العودة إلى موكا.. استعادة أمجاد البن اليمني حلم يراود اليمنيين رغم تبعات الحرب - بوابة الشروق
الخميس 8 مايو 2025 1:40 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

العودة إلى موكا.. استعادة أمجاد البن اليمني حلم يراود اليمنيين رغم تبعات الحرب

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الأربعاء 30 أغسطس 2023 - 1:24 م | آخر تحديث: الأربعاء 30 أغسطس 2023 - 1:24 م

بعد أن تعلم صناعتها في أحد مقاهي مدينة جدة الراقية في المملكة العربية السعودية، وأتقنها، يكافح الشاب اليمني عبد الرحمن البريهي من أجل إحياء صناعة القهوة في بلده، الذي شغلت أهله سنوات الحرب عن رشفات ذلك المشروب في أزقة المدن العتيقة والمقاهي التاريخية.

بدأ البريهي مشروع إعداد القهوة في كشك صغير على رصيف أحد شوارع مدينة مأرب، وسط اليمن، أملا في أن يساهم ذلك المشروع في تحسين وضعه وأسرته المادي، حيث يستخدم أجود أنواع البن اليمني ويقدم مجموعة متنوعة من المشروبات الساخنة والباردة الممزوجة جميعها مع البن بنكهة القهوة اليمنية العتيقة.

"أطمح أن يكبر مشروعي ويتعدد في محافظات اليمن الرئيسية، وأن أقدم القهوة اليمنية إلى العالم"، يقول البريهي، الذي يعتقد أن القهوة اليمنية من أفضل أنواع القهوة في العالم، رغم إيمانه بأن اليمنيين "لم يبرعوا في صناعتها بأشكالها الحديثة".

والقهوة في اليمن نوع واحد؛ لكن تسميتها ومذاقها يختلفان بحسب نوعية تحميص البن، لترضي الأذواق المختلفة للزبائن، بحسب البريهي، الذي يقدم لزبائنه القهوة بمسميات ونوعيات مختلفة، مثل الكابتشينو والقهوة التركية والأمريكانو والقهوة الفرنسية والاسبريسو والقهوة اليمنية الحمراء والخالية من الإضافات غير البن والزنجبيل.

* صعوبات وتحديات

غير أنه، كغيره من صناع القهوة، يواجه العديد من التحديات في مشروعه، ومنها عدم توفر المواد الخام اللازمة لإعداد القهوة، والتي يضطر لاستيرادها من خارج اليمن، إضافة إلى ارتفاع أسعار تلك المواد، بما في ذلك البن والسكر والحليب، بسبب الحرب في البلاد.

وبحسب البريهي، فإن الحرب أدت أيضا إلى ارتفاع أسعار المشروبات التي يقدمها، مما حد من الإقبال عليها، "حيث إن أولويات المواطنين لم تعد القهوة التي تعتبر من الكماليات الغير مهمة في قائمة الأولويات المعيشية".

ويمثل حلم عبد الرحمن قصة أمل في إعادة إحياء صناعة القهوة في اليمن. غير أن تحقيق هذا الحلم يتطلب جهودا كبيرة من الحكومة والمجتمع المدني لتوفير الدعم اللازم للمزارعين وصناع القهوة اليمنيين.

وفي تصريح خاص لوكالة أنباء العالم العربي (AWP)، أكد عبده حميد السروري، مدير عام العلاقات والتعاون الدولي بوزارة الزراعة في الحكومة المعترف بها دوليا، أن الوزارة تولي اهتماما كبيرا بدعم زراعة البن في جميع المحافظات والمناطق اليمنية التي تزرعه، بما في ذلك يافع وشبوة وتعز وحراز والحديدة.

وأوضح أن الوزارة دعمت في بداية هذا العام 10 مشاتل لتجهيز شتلات البن اليافعي بدعم من الصندوق الزراعي التابع لها، قائلا إن هذا الدعم "يأتي حرصا من وزارة الزراعة على التنمية الزراعية المستدامة ودعم محاصيل البن وزراعته".

وأكد أن الوزارة تعمل أيضا من أجل الحصول على الدعم من جهات مثل منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة، والتي عقدت ورشة عامة لتدشين البن في اليمن بشكل عام في يوليو تموز من هذا العام.

أشار السروري أيضا إلى أن وزير الزراعة والري والثروة السمكية سالم السقطري أكد على زراعة البن بالطريقة الحديثة، من أجل الحصول على جودة المنتج، مضيفا أن الوزارة تسعى إلى إنشاء مركز وطني لزراعة البن "سيحدث نقلة نوعية في تطوير وإنتاج وتحسين جودة البن اليمني".

وأوضح أن الاهتمام الحكومي يتركز حاليا على تحديد الأصناف المرغوبة محليا وعالميا، وتحديد سلالة كل صنف والوسائل الخاصة بالحداثة لزراعته، وفترة زراعته إلى إنتاجه وحصاده.

وتابع "كما سيتم منح رقم لكل عينة من هذه الأصناف بعد حصادها، ليتم تحديدها عالميا من خلال العرض السنوي الدولي، مع تعيين مختصين لصناعة قهوة البن (باريستا)، بحيث يكونوا مختصين في تحضير الخلطات الخاصة بكل نوع من أنواع القهوة".

* أثر الحرب

من جهته، قال عبد الكريم الحمادي، رئيس جمعية بني سنان للتعاون الزراعية، المنتجة للبن في منطقة بني حماد، في تصريح خاص لوكالة أنباء العالم العربي إن الحرب أثرت على زراعة البن "بعدة طرق وأشكال وكادت أن تقضي عليه".

وتزرع أجود أنواع البن اليمني في بني حماد، الواقعة في محافظة تعز، جنوب غرب البلاد.

وأوضح أن إغلاق الطرق والمنافذ البرية والبحرية بين تعز والمحافظات الأخرى والدول المجاورة أثر بشكل كبير على عملية تسويق البن وتجارته "مما قلل من أهمية البن وعمل على ركود منتج البن في السوق الداخلية لتعز، وهذا أثر كثيرا على المزارعين".

وأضاف أن هناك مزارعين توجهوا إلى زراعة القات بدلا من البن "حيث إن القات شجرة تنتج كل شهرين، وذات مردود آني وأكبر للمزارعين في المرحلة التي تمر بها البلاد حاليا من حرب وفقر".

وذكر أن الجمعية كانت تستهدف زراعة مليون شجرة بن في محافظة تعز من عام 2019 حتى عام 2025، لكن ما تمت زراعة إلى الآن وصل إلى نحو 800 شجرة فقط في مديريات مختلفة من مدينة تعز بسبب عدم وجود دعم.

* حلم العودة إلى موكا

الجمعية، التي تعمل تحت شعار (العودة إلى موكا)، تسعى من جانبها إلى جمع البن الذي ينتجه مزارعو تعز وتسويقه، فضلا عن تدريب المزارعين وتأهيلهم لاستخدام الطرق الصحيحة لجني البن "كونها العملية الفارقة في جودة البن وتحديد أسعاره" بحسب الحمادي.

واعتبر رئيس جمعية بني سنان أن تلك الجهود حققت حركة في سوق البن باليمن، وأدت إلى عودة اهتمام بعض المزارعين به، حيث ارتفعت أسعار البن في تعز من 3000 ريال يمني إلى عشرة آلاف ريال للكيلوغرام الواحد "مما حسن من دخل المزارع وشجعه على الاهتمام بزراعة البن".

أشار الحمادي أيضا إلى افتتاح شركات لتصدير البن والمتاجرة فيه، وافتتاح مقاه، فضلا عن "حصول البن اليمني بعدة مؤتمرات علي أفضلية لما يتميز به من الجودة... كل ذلك يشجع المزارعين وتجار البن على زيادة أعمالهم واتساع مشاريعهم".

إلا أن طموح الشباب اليمني في إعادة مجد البن والقهوة اليمنية إلى الواجهة من جديد، على الرغم من الحرب والمعوّقات، يواجه تحديات في زراعته وإنتاجه، لأسباب كثيرة من بينها تغيرات المناخ أيضا.

وبحسب وزارة الزراعة اليمنية، فإن زراعة أشجار البن اليمني تنتشر في 15 محافظة من أصل 22، فيما يعتمد ما يقارب المليون نسمة في البلاد على البن، بدءا من الزراعة وحتى التصدير، مرورا بتجارته المحلية وصناعة القهوة.

وأشهر مناطق زراعة البن في اليمن، بحسب وزارة الزراعة، هي صنعاء وعمران والضالع وحجة والمحويت ولحج والحديدة وإب وتعز، التي تعد أقدم المحافظات اليمنية في تصدير البن عبر ميناء المخاء، حيث عرف عالميا باسم (موكا كوفي).

وشهد إنتاج البن ومساحة زراعته في اليمن تراجعا كبيرا بلغ حوالي ألف طن بفعل الحرب الدائرة في البلاد منذ أكثر من ثماني سنوات، حيث يشير الإحصاء الزراعي لعام 2017 إلى أن إجمالي الإنتاج بلغ 18.767 طن من مساحة 33.455 هكتار في اليمن.

في المقابل، أنتج اليمن خلال عام 2012 ما يقدر بنحو 19.882 طن بمساحة زراعية كانت تبلغ 34.987 هكتار، بحسب إحصاءات وزارة الزراعة، قبل الحرب والانقسام الإداري لوزارات الدولة بين صنعاء وعدن.

ويشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للزراعة (الفاو) نُشر أواخر العام الماضي إلى أن هناك 60% من إمكانية التصدير للبن اليمني إلى الخارج غير مستغلة.

(الدولار الأمريكي = 1404 ريالات يمنية بسعر البنك الرسمي)



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك