«حوجن» تجربة سينمائية سيريالة تتجاوز الحواجز بين الجنّ والإنس - خالد محمود - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 3:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«حوجن» تجربة سينمائية سيريالة تتجاوز الحواجز بين الجنّ والإنس

نشر فى : الأحد 3 ديسمبر 2023 - 6:45 م | آخر تحديث : الأحد 3 ديسمبر 2023 - 6:45 م

كان لدىّ شغف كبير فى مشاهدة تجربة المخرج ياسر الياسرى فى فيلم «حوجن» الذى يمزج بين الخيال والرومانسية وبين جن وبشر فى محاولة لتشكيل عالم واحد، وكان التساؤل.. كيف أمكنه التعامل مع الرواية التى يستند إليها العمل، وهى الرواية الخيالية السعودية الأكثر مبيعًا لإبراهيم عباس، والتى أثارت جدلا وأصبحت ظاهرة أدبية محلية بسبب مزيجها الرائد من مجازات الخيال العلمى الغربية والثقافة والفولكلور العربى، وكيف حولها إلى صورة سينمائية متكاملة ومدهشة ومضيفة روح جديدة لإنتاج السينما العربية.
الفيلم الذى افتتح الدورة الثالثة لمهرجان البحر الأحمر السينمائى، تدور أحداثه فى عالم تجاوز فيه الجن حاجزًا تقليديًا.. إنه يصور عالمًا تضطر فيه كيانات الجن الأسطورية إلى العيش بين البشر، حيث يقع حوجن (براء عالم) فى نهاية المطاف فى حب فتاة بشرية وينطلق فى رحلة مليئة بالمغامرات للكشف عن نسبه الغامض.
فى سياق الأحداث يروى المخرج فى سلاسة تلك اللحظة التى تنقلب فيها حياة «حوجن» الجنى الشاب رأسًا على عقب عندما تنتقل عائلة بشرية هى عائلة عبدالرحيم إلى منزل عائلته فى جدة، غافلة عن حقيقة أن المنزل محتل بالفعل من قبل كائنات غير مرئية.
وينبهر حوجن بسوسن تلك الفتاة الجميلة «نورا الخضرا» طالبة الطب ويعجب بها، ويقترب منها وهى تشعر به دون أن تراه فى مشاهد طازجة تؤهلنا إلى أن نرى كل شىء ممكنا فيما نشاهده، حيث يصبح «هوجن» مفتونا بالعائلة البشرية ويقع فى حب «سوسن» بالفعل، ربما عن دون قصد، ويحاول من جديد البحث عن نفسه، ويخبره جده وأمه أنه ابن ملك الملوك الذى تم اغتياله، ويسعى للأخذ بالثأر وينجح، محاولا أن ينتقل بحياته بين العالمين ويشكك فى الكثير من الأعراف والعادات القديمة التى تعلمها حول عالم البشر وعاداتهم، ليدفعه فضوله إلى مخالفة آراء عائلته، «آل النفر» التى تؤمن بالله وتلتزم بعدم التفاعل مع البشر ليتناسى الحواجز بين الجنّ والإنس.
فى إطار السيناريو الذى كتبه المخرج ياسر الياسرى مع إبراهيم عباس وسارة طيبة وحسام الحلوه، بدا السرد الدرامى طبيعيا مازجا بين الممكن والمحال، وكان الأداء مقنعا فى العديد من مشاهد الاكتشاف المتبادل للذات لكل من حوجن وسارة، وأيضا لمصير من حولهما وسط أجواء تصوير تمزج بين الواقع والخيال بكاميرا المصور نيمانيا فيسيلينوفيتش، وكان لموسيقى خالد الكمار سحرها الخاص فى تسريب المعنى داخل وجدان المشاهد.
«حوجن» ليس فقط عرضًا جديدًا من حيث الشكل، حيث إظهار عالم الجن بصريا، فليس هناك مرجع لما يبدون عليه، فعالمهم غير مرئى بالنسبة لنا، والتحدى فى خلق هذا العالم من العدم وجعله قريبا مما يتخيله المشاهد.
ومن حيث المضمون حيث يتميز أيضًا بالجرأة فى اقتحام تلك الأفكار وكونه تجربة سيريالة وفرصة لإنشاء شىء نادرًا ما يتم تناوله فى السينما العربية.
أتذكر قول الياسرى عن مشروعه «لقد تعلمت الكثير عن ثقافة الجن وتاريخهم وأن أكثر ما أردته هو الاستفادة من فكرة عدم وجود إشارة بصرية مشتركة للجن لأنه فى تقاليدنا وثقافتنا لا يمكننا رؤيتهم، لذلك لا يوجد عربيان يشتركان فى نفس الفكرة حول شكل الجن.. لقد كان تحديًا، ولكنه جميل».
من المهم أن تقتحم السينما العربية مناطق جديدة، بعيدا عن النمطية السائدة من الأكشن والكوميديا، لكن بشرط أن تكتمل بها عناصر الجاذبية والإبهار.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات