يوم العيد فى السجون المصرية - ناجح إبراهيم - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 6:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يوم العيد فى السجون المصرية

نشر فى : السبت 2 أغسطس 2014 - 7:50 ص | آخر تحديث : السبت 2 أغسطس 2014 - 7:50 ص

لا تخلو فترة من تاريخ مصر وإلا كان هناك سجناء سياسيون.. يختلف وضعهم فى السجن من فترة لأخرى.. وقد يضم السجن فى فترة واحدة أطيافا متعددة مثلما حدث فى عهد عبدالناصر.. وفى التحفظ آخر عهد السادات.. فقد تجد اليسارى والاشتراكى والإخوانى والجماعة الإسلامية والجهاد والوفدى والثورى أو.. أو.. ولكن الفصيل الإسلامى هو الأكثر ترددا على السجون والأكثر بقاء فيها لأسباب متعددة لا يتسع المقام لذكرها.

ويأتى العيد فى كل عام فيفرح ويسعد به الجميع إلا أسرة السجين أو المعتقل.. التى يكون أكبر همها فى العيد أن تشد الرحال قبل الفجر بساعات إلى الابن أو الزوج أو الأب السجين لتخفف عنه وتواسيه وتقدم له كل ما يحتاج إليه.. وخاصة أن السجون فى هذا اليوم تمنح زيارة استثنائية.

وقد عشت قرابة خمسين عيدا فى السجون المصرية.. بعضها كانت أياما سعيدا وبعضها كان تعيسا قاسيا.. فأحوال السجون مثل الدنيا تختلف بحسب الوضع السياسى وحالة الصراع السياسى هادئا أو باردًا أو عنيفا مسلحا بين جماعات السجناء والدولة المصرية.. فإن كانت الحالة بينهما صدامية كما كانت بين الجماعة الإسلامية والدولة فى التسعينيات.. كانت الأحوال فى السجون سيئة جدا وقد تمنع الزيارة فى العيد أو تكون خمس دقائق أو تتسلم الطعام أو تسلم على أسرتك فقط أو تزور عبر أسلاك يبعد بعضهما عن بعض مترا.

وفى زيارات السلك هذه تختلط أصوات الزائرين الكثيرة فلا يسمع الزائر زائريه.. حتى إنه فى إحدى زيارات السلك فى التسعينيات جاءت شقيقة تزور شقيقها فقال لها: كيف أبى؟ فوضعت رأسها على أذنها.. ففهم أنه مات فاسترجع.. وسألها عن أمه؟ فكررت الأمر ففهم أنها ماتت فاسترجع.. ثم سألها عن زوجته وأولاده فأشارت بنفس الطريقة.. فبكى قائلا: ماتوا أيضا وظل يصرخ.. كيف يموت هؤلاء جميعا فسمعته فقالت له بصوت عال: لم يمت أحد.. فأدرك أنها تشير إلى أذنها لعدم سماعها.

وتلاقى إدارة السجن عنتا كبيرا فى تدبير كل أمور العيد فى السجون.. حيث إن عليها أن تقسم قوة الإدارة إلى نصفين نصف يأخذ الأجازة أول وثانى يوم العيد ونصف يأخذ اليومين التاليين.. وعلى النصف الأول أن يدبر زيارة حوالى ألفى سجين كل يوم مع التحوط من الهروب أو إدخال ممنوعات مثل السلاح والمخدرات والمحمول أو تهريب رسائل.. ولذا تغلب التحوط على النواحى الإنسانية ما لم يكن الوضع الأمنى مستقرا داخل السجن وخارجه. أما فى يوم العيد وزيارته حينما يكون الوضع الأمنى هادئا ومستقرا بين الحركات الإسلامية والدولة مثل فترة ما بعد المبادرة بين الدولة والجماعة الإسلامية.. أو كل فترة مبارك بين الإخوان والدولة.. فيبدأ العيد فى السجون بفتح العنابر قبل صلاة العيد.. ثم نشرع تكبيرات العيد فى عنابرنا ومصلانا.. وكذلك المساجين الجنائيين فى عنابرهم ومصلاهم.. ويخطب أحد الإخوة العيد ويحضر ضباط كل عنبر مع مساجينهم وقد يأتى المأمور بنفسه أو مدير المنطقة ليصلى معهم ويهنئهم بالعيد إذا أمن ذلك.. وتكون الزيارة جميلة وهادئة.. وقد تستغرق ثلاث ساعات كاملة. ويمكننى القول إن السجون مثل الدنيا متقلبة فأحيانا تكون فى أسوأ حالاتها وأحيانا فى أحسنها.

وقد كانت بالنسبة للجماعة الإسلامية قبل المبادرة كالقبور حتى مات بعض الإخوة من جراء الإهمال فى علاجهم.

أما بعد المبادرة بقليل فقد تحولت إلى أحسن السجون فى المنطقة.. والضابط فى ذلك هو علاقة التيار الإسلامى أو الجماعة السياسية بالدولة فإذا كانت بينها وبين الدولة عنف واغتيالات ونحوها كانت السجون كالنيران الموقدة تعذيب وضرب وتنكيل.. وإذا كان بينهما صراع سياسى بارد كانت السجون معتدلة وهادئة.

أما إذا حدث تفاهم ومصالحة وضمان بعدم هروب السجناء أو تهريب أوامر أو حدث أى صدام فستكون الأحوال فى السجون رائعة ووقتها يستريح السجناء وأسرهم وتستريح إدارة السجن.. ويستريح الجميع من داء شك وتربص كل طرف بالآخر أو مضايقته أو الالتفاف حوله.. ولكن تتم معالجة كل المشاكل بالتفاهم والحوار.. رحم الله كل امرأة لا تتخلى عن ابنها أو زوجها أو شقيقها المسجون.. حتى لو اختلفت معه فى الرأى والفكر.. فالنساء هم أكثر الناس وفاء للسجين سواء السياسى أو الجنائى أو الإسلامى.. أو أى ملة.

التعليقات