البيارة الفلسطينية تتحدى ترامب - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 1:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البيارة الفلسطينية تتحدى ترامب

نشر فى : الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 9:45 م | آخر تحديث : الإثنين 2 سبتمبر 2019 - 9:45 م

منذ بداية حملته الانتخابية، ومرورا بفوزه برئاسة الولايات المتحدة فى 9 نوفمبر 2016، وحتى اليوم، يمضى الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، قدما فى خطة ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية، جملة وقطاعى، فهو لم يكتف بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية، ولا نقل السفارة الأمريكية إليها، ولا حتى اقتصرت سياسته على خنق المنظمات الدولية التى تقوم على رعاية اللاجئين ومنع التمويل عنها، ولكنه يسعى حاليا إلى محو كلمة فلسطين ذاتها من القاموس الأمريكى.
فى هذا الإطار يمكن فهم قرار الخارجية الأمريكية الأخير القاضى بحذف كلمة الأراضى الفلسطينية من قائمة تعريف المناطق فى الشرق الأوسط على موقعها الرسمى، وهو ما اعتبرته الجامعة العربية إجراء عدائيا جديدا يضاف إلى السلسلة الطويلة من هذه الإجراءات العدائية الأمريكية التى «تهدد بتصفية القضية الفلسطينية».
القرار الأمريكى قوبل بهجوم من الرئاسة الفلسطينية التى اعتبرته «انحدارا غير مسبوق فى السياسة الخارجية الأمريكية»، وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إنه لا يلغى اعتراف 140 دولة بفلسطين وتمثيلها فى الأمم المتحدة كدولة مراقبة، ووجودها فى المنظمات الأممية، خاصة اليونسكو ومجلس حقوق الإنسان، بالإضافة إلى عضويتها فى أكثر من 100 معاهدة واتفاقية دولية.
لكن هل يمكن لهذا القرار أن يمحو الوجود الفلسطينى، أو يقضى على الشعب الفلسطينى الضارب بجذوره فى هذه الأرض، قبل أن توجد الولايات المتحدة نفسها بآلاف السنين؟!
بعد صدور القرار دار بينى وبين ابن فلسطين الصديق لطفى وادى صاحب مدونة «البيارة للتراث والثقافة والفنون» التى تهتم بالدفاع عن التراث الفلسطينى، قديمه وحديثه، بالكلمة والصورة، حوارا مطولا، عبر الهاتف، عن المحاولات المستمرة سواء من جانب الإسرائيليين، أو الإدارات الأمريكية المتعاقبة، لقضم الحقوق الفلسطينية قطعة قطعة، والالتفاف على الواقع بخلق أوهام قد تتسق مع خرافة «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض».
يقول وادى إن «فلسطين عربية منذ استوطنها الكنعانيون وهم قبيلة عربية هاجرت من الجزيرة العربية منذ أكثر من أربعة آلاف عام قبل الميلاد، واستقرت فوق أحد جبال القدس، ووفر لهم هذا الموقع الحماية والأمن؛ حيث كانت تصعب الإغارة عليه».
وأخذ الكنعانيون هذه التسمية نسبة إلى أرض فلسطين، فكلمة كنعان، يشير صاحب «البيارة للتراث»، تعنى الأرض المنخفضة، وبنوا عدة مدن منها عكا، وغزة، وأسدود، كما قام اليبوسيون الكنعانيون ببناء مدينة القدس التى سميت يبوس نسبة لهم.
وظلت فلسطين، والكلام لوادى، تسمى أرض كنعان حتى عام 1200 قبل الميلاد، عندما اشتق اسمها الحالى من كلمة «فلستا» التى أطلقها الكتاب اليونانيون على الأرض التى تقع على الساحل الجنوبى بين يافا وغزة، وأحيا الرومان فى القرن الثانى بعد الميلاد اسم فلسطين، حين أطلقوا مصطلح «سوريا فلسطين» على المنطقة الجنوبية من محافظة سوريا، والتى اتخذت طريقها للغة العربية، حين تم استخدامها لوصف المنطقة منذ العصر الإسلامى.
سألت لطفى وادى، عقب استعراضه لهذا التاريخ الطويل للوجود الفلسطينى فوق هذه البقعة من العالم إلى أى مدى يمكن أن يؤثر قرار الخارجية الأمريكية على الفلسطينيين، فقال إن القرار وإن كان رمزيا إلا أن خطورته تكمن فى تمهيده لمواقف يخشى منها أن تنسحب على دول أخرى، كما حدث مع قرار نقل السفارة إلى القدس المحتلة.
انتهى كلام صاحب «البيارة» التى تعنى فى اللهجة الفلسطينية المزرعة، بما تحمله الكلمة من دلالات، قبل أن أذهب إلى شاعر فلسطين الأشهر محمود درويش لأختم بهذه الأبيات من «قصيدة الأرض» والتى ننتظر أن تصبح كلماتها يوما واقعا يمشى على الأرض:
«خديجة! لا تغلقى الباب
لا تدخلى فى الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل».

التعليقات