الخيار الآخر.. نحو برنامج عمل فلسطينى جديد - فيس بوك - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 11:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخيار الآخر.. نحو برنامج عمل فلسطينى جديد

نشر فى : الثلاثاء 3 مارس 2020 - 9:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 مارس 2020 - 9:25 م

نشر الكاتب «لبيب قمحاوى» على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعى مقالا تحدث فيه عن وضع الفلسطينيين بعد إعلان ترامب ونتنياهو عن «خطة السلام» فى يناير الماضى، كما وضح عدد من المبادئ يسير عليها الشعب الفلسطينى لمواجهة هذا الواقع والاحتلال السافر... جاء فيه ما يلى:

تموج الحلبة السياسية فى فلسطين والأردن بالكثير من العنتريات الخالية من الفعل الحقيقى أو الرغبة فيه أو القدرة عليه. فى ظل هذا الوضع، هل المطلوب هو تجاهل الواقع بخطورته على المستقبل، أم العمل على فهمه واستيعابه حتى نتمكن من تغييره؟
الدعاء على إسرائيل لن يزيلها من الوجود، ورفض الاحتلال وعدم القبول به لفظيا لن يؤدى إلى التحرير، وإنكار الحقائق على الأرض مهما رفضناها لن يجعلها تختفى. ما نحن بصدده إذا هو ضرورة فهم الواقع على مرارته لاستيعابه تمهيدا لتغييره وليس القبول به وهنا مربط الفرس ونقطة الأساس. والمدرسة الفكرية التى تطالب بتجاهل الواقع كتعبير عن رفضه وعدم الاعتراف به هى مدرسة ساذجة، إن لم تكن عَدَمِيَة. «اعرف عدوَك» هو شعار صحيح تعلمته الأجيال جيلا بعد جيل، وهكذا يجب أن تكون عليه الأمور الآن فى ظل أوضاع فى غاية الخطورة، وأخطر ما فيها استسلام القيادات الفلسطينية والعربية لأمريكا وإسرائيل سواء علنا أو من وراء ستار.
المشكلة التى تجابه مفكرى وكُتَاب هذه الأمة هى فى كيفية إيجاد معادلة بين الحقيقة المؤلمة والأمل. إن استيعاب كليهما مهم ومطلوب دون أن يكون أيهما على حساب الآخر واستنهاض الأمة لا يكون بالصراخ أو تجاهل الحقائق مهما كانت مؤلمة، بل من خلال فهمها واستيعابها بهدف العمل على تغييرها. وإذا كانت الشعوب غير قادرة أو غير راغبة فى التصدى لاستبداد وجبروت وانحراف حكامها أو قياداتها فما بالك بالتصدى لعدوها الخارجى؟
من الصعب الخروج بمعادلة أو مقاربة أو تحليل سياسى يُرضى الجميع بالإجماع. هنالك دائما وجهة أو وجهات نظر أخرى تتطلب إما سعة الصدر أو القدرة على المقاربة والحوار. وعلى أية حال فهذا المسار يجب ألا يكون مدخلا للابتعاد عن الحقيقة أو تجاهلها. إن فهم واستيعاب الحقيقة، مهما كانت مؤلمة، هى بداية العلاج الحقيقى والمدخل الصحيح له. ولعل فى ذلك أيضا مدخلا للتعامل مع الفلسطينيين وواقعهم تحت الاحتلال.
الحقيقة الأساس هى أن فلسطين كلها الآن تحت الاحتلال، والشعب الفلسطينى الصامد على أرضه هو أيضا شعب تحت الاحتلال. وقد ابتُلى هذا الشعب بقيادة تخلَت طوعا عن نهج المقاومة مقابل لا شىء. والعرب فى معظمهم واقعون تحت نفس النمط من القادة ذوى النزعة الاستسلامية.
يلجأ المذنب عادة إلى البحث عن عذر غادر أو تفسير ملتوٍ لتبرير ما يفعله من خطأ أو أخطاء. فلسطين وطن محتل وعلاقة الفلسطينيين تحت الاحتلال بإسرائيل هى علاقة قهرية مفروضة عليهم بقوة الاحتلال ولا يجوز لبعض العرب استعمال ذلك الوضع مثلا كمبرر للتطبيع مع إسرائيل باعتبار أن الفلسطينيين قد سبقوهم إلى ذلك.
***
المطلوب الآن تملُك القدرة على استيعاب الواقع، والتفكير خارج الصندوق من أجل الخروج برؤية جديدة وخطة عمل تستند فى جوهرها إلى الثوابت الوطنية الفلسطينية وتسعى إلى تحقيقها ولو على مراحل، ولكن دون الإخلال بجوهرها. وفيما يلى المبادئ والمحاور العامة التى يجب أن تحكم أى برنامج عمل فلسطينى مستقبلى للحقبة المقبلة.
أولا: على الفلسطينيين ابتداء إعلان انتهاء وموت حقبة الاحتلال الهادئ وإلى الأبد، واعتبار هذه الحقبة محطة طارئة مفروضة على مسيرة النضال الفلسطينى وليست جزأ منها. فالاحتلال الهادئ مفهوم استسلامى خانع وخاضع للاحتلال وقابل به ويبحث عن تسوية من خلاله وتحت مظلته.
ثانيا: التأكيد على أن المقاومة حق مشروع قولا وفعلا لكل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال، وبالتالى اعتبار مقاومة الاحتلال حقا طبيعيا ومشروعا للشعب الفلسطينى، وهو حق غير قابل للإلغاء أو التجميد بقرار سياسى مهما كان مصدره، ما دام الاحتلال قائما.
ثالثا: صمود الشعب الفلسطينى على أرضه المحتلة هو أهم وأرقى أشكال المقاومة وأى عمل يؤدى إلى دعم صمود الفلسطينيين على أرضهم هو فى جوهره شكل من أشكال المقاومة ويستحق الدعم والتأييد. وأى مسعى يهدف إلى إخراج أو تسهيل إخراج الفلسطينيين من وطنهم هو مسعى خائن ويصب فى دعم الاحتلال.
إن وضع الفلسطينيين تحت الاحتلال يتطلب بالإضافة إلى أشكال المقاومة التقليدية، استنباط أشكال أخرى متعددة من المقاومة. إن أى جهد يؤدى إلى دعم صمود الفلسطينيين على أرضهم بما فى ذلك التعليم والعمل والاستثمار الصناعى والزراعى والتنمية المحلية والتشغيل هو شكل من أشكال المقاومة على أن تكون بمعزل عن الاحتلال وسياساته وأهدافه. إن نضال الفلسطينيين تحت الاحتلال، بما فى ذلك العمل الفدائى المسلح وانتفاضات الحجارة، والصمود على الأرض، ومسيرات العودة ومقاطعة اقتصاد الاحتلال ما أمكن، ومقاومة كل أشكال التنسيق مع الاحتلال، ومقارعته بالسبل كافة، بما فى ذلك اختراق مؤسسات الاحتلال ومهاجمة وعرقلة سياسات وقوانين الاحتلال العنصرية من داخلها، يجب أن يتم التعامل معها باعتبارها أشكالا مختلفة من النضال الفلسطينى، التى يجب على مجموع الشعب الفلسطينى فى الشتات القبول بها والامتناع عن تصنيفها أو إصدار الأحكام بحقها أو إدانة بعضها أو تخوين البعض الآخر، بل يجب اعتبار كل أشكال النضال حقا كما أنه واجبا فى الوقت نفسه. فظروف الفلسطينيين تحت الاحتلال تختلف عن ظروف الفلسطينيين فى الشتات والعلاقة بين الداخل والشتات يجب أن تكون بالتالى علاقة تكاملية.
رابعا: اعتبار مبدأ المفاوضات المستندة إلى واقع الضعف والتشتت الفلسطينى خطرا على المصالح والآمال الوطنية الفلسطينية وبالتالى رفضها كونها تهدف إلى استجداء الموافقة الإسرائيلية على حلول شكلية، وليس الوصول إلى سلام عادل متكافئ يستجيب للحقوق والثوابت الفلسطينية. فالمفاوضات التى دارت بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ أوسلو كانت مفاوضات على حجم الخسائر الفلسطينية. فمسار عملية التفاوض كان، فى معظم الأحيان، يدور حول اعتراض الفلسطينيين على بعض أو كل ما كان يُعرض عليهم، وليس التباحث حول ما يريده الفلسطينيون أنفسهم ضمن منظور الحقوق الوطنية الفلسطينية.
خامسا: وجوب استمرار الرفض الفلسطينى القاطع والمانع، الرسمى والشعبى، المعلن والمخفى، لصفقة القرن ولأى تسوية مع الإسرائيليين تنطلق من تلك الصفقة، واعتبار ذلك الرفض أمرا مصيريا للفلسطينيين وسدا مانعا أمام أى نظام حكم عربى يسعى إلى القبول بتلك الصفقة استنادا إلى قبول الفلسطينيين بها.
سادسا: إعلان الفلسطينيين عن رفض مبدأ تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين. فالدولة المخصصة للفلسطينيين، فيما لو تحققت، سوف تكون شبه دولة منزوعة السيادة والسلاح، وعبارة عن أشلاء هنا وهناك مقدر لها أن تعيش إلى الأبد فى ظل الدولة الأكبر والأقوى وهى إسرائيل. إن التفوق العسكرى الإسرائيلى الملحوظ قد يستدعى فى المدى المنظور تقسيم هدف التحرير الشامل إلى مراحل تتناسب والأوضاع الفلسطينية، واعتبار مطالبة الفلسطينيين تحت الاحتلال بدولة ديموقراطية علمانية واحدة على أرض فلسطين التاريخية الموحدة، هدفا مرحليا.
سابعا: حل السلطة الفلسطينية والمؤسسات الأمنية التابعة لها وإنهاء دورها كواجهة لتبيض صفحة الاحتلال والتعاون الأمنى معه ضد أبناء الشعب الفلسطينى. إن ما تقوم به مؤسسات السلطة الفلسطينية حاليا لم يساهم على الإطلاق فى إزالة الاحتلال، بل على العكس خلق وهم الاستقلال الزائف لدى البعض من جهة، وجعل الاحتلال، بالتالى، يختبئ خلفها من جهة أخرى. وهذا أعطى لهدف المحافظة على بقاء السلطة الفلسطينية الأولوية الأهم على مطلب إزالة الاحتلال بالنسبة لقيادة السلطة تلك.
ما ورد أعلاه يشكل الخلفية لبرنامج عمل فلسطينى مستقبلى ينطلق من تلك الخلفية ويهدف إلى تجاوز المعيقات المحيطة حاليا بالوضع الفلسطينى والعربى.

التعليقات