كتاب جديد عن «عهد الإرهاب» يسأل: هل نجحت أمريكا حقا في حربها على التطرف؟ - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 9:16 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كتاب جديد عن «عهد الإرهاب» يسأل: هل نجحت أمريكا حقا في حربها على التطرف؟

11 سبتمبر
11 سبتمبر
منى غنيم
نشر في: الجمعة 27 أغسطس 2021 - 6:53 م | آخر تحديث: الجمعة 27 أغسطس 2021 - 6:53 م
ــ التعذيب.. والمراقبة الجماعية لبيانات الاتصالات.. وخلق المزيد من الأعداء.. وزيادة عدد اللاجئين فى العالم أهم ثمار الحرب

ــ النزعة القومية ورئاسة دونالد ترامب نتاج غير مقصود لرد أمريكا الفاشل على الإرهاب

ــ سياسات الحرب على الإرهاب منذ 11 سبتمبر تلخصت فى مفهوم بسيط: أى شخص غير أبيض البشرة هو عدو للعم سام

المؤلف: فشل الولايات المتحدة فى الأيام التى تلت 11 سبتمبر فى تحديد عدو معين فى حربها الجديدة هو أكبر خطأ وقعت فيه

قدمت صحيفة «نيويورك تايمز» مراجعة نقدية لكتاب «عهد الإرهاب Reign of Terror» الصادر فى العاشر من أغسطس هذا العام للصحفى الأمريكى، سبنسر أكرمان، والذى يناقش عبره طبيعة وأسباب حرب الولايات المتحدة الأمريكية المزعومة على الإرهاب بدءًا من تبعات أحداث الحادى عشر من سبتمبر وحتى الآن، ويتساءل هل نجحت فى مسعاها حقًا؟

ولقد حاولت العديد من الكتب والدراسات والمقالات الإجابة عن هذا السؤال؛ فلجأ بعضها لتناول مسألة تدمير العراق وسوريا وليبيا واليمن، ولجأ البعض الآخر لتسليط الضوء على تصاعد كراهية الأجانب واليمين المتطرف فى أوروبا، بينما أفردت أخريات صفحاتها للحديث عن الجراح التى ألحقتها الحرب على الإرهاب بالديمقراطية الأمريكية، وسيادة القانون من خلال سياسات مثل تطبيع التعذيب، واستخدام ضربات الطائرات بدون طيار، والمراقبة الجماعية لبيانات الاتصالات والتوسع الهائل فى السلطة الرئاسية.

ويقع الكتاب الجديد لمراسل الأمن القومى ومحرر صحيفة «ديلى بيست»، سبنسر أكرمان، ضمن هذه الفئة الأخيرة؛ حيث يقوم بخلق «سلسلة سببية» تربط أحداث الحادى عشر من سبتمبر باليوم؛ ويكشف أن العديد من المشاكل التى يواجهها الأمريكيون الآن يمكن إرجاعها إلى أحداث ذلك اليوم، ويؤكد أن النزعة القومية ورئاسة دونالد ترامب نتاج غير مقصود لرد أمريكا الفاشل على الإرهاب.

وتتمثل أطروحة الكتاب فى أن العديد من سياسات الحرب على الإرهاب المتباينة التى تم تبنيها على مدار العشرين عامًا الماضية تشترك فى عنصر أساسى؛ فكلها كانت مبنية على وجهة نظر أن أى شخص غير أبيض البشرة هو عدو للعم سام، وأفرد «أكرمان» جزءًا كبيرًا من الكتاب فى وصف كيفية تنفيذ هذه السياسات، وإبراز كيف ساعدت الأخطاء العديدة على طول الطريق فى إنتاج «ظاهرة دونالد ترامب» فى النهاية.

وقد بدأ «عهد الإرهاب» وفقًا للكاتب مع فشل الولايات المتحدة، فى الأيام التى تلت 11 سبتمبر، فى تحديد عدو معين فى حربها الجديدة، وقد تسبب هذا الخطأ، الذى سيستمر لاحقًا خلال إدارات «بوش» و«أوباما» و«ترامب»، فى ضمان أن الصراع اللاحق سوف ينتشر فى جميع أنحاء العالم ويضمن استمراره إلى أجل غير مسمى، أو كما يصف «أكرمان»: «بعد أن تخلوا عن مفهوم الحرب ضد منظمة إرهابية معينة، لن يتمكن الأمريكيون أبدًا من الاتفاق على متى يمكن الفوز بها. إذا كانت هناك لحظة كانت الحرب محكوما عليها بالفشل من الناحية المفاهيمية».

وعلى الرغم من وقوع أمريكا فى هذا الخطأ، يرى «أكرمان» أنه كان أمام الولايات المتحدة الكثير من الفرص ــ مثل مقتل أسامة بن لادن فى عام 2011 ــ لإعلان النصر وإعادة قواتها إلى الوطن. لكن «بوش» وخلفاءه بددوا هذه الفرص؛ فهم أيضًا، وفقًا لأكرمان، استمروا فى تكرار خطأ مفاهيمى آخر: لقد فشلوا فى إدراك كيف سترتد أفعال الولايات المتحدة فى الخارج حتمًا، مما ينتج عنه المزيد من الأعداء للبلاد.

ولكن كيف أدت هذه السلسلة من العثرات إلى انتخاب «ترامب» فى عام 2016؟ للإجابة عن هذا السؤال يقترح «أكرمان» أن الطبيعة الطاحنة للحرب وعدم قدرة البلاد على الفوز بها عززت الشعور الشديد بالظلم بين الناخبين الأمريكيين الذى كان ترامب سيتذرع به بشكل كبير.

وبالطبع، لم يكن أنصار «ترامب» مجرد ناخبين أمريكيين ــ لقد كانوا من بيض البشرة بأغلبية ساحقة، وهنا يأتى دور الحضارة؛ حيث يرى «أكرمان» أن سنوات عديدة من «الصور المقبولة اجتماعيا للمسلمين» ــ وغير البيض بشكل عام ــ «كتهديد لأمريكا وأوروبا» أنتجت عددًا كبيرًا من الأمريكيين «الذين آمنوا بأن الإسلام يهدد الحضارة الغربية»، وأن جميع المهاجرين، وحتى الأمريكيين غير البيض، هم الأعداء؛ ومن ثمّ دفعت هذه المشاعر الناخبين إلى أحضان «ترامب» الذى يكره الأجانب ولا يتورّع عن التصريح بذلك.

وقد ساعدت الحرب الطويلة «ترامب» وأتباعه؛ فبمجرد توليهم المنصب، تمكنوا من إلحاق الكثير من الضرر بالمجتمع الأمريكى والعالمى؛ لأن الصراع قد «أدى بالفعل إلى تآكل الدرع القانونى والسياسى والثقافى والاقتصادى» الذى كان يحمى الديمقراطية الأمريكية سابقًا.

كما يسرد «أكرمان» عبر الكتاب سلسلة الأخطاء الفظيعة التى ارتكبتها الولايات المتحدة فى الحرب على الإرهاب، ومنها:
ردا على أحداث الحادى عشر من سبتمبر، قامت أمريكا بغزو واحتلال دولتين، وقصفت أربع دول أخرى لسنوات، وقتلت الكثيرين، وأرعبت ملايين آخرين، وعذبت المئات، واعتقلت الآلاف، وأنفقت ما يصل إلى 6 تريليونات دولار على عملياتها، واحتفظت لنفسها بالحق لإنشاء شبكة مراقبة عالمية، والتخلص من قدامى المحاربين، وجعلت الهجرة جريمة، وأعلنت أن معظم أفعالها إما قانونية أو دستورية، مما أسفر فى النهاية عن وجود ما لا يقل عن 21 مليون لاجئ.

وقد ذكرت الصحيفة بعض الجوانب السلبية فى الكتاب؛ مثل: إغفال الكتاب عن ذكر السياسات السابقة المعادية للمسلمين التى أدت للحرب على العراق، وأعطت لأمريكا العديد من «الضمانات الدولية» التى لا تستحقها، كما أنه يفتقر إلى مناقشة كيف كان ينبغى للولايات المتحدة أن ترد على القاعدة، وهجمات 11 سبتمبر وتهديد التطرف العنيف، علاوة على ذلك، فإن «أكرمان» لا يعطى القراء أى فكرة عن كيفية إدارة الحرب على الإرهاب بالضبط خاصة مع إدارة «بايدن» الحالية واشتعال الأوضاع فى أفغانستان، أو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تحمى نفسها بشكل أفضل من المخاطر.

كما أن نبرة الكتاب مليئة بالغضب والسخرية، وهو الأمر الذى قد يرضى القراء الذين يشعرون بالفعل بنفس الطريقة تمامًا مثل أكرمان، ومن المحتمل أن ينفر أولئك الذين لا يشعرون بذلك؛ فكل هذا الازدراء يصرف الانتباه عن العديد من النقاط المهمة فى الكتاب، ويحوله إلى تجسيد يسارى لكل استقطاب حدث خلال رئاسة «ترامب»، بدلا من دحض تلك الحقبة.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك