تفاعل «الشعب» مع حدث «تشكيل الحكومة» - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 1:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تفاعل «الشعب» مع حدث «تشكيل الحكومة»

نشر فى : الأحد 5 يناير 2020 - 8:55 م | آخر تحديث : الأحد 5 يناير 2020 - 8:55 م

نشرت جريدة المغرب التونسية مقالا للكاتبة آمال قرامى... جاء فيه ما يلى:

كان الإعلان عن التغيير الحكومى فى عهود الاستبداد، مجرد خبر قد يكشف، فى بعض الحالات، عن أسماء جديدة تنضم إلى الفريق فتكون محل الرصد ليُختبر أداؤها، وقد يُعيد إلى الواجهة وزيرا من المغضوب عليهم قدم الولاء والطاعة فـ«نال الصفح والغفران». ولم يكن البحث عن السير الذاتية يمثل مشغلا لدى عامة الناس فمن رضى عنه الحاكم هو بالضرورة فى الخدمة. ولكن سرعان ما تغير سلوك التونسيين بعد ظهور ثورة الاتصال والتكنولوجيا، ونزوعهم نحو الاستقصاء «السياسى» فإذا بهم يبادرون منذ اللحظة الأولى التى يتم فيها تداول أسماء الوزراء، بالبحث عن سيرة كل من عُين فى منصب سياسى وسيلتهم فى ذلك «الشيخ جوجل»، والفيديوهات المجمعة فى اليوتوب، والصور المتداولة، والنصوص والبيانات، والشهادات الخاصة، وغيرها من الوثائق «المؤرشفة».
وقد ترتب عن ذلك دخول «الشعب» على خط المواجهة مع رئيس الحكومة ولجوء الفايسبوكيين إلى استعمال سياسة تنشيط الذاكرة السمعية والبصرية على حد سواء ولسان حال هؤلاء «إن كنت ناسى حفكرك». فإذا قال رئيس الحكومة: اخترت وزراء مستقلين «وتكنوكرات» أجابوه بالحجة والدليل: كلا. وهذه صلة كل وزير بالنهضة.
فطارق ذياب لا يخفى ولاءه ولا صلة أسرته بهذا الحزب ودعمها له فى أنشطة مختلفة. أما هادى خذيرى فقد كان رئيس ديوان «نور الدين البحيرى». وإن قال «الجملى» وجدت صعوبة فى العثور على الكفاءات النسائية واجهوه بقائمة فى أسماء التونسيات المتميزات وأثبتوا له بالحجة أن من وزيراته من كانت مناشدة لبن على أو محدودة الكفاءة. وإن زعم أن تأخر الإعلان عن الحكومة كان سببه التحرى فى نزاهة بعض الشخصيات ردوا عليه بالبرهان أن «وزير الشئون الاجتماعية تلاحقه شبهة فساد: تشغيل أفراد من عائلته واستغلال نفوذ»، وإن تعلل «الجملى» بأن تسمية كاتبة دولة غير معروفة لدى التونسيين بأنها شابة بوزيدية ذكروه بأن «من ماكرون» عليها باصطحابها معه فى زيارة إلى تونس هو الذى شفع لها وليست إلا بيدقا تسدى خدمة.

ولعل الأسئلة الجديرة بالطرح:
ــ كيف سيتعامل رئيس الجمهورية، وهو الذى تموقع باعتباره رمز النزاهة و«الطهر»، ونظافة اليد وحامل لواء الإصلاح والتغيير والتصدى للفساد والمحسوبية مع هذه الانتقادات؟
ــ كيف سيتعامل رئيس الحكومة مع مواطنين لا يحترفون تلويث سمعة أعضاء الحكومة الجدد مثلما يذهب فى ذهنه بل إنهم يمارسون حقهم فى المساءلة والمحاسبة، ويضطلعون بدورهم فى الشأن السياسى باعتبارهم شركاء فى بناء الديمقراطية ومواطنين مسئولين؟
ــ ما هو دور مختلف مكونات المجتمع بما فيها الأحزاب والجمعيات وغيرها بعد استمرار صانعى القرار فى الاستهزاء بإرادة «الشعب» الذى أعلن فى الانتخابات الماضية أنه لن يقبل بالتلاعب بمطالبه وتزييف وعيه؟
ــ هل بالإمكان التغاضى عن «هذه التعبيرات»و الاستمرار فى ممارسة سياسة «صم بكم لا يعقلون» والحال أن شخصيات وطنية لها وزن لدى الرأى العام قد وجهت هذا الانتقاد؟ بم سيجيب «الجملى» القاضية كلثوم كنو حين صرحت أن وزير العدل «كان ينفذ التعليمات فى عهد بن على... وهو الذى أصدر حكما بتعليق نشاط الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان سنة 2000»؟
ــ ما هو تقدير «الجملى» لتكلفة تعيين أكثر من أربعين وزيرا وكاتب دولة فى بلاد تأزم وضعها، وكادت الطبقة الوسطى أن تندثر، وارتفعت فيها نسبة الفقر، والحال أن المعدل العالمى يسير فى اتجاه 25 وزيرا؟
لم نرغب فى رصد مواقف الأحزاب داخل البرلمان وخارجه: المنتصرة والخاسرة فللأحزاب مواقف تراعى السياق الحاضر، والمصلحة وموازين القوى والأطماع المتقلبة للزعامات وإنما أردنا أن نلفت الانتباه إلى أزمة الثقة التى ترتبت عن تشكيل الحكومة، وإلى التحول الحاصل فى مستوى تفاعل التونسيين مع قرارات يتخذها «الصانع». إننا أمام فاعلين أنهكتهم سنوات المسار الديمقراطى، وتراكمت لديهم الخبرات وما عادت ‹تنطلي› عليهم الحيل، وصار بمقدورهم أن يعرفوا ما وراء الخطاب، وأن يدركوا أن الحكومة نهضاوية بامتياز قد أمسكت بمفاصل الدولة، وهى تتفنن فى وضع الحُجب حتى تهرب من المساءلة.

التعليقات