هل أتاكم حديث المجلس التأسيسىّ؟ - امال قرامى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل أتاكم حديث المجلس التأسيسىّ؟

نشر فى : الثلاثاء 8 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 8 يناير 2013 - 8:00 ص

فى البدء كان المجلس التأسيسىّّ مطلبا شعبيّا نادت به الجموع، ونُظمت من أجله المسيرات الشعبيّة، والتفّت حوله بعض الأحزاب التى رفضت المشاركة فى الحكومات التى تعاقبت بعد الثورة كحزب النهضة والحزب الشيوعى. ظنّ القوم أنّهم سيحقّقون إنجازا تاريخيّا تُحاكيه الشعوب المنتفضة، حلموا بشخصيات وطنيّة تتنافس من أجل صياغة دستور «الجمهوريّة الثانية « الذى سيكون دستورا حداثيا تتباهى به تونس أمام الأمم.

 

ثمّ جاءت الانتخابات وفاجأت النتائج من حبكوا خطّة المطالبة بانتخابات نوّاب للمجلس التأسيسى يُمثّلون أقوى سلطة فى البلاد. باتت مقاليد السلطة بيد «الترويكا » فمَنّت الأحزاب المعارضة نفسها بأنّ حزب المؤتمر وحزب التكتل سيصطفّان إلى جانب المشروع الحداثىّّ ولكن «تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن». فعلى مرّ الشهور بدا حزب النهضة الحزب الحاكم الفعلىّّ للبلاد، وردّد نوّاب كتلة النهضة أنّهم يمثّلون الأغلبية التى بيدها سلطة القرار، وما على جماعة «الصفر فاصل» إلاّ لملمة جروحهم والكفّ عن البكاء والصراخ.

 

•••

 

مرّت السنة واكتشف التونسيون والتونسيات حقائق مفجعة، وما عاد بإمكان عدد كبير من النوّاب «إسدال الكساء على عوراتهم». فنحن إزاء نائبة (من حزب التكتّل)تُزوّر فى التصويت مُبرّرة ذلك بأنّها نسيت أنّ التصويت نيابة عن الآخرين، يُعدّ مخالفة وفق القانون الداخلى للمجلس التأسيسىّّ، وهذه جلسات تُؤجّل بسبب غياب النوّاب، وهذه مُشاحنات وعنف لفظىّ ومادى يُنقل على التلفزة فيصاب الجمهور بالدهشة من أداء النوّاب، وتلك نائبة (حزب النهضة) تُطالب بحلّ أزمة الماء حتى يتمكّن الناس من إتمام حفلات زواجهم، وتلك نائبة أخرى (حزب النهضة) تقترح بناء دار للشهيد يلتقى فيها الشهداء، وذاك نائب يرفض أن تتكلّم زميلته باللغة الفرنسيّة، ... عدّد ولا حرج. ولكن الأدهى والأمرّ أنّ كلّ هذه المعارك انعكست سلبا على المواطنين فباتوا يُبرّرون العنف فى الفضاء العمومى بأنّه نتيجة عنف النوّاب والسياسيين فى منابر الإعلام.

 

•••

 

ولكن لا يذهبنّ فى الذهن أنّ الفُرقَة حلّت بين النوّاب فلا مجال للاتفاق. لقد حصل الإجماع عند مراعاة المصالح. فنُوّاب الشعب ما راموا الرحيل... وعدوا بإتمام صياغة الدستور فى غضون سنة وأخلفوا، ونقضوا العهد...أعجبتهم الرواتب التى ما كانوا يحلمون يوما بأن ينالوها، (تقريبا 3000 دولار) واستطابوا المنح والسفر والامتيازات... على حساب الشعب. منح رئيس المجلس لنفسه سلطة تحديد الأجور فخصّ الأقربين بالمعروف فصار راتبه يتماهى مع راتب رئيس الدولة (قرابة 25ألف دولار) ومنح نائبته (من حركة النهضة) 7 آلاف يورو. ارتفعت تكاليف الحياة وما عاد بالإمكان الاستمرار فى تحمّل تبعات الثورة فضاقت البلاد بساكنيها فرام البعض الرحيل إلى إيطاليا فى مغامرة غير مأمونة العواقب، وصدّر آخرون الشباب إلى الجهاد بسوريا، وانتحر آخرون شنقا وحرقا.

 

وحدهم نوّاب الشعب فى النعيم يرفلون، بعد أن مرّروا هذا الأسبوع قرارا يقضى بالترفيع فى رواتبهم بنسبة 50 بالمائة، وفى غفلة من أمر الجمهور تمّت المصادقة بالإجماع.

 

•••

 

ما عاد بالإمكان التنويه بأداء نوّاب الشعب، إذ بات الانتقاد على صفحات الجرائد أمرا معهودا، وأضحى الكشف عن فضائح المجلس التأسيسى ركنا متميّزا فى القنوات الخاصّة التى أبدعت فى سرد الوقائع بإخراج ساخر. أمّا المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل من فيس بوك وتويتر فحدّث ولا حرج.

 

وما عاد بإمكان بعض زعماء الأحزاب إلاّ الاعتراف أمام الملأ بأنّهم أخطأوا عندما اقترحوا إنشاء المجلس التأسيسى، بل إنّ عددا من النوّاب أقرّوا بأنّهم خذلوا الشعب، وخانوا الشهداء وجرحى الثورة، وما كانوا مؤهلين لكتابة دستور: أراده الشعب معبّرا عن جميع التونسيين، وأرادته النهضة معبّرا عن مشروعها الفعلىّ. واليوم نسمع تصيح فئات : نسألكم الرحيل.  

 

 

أستاذة بالجامعة التونسية   

التعليقات