الاستشعار بالجريمة قبل ارتكابها - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاستشعار بالجريمة قبل ارتكابها

نشر فى : الأحد 5 مايو 2019 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 6 مايو 2019 - 8:24 م

نشر موقع Defense one مقالا للكاتب «باتريك توكير» يتناول فيه التطورات التكنولوجية الحديثة فى برامج ومعدات المراقبة.


فى سنة 1787، طرح الفيلسوف الإنجليزى جيرمى بينثام فكرته حول إنشاء نظام للسجون يمنع الجرائم الداخلية وبتكلفه أقل. هذه السجون ــ والذى أطلق عليها «بانوبتكون» ــ تأخذ شكلا دائريا وفى وسطها يكون هناك برج مراقبة. منافذ هذا البرج تكون مظلمة مما يمكن الحارس من مراقبة سلوك جميع المسجونين، فى حين عدم معرفة المسجونين ما إذا كان الحارس ينظر إليهم أم لا. والنتيجة تكون فى الأخير الشعور الدائم لكل سجين بالمراقبة المستمرة وبالتالى يتصرف وفقا لذلك. أصبحت هذه الفكرة ترمز إلى خطورة وجود المراقبة فى كل مكان، على الرغم من أن هدف بينثام لم يكن تخويف الناس، هو فقط أراد لفت الانتباه إلى وجود القانون وأهميته.


من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن هناك توجها جديدا فى تكنولوجيا المراقبة يحول أفكار بينثام إلى حقيقة، ولكن ليس بنفس الطريقة التى تخيلها. فبدلا من السجون، سينصب التركيز على الأفراد الذين يظهرون سلوكا مخالفا للقانون. فتخيل أنه لم يعد فقط بإمكاننا التعرف على وجوه الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم بالفعل، ولكن السلوكيات التى تشير إلى أنه هناك جريمة على وشك الوقوع.

حضرت مجموعات مختلفة من شركات الأمن مؤتمر الأمن الدولي ــ مؤتمر حديث عن التكنولوجيا الأمنية فى لاس فيجاس – لتوفير طلب السوق المتزايدة من برامج ومعدات المراقبة التى تستطيع أن تكشف الأسلحة المخبأة وقراءة لوحات السيارات وغيرها من المؤشرات التى تكشف الهوية، إلى جانب فك شفرة السلوك البشرى.

وقامت شركة تدعى «زيرو آيز ZeroEyes» بتسويق نظام لأقسام الشرطة يكشف عما إذا كان هناك شخصا ما يحمل سلاحا أم لا فى أى من المنشآت. وهذه التكنولوجيا تستطيع أن تتداخل مع أى من نظم المراقبة ومعرفة نوع السلاح وخصائصه وبيانات أخرى عنه. ويعد الكشف التلقائى عن الأسلحة النارية أحد الحلول لمشكلة متنامية وهى عمليات إطلاق النار الجماعية والعنف المسلح. وعلى الرغم من أن هذا بإمكانه تقليل عدد الضحايا، إلا أنه لن يكون بمثل كفاءة منع وجود هذا المسلح فى المقام الأول.

وبينما تقوم إدارات المدن والشرطة باستخدام أسلوب التعرف على الوجوه بشكل متزايد لاكتشاف وجود المشتبه بهم، إلا أنهم يواجهون مقاومة شديدة من قبل مؤيدى احترام الخصوصية حيث يتطلع بعض المشرعين إلى منع انتشار هذه الأساليب.
ووجود هذين المؤشرين – وجود هوية الشخص فى قاعدة جنائية وحمله للسلاح – يقدم احتمالا أكثر دقة. وبدلا من التعرف على الوجه من الممكن أن تعتمد أجهزة الشرطة على قراءة لوحات السيارات كمؤشر للهوية، والتى تعرضت أيضا للانتقاد.
حركة الجهود السياسية لكبح استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجال المراقبة أبطأ بكثير من التكنولوجيا نفسها. يثير التحدث عن التعرف على الوجوه أو لوحات السيارات القلق؛ لأنها تتحدث عن الهوية، ولكن التقدم التكنولوجى الآن وخاصة فى الهواتف الذاتية يسمح بتجميع البيانات عن الأماكن الذى يتردد عليها الشخص وتفضيلاته، وهذا يفسر رؤية الشخص للعديد من الإعلانات المرتبطة بالمكان الذى يتواجد فيه. فى الغالب تقوم شركات الهواتف والشركات الأخرى بحجب هذا البيانات عند نقلها للمسوقين، ولكن أشارت الأبحاث إلى إمكانية التعرف على هذا البيانات من خلال المقارنة بين عدد من مجموعات البيانات.

إن وجود أشياء معينة، مثل الأسلحة، مع شخص معين، مثل شخص توجد بياناته فى قاعدة جنائية، يعد مؤشرا غير كامل على العنف. قد يكمن مستقبل التنبؤ بالعنف فى جمع بيانات أخرى متعلقة بالسلوك. هذا هو المجال الذى تميزت فيه شركة ناشئة ــ تدعى «أثينا سيكيورتى Athena Security» ــ بين الشركات التى تقوم بالتعرف على الوجوه والأشياء.


تبيع شركة أثينا البرامج التى يمكنها التعرف على سلوكيات معينة، مثل المشى ببطء عندما يمشى الآخرون بسرعة، أى سلوك يبدو غير طبيعى. ويمكن للبرنامج التنبؤ بوقوع أى معركة بعد إطلاق اللكمة الأولى وحتى قبل وصولها إلى الضحية. وقال كريس تشابارا، مؤسس الشركة: «إننا نقيس سرعة اللكمة» وندمجها مع بيانات أخرى، مثل تعبير الوجه للمشاركين فى التفاعل لتحديد الحالة المزاجية وحتى تحديد النية.


وتقوم شركة أثينا بالتعرف أيضا على الأشياء، مثل الأسلحة. ويعمل النظام بشكل مشابه للطريقة التى يعمل بها العقل البشرى. عندما تكتشف حالة شاذة، يركز عليها، ثم يعيد تحليل البيانات للوصول إلى مستوى أعلى من الثقة فى الحكم. ويستخدمون التصوير الحرارى أيضا للكشف عن الأسلحة المخبأة. ويعمل البرنامج مع أى سلوك يمكن اكتشافه بواسطة الكاميرا تقريبًا ورؤيته والتنبؤ به. فإذا كان من الممكن للبشر ملاحظة السلوك، فيمكنك تدريب آلة المراقبة على هذا أيضا. يقول سيابارا إن الشركة تتحدث مع القوات الجوية الأمريكية والمشترين الحكوميين الآخرين، لكنها تجد الاهتمام الأكبر بين شركات فورتشن غلوبال 500 ــ من أكبر 500 شركة على مستوى العالم من حيث الإيرادات.


الصين تتطلع إلى لعب دورا أكبر فى هذا المجال. فما يقرب من عشرين شركة صينية كانت فى المعرض لبيع الكاميرات وبرامج الأمن. قال ممثل من الوفد الصينى إن المزيد من الشركات الصينية المصنعة لمعدات المراقبة تتطلع إلى إضافة قيمة أعلى إلى منتجاتها من خلال تقديم برامج الذكاء الاصطناعى للتعرف على الوجه أو الأسلحة. ويعد التعرف على السلوكيات غير الطبيعية أيضًا مجالًا يتزايد فيه عدد المنح الدراسية الصينية.

لا يوجد أى عائق قانونى أمام جمع البيانات المصورة عن السلوك البشرى فى الأماكن المفتوحة أو العامة. فكاميرات المرور التى تلتقط المخالفات المرورية تقوم بهذا كل يوم ولكن ضمن حدود معينة. لكن إمكانية القيام بتحليل جميع الأنشطة البشرية التى يمكن ملاحظتها تقريبًا ثم فصل النشاط الطبيعى عن غير الطبيعى يخلق معضلة جديدة لمؤيدى احترام الخصوصية فى الغرب. وقد تتزايد هذه المشكلة إذا تطورت أدوات حديثة تعمل على تحسين أداء أجهزة الشرطة وقدرتها على حماية الأرواح.

وسيكون العامل الحاسم الرئيسى هو تكلفة الأخطاء التى قد ترتكب باستخدام هذه التكنولوجيا مثل الاعتقالات الخاطئة للأفراد، والذى سيؤدى إلى تزايد رفض الأفراد لمراقبة السلوك. ويبدو أن بنثام كان محافظًا للغاية عندما تخيل مستقبل نظم المراقبة. فليس فقط من الممكن خلق شعور جماعى دائم بالمراقبة، ولكن تحقيق ذلك أيضا.

 

 

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغني
التعليقات