وطنيون أم خونة؟ - حسام السكرى - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 7:57 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطنيون أم خونة؟

نشر فى : الأحد 5 يوليه 2015 - 10:45 ص | آخر تحديث : الأحد 5 يوليه 2015 - 10:45 ص

«جنودنا يرسلون إلى معركة لم يتم إعدادهم لها». كان هذا عنوانا لمقال فى صحيفة ديلى ميل البريطانية، عن مشاكل تسليح الجنود البريطانيين، نشرته إبان الإعداد لحرب الخليج الثانية فى عام 2003.

لم تكن هذه المرة الأولى ولا الوحيدة التى ينتقد فيها الإعلام البريطانى الاستعدادات العسكرية للمعارك. وهو يفعل ذلك دوما بشكل يطول أدق التفاصيل: بداية من خصائص الأسلحة المستخدمة فى البيئات الرملية، وانتهاء بقياسات الملابس والأحذية، مرورا على تغذية الجنود وأنواع التطعيمات التى يتلقونها للوقاية من الأمراض والأوبئة. فى كل مرة كان يتبع النشر مناقشات عامة واستجوابات برلمانية ولجان تشكل للبحث ووضع الحلول.

فى عام 2008 تناول فريدريك فورسايث، الكاتب فى صحيفة الديلى إكسبرس، عددا من هذه القضايا. لم يتهم الرجل بالخيانة، أو بإفشاء أسرار الجيش، أو بالتأثير على صلابة الجبهة الداخلية، أو العمالة لقطر وتركيا وأمريكا و«جماعة الإخوان الإرهابيين البريطانية». على العكس تماما. شكل ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء الحالى، وزعيم حزب المحافظين وقتها، لجنة لوضع تقرير عن مواطن القصور، واختار فورسايث نفسه لرئاستها.

الحرص فى وقت الحروب مطلوب، إلا أننا فى الوقت ذاته ينبغى أن نعيد النظر فى القوالب الجاهزة التى ترسخت فى أذهاننا عن الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الموضوعات.
هل يقوى معنويات جنودنا أكثر أن نتجاهل قضاياهم؟ أم يقويها التعاون الجاد فى البحث عن حلول لها؟

مواجهاتنا الأخيرة مع جماعات العنف والإرهاب تطرح أسئلة عن أمن الشعب وأمن جنوده. كثير منها قديم، لكننا لم نجب عليه أبدا لأننا لم نتفق بعد، على«الوقت الأمثل» لذلك.

مناقشاتنا محكومة دوما بدواعى السرية، قبل المعارك وأثناءها. أما «بعد المعركة» فهو وقت لا يأتى أبدا، لأن المواجهة مع الإرهاب مستمرة. فى النهاية يفرض علينا الداعون إلى «الاصطفاف الوطنى» أن نصمت تماما قبل، وأثناء، وبعد المعارك، وإلا اتهمنا بالخيانة، وهو ما تفعل المجتمعات الأكثر ديمقراطية، عكسه تماما.

متى إذن يمكننا أن نطرح الأسئلة ونتعاون فى وضع الحلول بشفافية، من أجل المصلحة، ودون شيطنة السائل أو تخوينه؟ متى يمكننا أن نسأل (ونحصل على إجابات):
عن القصور الأمنى خلف اغتيال النائب العام؟
عن كيفية ظهور وحركة عصابة من مئات المسلحين فى عشرات العربات فى عمق الأراضى المصرية، رغم المسح الجوى وأنظمة الإنذار والتقصى والتتبع المتطورة؟
عن كيفية هروب مائتين من المسلحين (وليس واحدا أو اثنين) بعد مواجهات استمرت لساعات مع واحد من أقوى وأكبر الجيوش فى العالم؟
متى نناقش الأسئلة الأكبر...:
عن سبل تحويل فترة التجنيد فى مصر إلى خبرة للتنمية والتعلم وبناء الشخصية فى ظروف إنسانية وعصرية؟
عن خطط إنهاء المحسوبية التى قد تجنب بعض أبناء الأغنياء وأصحاب النفوذ مشقة التجنيد الإجبارى بكاملها، فيما يدفع بأبناء الفقراء ومن ليس لهم ظهر إلى المعسكرات النائية وخطوط المواجهة؟
عن مدى تأثير الأنشطة المدنية والتجارية والاستثمارية للقوات المسلحة على الدفاع والحماية كأولوية لا خلاف عليها؟

وأخيرا متى تتحول الوطنية لدينا إلى ممارسة ديمقراطية شفافة، بدلا من حصرها فى الهتافات والشعارات والأغانى؟ وما هو التوقيت الذى سيمكننا فيه ممارسة وطنيتنا بمفهوم مختلف ودون إرهاب فكرى أو تخوين؟

رحم الله شهداء الوطن وحفظ شعبه وجنوده.

التعليقات