الوجبة المدرسية.. أفضل أنواع الدعم - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوجبة المدرسية.. أفضل أنواع الدعم

نشر فى : السبت 7 أغسطس 2021 - 9:50 م | آخر تحديث : السبت 7 أغسطس 2021 - 9:50 م

أحد أفضل أنواع الاستثمار فى المستقبل هو أن تستثمر فى صحة التلاميذ، والطلاب الصغار وسائر الشباب. لو حدث ذلك فسوف نضمن جيلا عفيا قويا يمكنه أن يصنع المعجزات.
راودتنى هذه الفكرة صباح يوم الثلاثاء الماضى، وأنا أشهد على الطبيعة افتتاح المدينة الصناعية الغذائية «سايلو فودز».
وهى المدينة التى أنشأتها الشركة الوطنية للمقاولات على مسطح ١٣٥ فدانا وتضم ١٠ مصانع مختلفة، بإجمالى ٤٧٠ ألف طن سنويا، تمثل ٤٠ منتجا.
المرحلة الأولى على ١٠٢ فدان، وتضم مصنعا لإنتاج البسكويت، ومطحنا ومصنعا للمكرونة، ورابعا للمخبوزات.
الهدف الرئيسى من وراء إنشاء هذه المدينة، هو «إنتاج وجبات غذائية لطلاب المدارس بقيمة غذائية عالية من أجل إعداد أجيال قادمة تتمتع بحالة صحية جيدة»، على حد تعبير اللواء أركان حرب وليد أبو المجد مدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
يفترض طبقا لكلام أبوالمجد أنه سيتم توفير وجبة غذائية مثالية لعدد ١٣ مليون طالب تقريبا، تتضمن ٣ عناصر غذائية أساسية على الأقل، من كالسيوم وبروتين وكربوهيدرات وفيتامينات ومعادن، تتضمن ٤٠٠ سعر حرارى بالتنسيق مع المعهد القومى للتغذية.
مشروع التغذية المدرسية كما يقول د. طارق شوقى، هو إيجاد جيل من الأصحاء لمساعدتهم على التعلم وتقليل التكلفة فى المنظومة الصحية. ويستفيد منها ١٢٫٢ مليون طالب فى التعليم العام، إضافة لمليون طالب فى الأزهر.
متوسط تكلفة الوجبة المدرسية للطالب الواحد، تصل إلى ٦٤٤ جنيها سنويا، أى نحو ٨ مليارات جنيه.
من المعلومات المؤسفة التى سمعتها من الدكتور شوقى، إن فيروس كورونا، حينما أدى إلى تعطل الدراسة لأوقات طويلة، فإنه تسبب فى تقليل توزيع الوجبات على التلاميذ بنسبة ٤٠٪.
وبالتالى فإن الخسارة كانت مضاعفة، أى خسارة التعليم المباشر والطبيعى، والاحتكاك بين المعلمين والطلاب من جهة، وخسارة تقديم الوجبات الغذائية للطلاب من جهة أخرى.
هذه الوجبة الغذائية التى يحصل عليها الطلاب، تمثل حوالى ٢٥٪ من إجمالى ما يحصلون عليه من وجبات يوميا، وبالتالى فهناك سؤال مهم جدا وهو: هل لدىّ خريطة بيانات ببقية مكونات الغذاء، الذى يحصل عليه الطلاب بقية اليوم، خصوصا فى الريف والمناطق الشعبية؟
الوجبات الغذائية للطلاب لا يمكن فصلها عن الصحة العامة للطلاب، والأرقام المرعبة التى تم الكشف عنها فى نفس يوم افتتاح المدينة الغذائية، وهى أن هناك ٣٫٣ مليون طالب مصابين بالسمنة، و٨٫٢ مليون طالب مصابين بالأنيميا، و١٫٢ مليون طالب مصابين بالتقزم.
ونتمنى أن يكون الاستهداف حسب المناطق وحسب خريطة الأمراض صحيا وعلميا، حتى لا يتم إهدار هذه المليارات، والأفضل أن تكون هناك حملة توعية شاملة للطلاب.
الوجبات المدرسية ليست وليدة اليوم، هى موجودة منذ عقود.
أتذكر جيدا أننا كنا نحصل، ونحن تلاميذ فى المرحلة الابتدائية «١٩٧٠ ــ ١٩٧٦» فى إحدى قرى محافظة أسيوط، على وجبة عبارة عن رغيف ومعه قطعة من الحلاوة الطحينية وفى اليوم التالى رغيف ومعه قطعة من الجبنة النستو، وفى هذا اليوم كان معظمنا يقوم بقذف الجبنة فى سقف الفصل، ولم يكن هناك من يرشدنا إلى خطأ ما نفعل!!!
وأتمنى أن تكون الصورة قد اختلفت.
البيانات التى عرضها د. شوقى تقول إن مصر تقع فى مرتبة أفضل فى تقديم الوجبات المدرسية للطلاب مقارنة بدول أخرى كثيرة.
لكن النقطة الجوهرية هى متى يمكننا أن نقدم الوجبات المدرسية لـ ٢٣ مليون طالب؟
الرئيس عبدالفتاح السيسى قال إننا نحلم ونأمل بتقديمها طوال أيام الدراسة أى خمسة أيام أسبوعيا، لكن الإمكانيات المادية تجعل المفاضلة تدور حول ٧٥ يوما أو ١٥٠ يوما سنويا.
طبعا القضية الأساسية هى الإمكانيات، فإذا كان تقديمها لنصف عدد الطلاب تقريبا يتكلف ٨ مليارات جنيه، فإن تقديمها لكل الطلاب، يعنى أننا نحتاج لـ ١٦ مليار جنيه، والسؤال الذى طرحه الرئيس السيسى هو: كيف سندبر هذا المبلغ؟
واقترح طريقتين؛ الأولى من الوزارات المختلفة والثانى بتحريك أسعار الخبز المدعم.
ما ينبغى أن يشغل المجتمع بأكمله هو البحث عن استدامة تقديم هذه الوجبات لكل الطلاب، خصوصا فى الريف والصعيد والمناطق النائية والفقيرة، والتى تشهد تسربا من التعليم، أو تشهد انتشارا لأمراض السمنة والتقزم والأنيميا.
الحفاظ على صحة هؤلاء التلاميذ مسألة أمن قومى من الطراز الأول، لأنه ببساطة سيخلق جيلا قويا عفيا، ويوفر على ميزانية الصحة الكثير فى المستقبل. وهو أفضل أنواع الدعم على الإطلاق.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي