المرأة فى العملية التشريعية فى البلدان العربية - قضايا المرأة - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 2:13 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرأة فى العملية التشريعية فى البلدان العربية

نشر فى : الإثنين 1 مايو 2017 - 9:50 م | آخر تحديث : الإثنين 1 مايو 2017 - 9:50 م

نشر موقع صدى كارنيجى مقالا لـ«مروى شلبى» ــ مديرة حقوق المرأة فى برنامج الشرق الأوسط فى معهد بايكرــ و«ليلى الإمام» ــ مساعدة بحثية فى شئون حقوق المرأة فى البرنامج نفسه ــ يتحدثان فيه عن وضع المرأة فى البرلمانات العربية وخاصة فى الجزائر وتونس والمغرب؛ فلاتزال المرأة تواجه تحدّيات تعترض وصولها إلى أعلى مراتب السلطة السياسية، بل وتحول أيضا دون أدائها دورا أكثر أهمية فى آلية صنع السياسات.
تبدأ الباحثتان المقال بالحديث عن تنظيم الجزائر، فى الرابع من مايو المقبل، انتخاباتها التشريعية الثانية منذ تخصيص «كوتا» للنساء فى العام 2012؛ حيث يترقّب كثرٌ مسار الأمور لمعرفة ما إذا كانت المرأة فى المجلس النيابى ستتمكّن من الاضطلاع بدور أكثر محورية فى الميدان السياسى. يُشار فى هذا الصدد إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت، خلال العقد المنصرم، زيادة مطّردة، ولو بطيئة، فى حضور المرأة فى الهيئات التشريعية. فى حين أن المباشرة بتطبيق آليات الـ«كوتا» فى عدد كبير من البلدان العربية ــ لا سيما الجزائر والمغرب وتونس ــ أفسحت المجال أمام زيادة مستويات تمثيل المرأة، لكن يبدو أنه ليس لهذه الآليات تأثيرٌ فورى كبير على تعيين النساء فى لجان تشريعية نافذة فى البرلمانات العربية. فحتى بعد دخول المرأة إلى المضمار السياسى، يتواصل تهميشها فى الهيئات التى تشهد مداولات ومساومات مهمة فى السياسات.
يشتمل عمل اللجان على المداولات الأهم فى مجال إعداد القوانين فى الهيئة التشريعية، ويرتدى التعيين فى هذه اللجان أهمية أساسية بالنسبة إلى النواب من رجال ونساء، لأنه يساهم فى تطوّر مسيرتهم المهنية وفى تعزيز وصولهم إلى الموارد. وبما أنه غالبا ما تُعتبَر النساء بمثابة «وافدات جديدات» فى الميدان السياسى، تكتسب التعيينات فى اللجان أهمية خاصة لأنها تساهم فى بناء السمعة والخبرة السياسية، وكلتاهما ضروريتان. فى الديمقراطيات الناشئة، تتحوّل الهيئات التشريعية بصورة مطّردة إلى مساحة قيّمة جدا من أجل التفاعل بين الحكّام والمشترعين والمواطنين؛ وهكذا تؤدّى التعيينات فى المناصب المهمة فى اللجان دورا جوهريا أيضا فى تسهيل الوصول إلى الموارد وأعضاء النخبة الحاكمة.
***
تقول الباحثتان فى إشارة لدراسات سابقة أنها قد صنّفت اللجان التشريعية فى مختلف أنحاء العالم ضمن أربع فئات أساسية. لجان النفوذ ــ مثل المالية والموازنة، والشئون التشريعية، والدفاع الوطنى، والشئون الداخلية ــ هى الأكثر بروزا فى العادة، ما يمنح أعضاءها مكانة مرموقة وسلطة خاصة. الفئة الثانية هى لجان الشئون الاقتصادية والخارجية التى تُعنى بالتنمية والتخطيط وشئون السياسة الخارجية. ثم هناك لجان الشئون الاجتماعية المكلّفة متابعة القضايا الصحية والتعليمية والسكنية والشبابية. وتبقى أخيرا لجان شئون المرأة التى تُعنى بقضايا المرأة والأطفال والأسرة. ومن بين البلدان الثلاثة موضوع هذا المقال، تونس هى البلد الوحيد الذى يضم لجنة تُعنى صراحة بـ«شئون المرأة». أما فى الجزائر والمغرب، فشئون المرأة مدرَجة ضمن لجان الشئون الاجتماعية التى تعالج أيضا قضايا تتعلق بالأطفال، وحقوق المعوّقين، وكبار السن، والعمل، والصحة.
فى توضيحهما لسبب اختيار هذه النماذج الثلاثة تقول الباحثتان أن الجزائر والمغرب وتونس تشكّل أمثلة لافتة ومثيرة للاهتمام من أجل فهم العلاقة بين تطبيق «الكوتا» ودور المرأة فى اللجان البرلمانية فى شكل أفضل. بالمقارنة مع البلدان العربية الأخرى، للبلدان الثلاثة المذكورة تجارب تاريخية متشابهة، وهيكليات حزبية قوية، ونمو لافت فى تمثيل المرأة. فقد أصبح النظام السياسى فى كل من الجزائر وتونس، منذ الاستقلال عن فرنسا، نظاما رئاسيا حيث تُنظَّم الانتخابات بوتيرة متكررة ــ ويسيطر عليه الحزب الحاكم ــ فى حين أن للمغرب نظاما ملَكيا برلمانيا مع منافسة انتخابية تشارك فيها أحزاب عدة.
وردا على الانتفاضات العربية، عمد كل واحد من هذه البلدان إلى تطبيق إصلاحات سياسية متعددة، منها إصلاحات تتعلق بتمثيل المرأة السياسى. مع ذلك تُظهر نظرة سريعة إلى تعيينات اللجان فى هذه البلدان الثلاثة، أن اللجان الأكثر تأثيرا يسيطر عليها عادة النواب الذكور، مع أن تمثيل النساء الإجمالى فى البرلمان فى هذه البلدان أعلى منه فى معظم بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فى حين أنه يمكن أن يُعزى هذا النموذج إلى قرار المرأة الانضمام إلى لجان الشئون الاجتماعية، ربما يحجب أيضا ميلا عاما إلى التمييز يؤدّى إلى حرمان المرأة بصورة مستمرة من الوصول إلى اللجان النافذة. اللافت أنه على الرغم من التطابق التقريبى فى التمثيل العددى للنساء فى مجلسَى النواب الجزائرى والتونسى، ثمة تفاوت صارخ فى تمثيلهن فى اللجان.
***
تستطردان بأن فى الجزائر، تشكّل النساء نسبة 22.6 فى المائة من لجان النفوذ، و21.9 فى المائة من لجان الشئون الخارجية، على الرغم من أن حصتهن فى مجلس النواب الجزائرى تصل إلى 31.6 فى المائة. من بين كل النساء المشاركات فى اللجان، نحو عشرين فى المائة فقط يشاركن فى واحدة من هذه اللجان، بالمقارنة مع نحو 60 فى المائة يتركّزن فى لجان الشئون الاجتماعية.
أما فى تونس، فإن توزيع النساء أكثر توازنا بين اللجان التشريعية. على سبيل المثال، يشكّلن نحو 33.7 فى المائة من لجان النفوذ، و31.4 فى المائة من لجان الشئون الاقتصادية والخارجية ــ والنسبتان أقرب بكثير إلى إجمالى حصة النساء فى البرلمان التونسى، والتى تبلغ، كما فى البرلمان الجزائرى، نحو 31 فى المئة. اللافت هو أن 31 فى المائة من النساء فى اللجان ينتمين إلى لجنة من لجان النفوذ، بالمقارنة مع 14.4 فى المائة فقط فى لجنة شئون المرأة.
هنا تؤكدان فى تحليلهما أن هذه الاستنتاجات تتطابق مع ما توصلت إليه دراسات سابقة عن تعيينات النساء فى اللجان فى الديمقراطيات الناشئة. فى حين أن التطبيق الأولى لمنظومات الكوتا قد لا يؤدّى إلى زيادة فورية فى مشاركة المرأة فى اللجان النافذة، يتجه هذا التأثير عادة نحو الانحسار مع مرور الوقت. اعتمدت تونس لأول مرة منظومة «كوتا» طوعية بين الأحزاب السياسية فى العام 2004، وقد سجّل تمثيل المرأة زيادة مطردة، ولعل أحد الأسباب هو التوزيع الأكثر إنصافا للنساء فى لجان النفوذ. فى المقابل، لم تؤدِّ حصة الثلاثين فى المائة التى بدأ العمل بها أخيرا فى الجزائر فى إطار منظومة الكوتا، إلى زيادة مشاركة المرأة فى هذه اللجان.
هذا النموذج واضح للعيان أيضا فى المغرب. ففيما تُشير البيانات إلى أن تمثيل المرأة فى الهيئة التشريعية فى المغرب أدنى منه فى الجزائر وتونس، تُظهر أيضا أن النساء تعرّضن للتهميش إلى حد كبير فى العام 2002، لدى تطبيق «اتفاق جنتلمان» بين الأحزاب السياسية لأول مرة من أجل الاحتفاظ بعشرة فى المائة من المقاعد للنساء. كانت النائبات هن الأقل تمثيلا فى لجان النفوذ، مع تركّزهن فى شكل أساسى فى لجان الشئون الاجتماعية وكذلك لجان الشؤون الاقتصادية والخارجية. بيد أن عضوية النساء فى لجان النفوذ ازدادت تدريجا خلال العقد المنصرم، من 4.7 فى المائة فى العام 2002 إلى 9.9 فى المائة فى العام 2007. فى العام 2012، استمرت نسبة النساء فى عضوية لجان النفوذ فى النمو لتصل إلى 14.6 فى المائة، وهى نسبة أقرب بكثير إلى نسبة تمثيلهن فى الهيئة التشريعية (وذلك بمساهمة من الزيادة فى الكوتا، التى أدّت إلى رفع النسبة الإجمالية لتمثيل النساء فى البرلمان إلى 16.8 فى المائة). شهدت الانتخابات التشريعية فى المغرب فى العام 2016 زيادة إضافية فى عدد النساء اللواتى نجحن فى دخول البرلمان حيث يشغلن حاليا 20.5 فى المائة من المقاعد، ما يشى بأن هذه النسبة قد تستمر فى التزايد عند تشكيل حكومة ائتلافية وإنجاز التعيينات فى اللجان.
***
تختتم الباحثتان فى النهاية باستنتاج مفاده أن تعزيز التمثيل العددى للنساء قد لا يؤدّى فى الحال إلى زيادة تأثيرهن ونفوذهن السياسي؛ حيث يسيطر الرجال تقليديا على السياسة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفى الجزائر، لا يزال على النساء قطع شوط طويل من أجل اللحاق بالنساء التونسيات؛ غير أن حصول ربع النساء فى البرلمان على مقاعد فى لجان النفوذ ولجان الشئون الاقتصادية والخارجية مباشرة بعد بدء العمل بمنظومة الكوتا فى العام 2012 يؤشّر إلى المكاسب المحتملة التى يمكن أن تحققها النساء فى الانتخابات التشريعية فى مايو 2017.

النص الأصلى