حرب النهوض تتحول إلى حرب استنزاف خطِرة - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 6 يونيو 2025 11:42 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

حرب النهوض تتحول إلى حرب استنزاف خطِرة

نشر فى : الأربعاء 4 يونيو 2025 - 10:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 يونيو 2025 - 10:35 م

حققت إسرائيل والجيش الإسرائيلى فى الحرب الأخيرة إنجازات استثنائية، وذلك على عدة جبهات، وفى سياقات متعددة، وضد أعداء متنوعين، لكن فى ضوء هذه الإنجازات الممتازة، تزداد القناعة بأن النتائج فى غزة غير واضحة بشكل كافٍ، وبأنه كان يجب علينا أن نكون فى مكان مختلف تمامًا فى هذه المرحلة.

 


إن المستوى السياسى حمّل المستوى العسكرى مسئولية التخبط، ولفترة طويلة، لكن يبدو كأنه على الرغم من استبدال عدد من أصحاب المناصب البارزين، فإن القطار لم يوضع بعد على السكة، ولا يُعرف متى وكيف يمكن أن يحدث ذلك. ستكون لنتائج المعركة فى غزة تأثيرات كبيرة فى أعدائنا فى مختلف الجبهات، وكذلك فى ثقتنا بقدرتنا على التغلب على «الشر»، ولذلك، من المهم جدًا أن تكون نتائج المعركة حاسمة وقاطعة.

 


فى الآونة الأخيرة، تُسمع ادعاءات، مفادها بأن خطة «مركبات جدعون» من المفترض أن تكون هى التى تضع القطار على السكة المؤدية إلى الحسم ضد «حماس»، لكننى أشك فيما إذا كانت تملك فعلاً القدرة على إحداث التغيير المطلوب من أجل التوصل إلى الحسم، لأن الخطة تفتقر إلى العنصر المركزى فى مفهوم الأمن القومى الإسرائيلي، وهو السعى لحسم سريع. إن غياب هذا العنصر يثير المخاوف من ألّا تؤدى الخطة أيضًا إلى الحسم فى مواجهة «حماس»، فى نهاية المطاف.

 


وفقًا للخطة الحالية، سيقوم الجيش الإسرائيلى بإنشاء عدد من المراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية، التى سيتوجه إليها ممثلو العائلات، ومن هناك سيأخذون حصة عائلية من المواد الغذائية والمنتجات الأساسية للأسبوع القادم، وبعد جمع المواد الغذائية، سيتمكنون من العودة إلى المناطق التى أتوا منها.
من الواضح لكل عاقل أن «حماس» فى هذه المرحلة ستكون حاضرة هناك لضمان حصولها على المواد وتسويقها لمن يدفع أكثر. ستتأكد الحركة من بقاء أغلبية أفراد الأسرة فى منطقة القتال كرهائن، والسماح فقط لعدد محدود من مندوبى العائلات بالخروج لجلب الإمدادات، وبهذه الطريقة، ستستمر الحركة فى السيطرة على المساعدات الإنسانية، وعلى السكان، فعليًا (بحكم الأمر الواقع).

 


أرغب فى رسم الخيار الوحيد الذى من شأنه أن يحل العقدة المستعصية، ويقود إلى حسم مع «حماس». يستشهد كثيرون بالقول إن مركز الثقل لدى «حماس» يكمن فى كونها مندمجة فى السكان المدنيين، وتعمل من داخل المجتمع، ولذلك، نحن بحاجة إلى الفصل والتمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين من أجل حسم المعركة فى القطاع.
يجب على الجيش الإسرائيلى أن يعلن منطقة معينة (على سبيل المثال: شمال القطاع حتى ممر نتساريم) منطقة قتال، ويُخطر السكان المدنيين القاطنين فيها بضرورة مغادرتها، حفاظًا على سلامتهم، بحسب القانون الدولى. بعد ذلك، يجب فرض حصار كامل على تلك المنطقة (بما فى ذلك إغلاق أنبوب المياه القادم من إسرائيل)، وهو ما يشكل بداية العد التنازلى نحو استسلام «حماس» فى تلك البقعة الجغرافية.

 


بهذه الطريقة، سنفصل بين السكان المدنيين وبين «حماس»، وهذا الفصل سيؤدى إلى فقدان الحركة قدرتها على العمل بفعالية فى المنطقة. بعد ذلك، يمكن تطبيق الأسلوب نفسه على مناطق إضافية، الأمر الذى سيؤدى، على الأرجح، وفى فترة زمنية قصيرة، إلى استسلام التنظيم وموافقته على صفقة بشروط تقبلها إسرائيل، ومن غير الضرورى التشديد على أن هذا الأسلوب مسموح به بموجب القانون الدولى، ويُدرَّس كطريقة قتال مفضلة فى العديد من الجيوش الغربية، مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وغيرها.

 


ما دمنا نواصل العمل وفق النهج الحالى، فإننا نحكم على أنفسنا بحرب استنزاف لا نهاية لها، ولن ننجح فى حسم المعركة ضد «حماس»، ولن نتمكن من استعادة الأسرى. على المستوى السياسى أن يدرك أن تعبئة قوات الاحتياط الحالية بهدف حسم المعركة مع «حماس» قد تثبت فى النهاية أنها «الرصاصة الأخيرة فى المخزن»، ومن الأفضل استخدامها بحكمة.
حزى نحما

 


قناة N12
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات