أكتوبر.. بين زمنين! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أكتوبر.. بين زمنين!

نشر فى : الجمعة 7 أكتوبر 2022 - 8:15 م | آخر تحديث : السبت 8 أكتوبر 2022 - 3:44 م

لا يختلف أحد على أن الظروف التى عاشها المصريون فى أكتوبر 1973، تشبه إلى حد كبير الظروف التى يواجهونها اليوم فى أكتوبر 2022، من حيث ضخامة التحديات وثقل الأزمات وعظم الصعاب التى فرضت نفسها على الجميع.

الفرق الوحيد تقريبا بين هذين الزمنين، يتمثل فى أن المصريين فى أكتوبر 73 نجحوا فى قهر كل الصعاب التى واجهتهم، وتمكنوا ــ عبر الوقوف الصلب وراء جيشهم ــ من تحقيق العبور المستحيل، الذى فتح الباب أمام استرداد الأرض التى ضاعت، والكرامة التى سلبت والكبرياء الذى فقد فى هزيمة 67، فى حين أن المصريين اليوم وبعد 49 عاما على انتصار أكتوبر، لا يزالون يبحثون عن باب الخروج من نفق الأزمات الاقتصادية الخانقة التى تكوى ظهورهم وتهدد حياتهم وتلقى مزيدا من الضغوط على حاضرهم ومستقبلهم واستقرار بلادهم.

ربما يتساءل البعض عن الأسباب التى جعلت المصريين يحققون المعجزة فى حرب السادس من أكتوبر، بينما يحاولون عبور الأزمة الحالية، التى تسببت فيها التداعيات الهائلة لجائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، وما نتج عنهما من ارتفاع كبير فى أسعار الوقود والسلع الغذائية الأساسية ومستلزمات الإنتاج وارتفاع فاتورة الديون المستحقة على الدولة المصرية.

حقق المصريون المعجزة بالتأكيد فى أكتوبر 73، لأن الهدف كان واضحا ومعروفا للغاية والرؤية حاضرة وغير خافية على الجميع، وبالتالى لم يبخل الشعب بالتضحية بكل ما يملك، من أجل استرداد حقوقه المشروعة وغسل عار الهزيمة بعد سنوات فقط من وقوعها.

أما فى أكتوبر الذى نعيشه الآن، يبدو الهدف مشوشا وغير واضح المعالم أو على أقل تقدير غير مفهوم للكثيرين.. يقولون إنها مرحلة وجمهورية جديدة تلبى طموحات كافة المواطنين، الذين يتطلعون إلى غد أفضل بعد سنوات القسوة الاقتصادية التى أنهكتهم، لكن ماذا عن الجمهورية القديمة التى انكشفت سوءاتها فى أول أسبوع دراسى، ولم يجد أبناؤها مقعدا فى صفوف الدراسة؟!

فى أكتوبر 73، كان التخطيط العلمى المدروس هو الأساس، وأهل الخبرة والاختصاص هم من يتصدرون المشهد فى كل مجالات وميادين الحرب، فكانت النتائج مبهرة ليس فقط على المستوى المحلى، ولكن على المستوى الدولى، حيث لم يصدق الكثير من الناس حول العالم، كيف تمكن المصريون من تحطيم أقوى خط دفاعى فى العصر الحديث بـ«خراطيم مياه»؟

فى زماننا تبدو الصورة مختلفة ومؤلمة، حيث توارى أهل الاختصاص عن الصورة فى أغلب الأوقات، وتقدم الصفوف أهل الثقة الذين تولوا تنفيذ العديد من المشروعات الهامة فى هذه المرحلة، فكانت النتائج غير مرضية للبعض، على وسائل التواصل الاجتماعى، لما تحمله من أخطاء فنية كان يمكن تجنبها بالاستعانة بأهل الاختصاص وبقليل من الدراسة والمراجعة، وبما يحافظ على أموال البلاد القليلة التى تحصل عليها بالقروض والديون.

فى الندوة التثقيفية الأخيرة بمناسبة احتفالات السادس من أكتوبر، وجه الرئيس السيسى تساؤلًا إلى المصريين: «هل أنتم مستعدون كما كنتم من 1967 إلى 1982 لتحمل الكلفة والتضحيات التى قدمتها الدولة لتجاوز أزمتها، أم سنأتى الآن ببعض الشائعات والأكاذيب التى تقال كل يوم ويعرفها الناس؟».

تساؤل مشروع تماما من جانب الرئيس، الذى يدرك ــ كما يلمس ويشعر بذلك المواطن البسيط ــ الوضع الاقتصادى الصعب الذى تمر به البلاد، والمخاطر التى قد تترتب عليه، لكن حتى يجد هذا التساؤل ردا إيجابيا من جانب الشعب، والذى لن يبخل أو يمتنع بالتأكيد عن الوقوف إلى جانب بلاده والتضحية من أجل عبورها هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة، ينبغى أن تضع الدولة المصرية «خريطة طريق» حقيقية وواضحة أمام شعبها تعلى من شأن فقه الأولويات الغائب منذ سنوات، وتحدد مهامها ومسئولياتها وترسم ملامح الخروج من دوامة التحديات الحالية بكل شفافية، وهو ما يعول عليه الكثيرون من المؤتمر الاقتصادى المزمع عقده نهاية هذا الشهر، وكذلك من الحوار الوطنى الذى أصابه البطء غير المبرر فى ظرف زمنى ضاغط، نحتاج فيه إلى كل ثانية ودقيقة لنتجاوز أزمتنا.. وقتها فقط لن يبخل المصريون عن تقديم كل ما يستطيعون من أثمان وتضحيات وعن طيب خاطر كما فعلوا فى عام 73 إلى أن تحقق النصر الكبير.

التعليقات