لماذا يقدم المرء على دفع الكثير مقابل الحصول على أغراض تعيده للماضي وتشبع حنينه إليه؟ - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 12:11 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا يقدم المرء على دفع الكثير مقابل الحصول على أغراض تعيده للماضي وتشبع حنينه إليه؟

لوس أنجلوس (د ب أ
نشر في: الأربعاء 27 سبتمبر 2023 - 11:40 ص | آخر تحديث: الأربعاء 27 سبتمبر 2023 - 11:40 ص

تصف كريستينا مارتن نفسها بأنها كانت "طفلة غريبة" تنجذب إلى كل ما هو خيالي. وبينما كانت في المدرسة الابتدائية، كانت تحب الألوان الزاهية والحيوانات غريبة الأطوار، التي كانت تقدمها الفنانة الرائدة، ليزا فرانك، بحسب ما أوردته صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الامريكية.

ولكن بينما كان زملاء مارتن في الفصل يحملون مجلدات تضم على غلافها شخصيات شهيرة من أعمال الفنانة ليزا فرانك، لم تكن والدتها قادرة على شراء أي منها لها.

وفي نهاية الأمر، قامت إحدى صديقات مارتن بإعطائها أغراض خاصة بليزا فرانك، عندما حصلت هي على أغراض أخرى جديدة.

لذلك، فبعد مرور نحو 30 عاما، وعندما شاهدت مارتن /التي تبلغ من العمر حاليا 40 عاما/ إعلانا على صفحة ليزا فرانك على موقع فيسبوك يروج لأحذية كروكس المرنة، أدركت أنها يجب أن تحصل عليها، وذلك على الرغم من أنها كانت قد تعهدت من قبل بأنها لن ترتدي هذا الحذاء المطاطي ذو الشكل المستدير أبدا. واشترته لها أختها كهدية في عيد ميلادها، فصارت ترتديه كل يوم منذ أن حصلت عليه.

وقالت مارتن، وهي واحدة من سكان منطقة روزاموند في ولاية كاليفورنيا الامريكية، وهي تضحك: "إنه أمر سخيف للغاية، فرغم أنه مجرد حذاء، يعد المثير في الامر هو الحنين إلى الماضي.. وبهذه الطريقة يتمكنون من السيطرة عليك."

وبذلك، يشعر المرء بأن حقبة تسعينيات القرن الماضي قد عادت من جديد، وأن العلامات التجارية التي كان جيل الألفية يعشقها عندما كانوا أطفالا أو شبابا، تعتمد الآن على عملائها القدامى الذين يرغبون في استعادة ذكريات فترة طفولتهم.

وتشير صحيفة "لوس أنجليس تايمز" إلى أنه بالإضافة إلى الشراكة بين ليزا فرانك وشركتي "كروكس" و"بليند جيت" للخلاطات، فهي تتعاون أيضا مع شركة "بوش بينات" المتخصصة في صناعة ملابس الأطفال، والتي تتخذ من جلينديل مقرا لها، حيث تقوم بإنتاج ملابس الرضع والاطفال وغيرها من المنتجات المرغوب فيها بشدة، والتي يتم بيعها عبر الإنترنت في غضون أقل من ساعة.

وعلى الرغم من أن هذه العلامات التجارية تحاول الاستفادة من حماسة "الجيل زد" لكل ما يتعلق بالتسعينيات، فإنها تحاول أيضا بوضوح إعادة إشراك قاعدة عملائها الأصلية، و"تنمية" منتجاتها لجعل عملية الشراء أسهل قليلا في البيع.

وقالت دانييل سبوندر تيستا، وهي أستاذة مساعدة في شؤون الموضة والازياء بجامعة ولاية أريزونا: "يبدو الأمر كما لو أن المرء يحاول أن يعيش تفاصيل حنينه إلى الماضي ولكن في الوقت الحالي، وذلك سواء كان من خلاله أو من خلال طفله... من منا لا يحب أن يرى القطيطات ذات الألوان المبهجة أو الجراء الصغيرة على الأغراض الخاصة بأطفاله، ولا سيما في الأوقات العصيبة (التي نمر بها بين الحين والاخر)؟".

وتشير الصحيفة الامريكية إلى أن تسويق الحنين إلى الماضي ليس جديدا، إلا أن عودة تسعينيات القرن الماضي تأتي في وقت يتسم بالتوتر بشكل خاص في أمريكا. ويقول خبراء التسويق إن الضغوط المتمثلة في تفشي جائحة فيروس كورونا، والصراعات السياسية، وحالة عدم اليقين الاقتصادي، هي كلها أمور تؤثر بشكل كبير على المستهلكين، ومن الممكن أن تشجع على تطلع المرء إلى أن يحظى بوقت أكثر بساطة.

ومن جانبها، قالت جانين لاساليتا، وهي أستاذة مشاركة في جامعة يشيفا، تدرس تأثير الحنين إلى الماضي على سلوك المستهلك: "على مدار الأعوام العشر إلى الخمس عشرة الماضية، كان هناك الكثير من عدم الاستقرار في العالم"، موضحة أن المنتجات التي تعيد المرء مجددا إلى مرحلة الطفولة "قد تكون جذابة بالفعل بالنسبة للآباء الجدد، لأنها تجلب هذا الشعور بالاستقرار والثبات والأصالة والتواصل الاجتماعي". وتتساءل قائلة: "لماذا لا يرغب المرء في مشاركة هذه الأشياء التي تجلب له هذه الأنواع من المشاعر مع طفله؟".

وبالنسبة لـ ليلي روز /35 عاما/، فإنه بعد وقت قصير من اكتشافها أنها حامل، بدأت في مشاهدة إعلانات على موقع "إنستجرام"، لملابس أطفال ليزا فرانك التي تحمل العلامة التجارية الخاصة بـ "بوش بينات". وقد شعرت بسعادة غامرة.

وقد أعادتها الأنماط الزاهية الجذابة للحنين إلى أيام دراستها الابتدائية، عندما كانت هي ووالدتها وشقيقتاها، يتسوقون من أجل شراء اللوازم المدرسية، ويقومون بشراء الملصقات والمجلدات والدفاتر، التي كانت كلها مزينة بتصميمات قوس قزح الخاصة بليزا فرانك.

وقد تقلص حجم إمبراطورية ليزا فرانك التجارية التي تتخذ من مدينة توسان في ولاية أريزونا الامريكية مقرا لها، بشكل كبير بالمقارنة مع الذروة التي وصلت إليها، بسبب مشاكل شخصية وتجارية.

وأضافت روز بعض ملابس الأطفال الخاصة بليزا فرانك إلى قائمة رغبات المشتريات الخاصة بطفلها الجديد، ولكنها بيعت قبل أن يتمكن أي شخص من شراء أي منها.

وتقول روز، وهي من سكان منطقة وودلاند هيلز: "ما زلت أتحقق من وقت لآخر لأرى إذا كان هناك أي شيء قد عاد مرة أخرى إلى المخزون... إنها (أغراض) تذكرني بوقت أكثر بساطة، مثل فترة طفولتي، وأوقات المرح، والأوقات السعيدة. إنها مجرد طريقة لجلب هذا النوع من الحنين إلى ابنتي الصغيرة، هو أمر مثير بالنسبة لي."

جدير بالذكر أنه من الممكن أن تتسبب مشاعر الحنين أيضا في دفع المستهلكين إلى دفع المزيد في المنتج، أكثر مما يدفعونه عادة.

وفي البحث الخاص بلاساليتا، رأت أنه عندما يشعر الأشخاص بالحنين إلى الماضي، فإنهم لا يهتمون كثيرا بالمال المدفوع، بل يكون الامر المهم بالنسبة لهم هو مجرد الحصول على قطعة تعيدهم إلى ذكريات الماضي.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك