الغاز الكبيرة قد تكون مهمة بشكل خاص لمستقبل قبرص التى قُسِمت بين اليونان وتركيا لعقود. وقال بلينكن إن اكتشافات الطاقة البحرية خلقت دافعا إضافيا لمحادثات توحيد قبرص. وخلال زيارة كيرى لقبرص فى وقت سابق من الشهر الحالى، قال إنه باستغلال حقول الغاز البحرية، يمكن أن يصبح البلد «مركزا إقليميا للطاقة والتجارة». وربما كان ذلك فيه شىء من المبالغة؛ ذلك أن احتياطيات البلد البحرية من الغاز مجرد جزء مما عُثر عليه قبالة ساحل إسرائيل ومصر.

نادرا ما تكون اكتشافات النفط والغاز الطبيعى الكبيرة مُيَسِرا للسلام. بل إن اكتشافات الطاقة وتجارة الطاقة غالبا ما تفاقم التوترات القديمة بين الجيران، كما حدث مرارا بين روسيا وأوكرانيا، أو روسيا ودول البلطيق. وكما هو حال الصين وفيتنام، دخلت تركيا وقبرص العام الماضى فى مناوشات بحرية بسبب النزاع على مستودعات الطاقة البحرية. والعراق على خلاف مع إقليم كردستان الشمالى بشأن احتياطيات النفط وصادراته.

قال شيفر: «ليست هناك سابقة لفكرة خطوط أنابيت السلام. فلم يُحَل نزاع بسبب جاذبية تجارة النفط والغاز».

الواقع أنه على الرغم من إشادة نتنياهو بتوقعات تصدير الغاز الإسرائيلى للأردن ومصر، فإن توقعات هذه الصفقات، والانسجام الإقليمى، ضئيلة جدا. فمصر لديها محادثات مجمدة بشأن مشتريات الغاز الإسرائيلى فى المستقبل بسبب النزاع التجارى الذى يعتمل بسبب صادرات الغاز المصرى لإسرائيل، بينما قال أعضاء البرلمان الأردنيين ــ المعارضون فى الغالب للاعتماد على الطاقة الإسرائيلية ــ إنه ليست هناك محادثات جارية لشراء الغاز الإسرائيلى.

أبلغ نتنياهو كذلك أعضاء الكنيست أن تحويل إسرائيل إلى مُصَدِر للطاقة سوف يجعل عزل البلدان الأخرى لها اقتصاديا أمرا أكثر صعوبة. كما قال: «القدرة على تصدير الغاز تجعلنا أكثر حصانة ضد الضغط الدولى. نحن لا نريد أن نكون عرضة للمقاطعات».

ليست إسرائيل وحدها فى سباقها لتطوير الحقول البحرية. فعلى الرغم من إغراق العالم بالغاز الطبيعى والأسعار المنخفضة فى الوقت الراهن، تتكالب البلدان فى أنحاء المنطقة لاستغلال اكتشافاتها الكبيرة. إذ تحاول مصر والشركة الإيطالية إينى تسريع التطوير فى حقل ظهر البحرى الذى تقدر قيمته بعشرة مليارات دولار، وتأملان استخدام الغاز ليحل محل أية واردات مستقبلية من إسرائيل. وقد غذى الاكتشاف المصرى الآمال فى قبرص فى أن مياهها يمكن أن تحتوى على كميات من الغاز الطبيعى أكثر مما كان مشكوكا فيه من قبل، ومازال القادة هناك يأملون فى تحويل الجزيرة إلى مركز طاقة إقليمى. بل إن لبنان، الذى أعاق الجمود السياسى احتياطياته البحرية التى يُحتمل أن تكون كبيرة، قد يفتح الباب قريبا للاستثمار الأجنبى بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما قالت سكرية.

تركيا أحد أسباب التفاؤل المستمر. فسعى أنقرة إلى تنويع وارداتها من الطاقة قد تكون بمثابة محفز إضافى لغاز شرق المتوسط، بما فى ذلك التقارب مع إسرائيل وحتى مع قبرص.

وتتطلع تركيا، وهى أحد أكبر مستخدمى الغاز الطبيعى فى أوروبا، إلى تنويع موردى الطاقة لها، حيث تحصل على نحو 60 بالمائة من غازها من روسيا. ومنذ أواخر الشهر الماضى، عندما أسقطت طائرة مقاتلة تركية قاذفة قنابل روسية، تصاعد التوتر بين أنقرة وموسكو، الأمر الذى جعل اتفاقات الطاقة بين البلدين فى خطر حاليا.

وقد وطدت تجارة الطاقة التركية مع كردستان العراق فى السنوات الأخيرة العلاقات مع أربيل، على الرغم من عداء أنقرة التاريخى مع الانفصاليين الأكراد. وقال نتنياهو إن إسرائيل تشارك فى مفاوضات مع تركيا بشأن إمكانية صادرات الغاز الإسرائيلية، وإن كانت أنقرة تقول إن سوف يتعين على إسرائيل إنهاء الحصار على غزة قبل الوصول إلى أى اتفاق. بل يمكن أن يؤدى تعطش تركيا إلى الطاقة إلى التلويح بالسلام بشأن قبرص التى كانت طوال أربعة عقود مقسمة بين جنوب تركى وشمال تدعمه اليونان. لكن محادثات توحيد الجزيرة أحرزت تقدما كبيرا، ومن المرجح التوصل إلى اتفاق مبدئى بحلول الربيع المقبل.

وبما أنه يبدو أن مصر لديها مصادرها الوفيرة من الغاز المحلى، تبحث قبرص عن عملاء جدد، وتركيا ملاصقة لها. وقالت سكرية: «على الورق، قد تكون تركيا المقصد الأكثر منطقية لصادرات الغاز القبرصى، ليس السياسة لا تزال شديدة التعقيد».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك