ضحية «خلود» - خالد محمود - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ضحية «خلود»

نشر فى : الخميس 10 مايو 2012 - 11:35 ص | آخر تحديث : الخميس 10 مايو 2012 - 11:35 ص

خالد محمودشنق ابن التسع سنوات نفسه فى مشهد يحاكى تماما ما فعله أحد أبطال المسلسل التركى «خلود».. لم يستطع الطفل المغربى المتأثر لأقصى درجة بالشخصية الدرامية للعمل سوى أن يفعل مثله، أحضر حبلا وعلقه بسقف غرفته وشنق نفسه.

 

استيقظ المجتمع المغربى صباح أحد أيام الأسبوع الماضى على تلك الماسأة.. بكت الأمهات.. علامات الذهول تملأ وجوه الآباء.. لكن لم تستطع الدموع ولا الدهشة أن توقف زحف هذا العشق الجماهيرى على امتداد الشارع العربى للمسلسلات الدرامية التركية المدبلجة.. ولا هذا التعاطف الكبير مع بطلاتها وأبطالها للدرجة التى توحَّد معها المشاهدون من الأطفال والمراهقين للدرجة التى جعلت أحدهم يشنق نفسه مكان البطل.

 

الدراما التركية لها جاذبية خاصة، وإبهار بحكايتها وممثليها وأجوائها. دعونا نعترف بذلك أن معظم شاشات العالم العربى الفضائية لم تخلُ من عرض عمل تركى بعد ما عرفوا كلمة السر والسحر الخاص الذى خلفه الثنائى مهند ونور على المشاهدين فى المنازل.

 

 لقد حزنت كثيرا على ما فعله الطفل المغربى، ورحيله وهو لا يزال فى زهرة العمر، وأخشى أن تذوب مواقف وتصرفات ومشاعر وأحاسيس وأفكار تلك الشخصيات الدرامية إلى وجدان مشاهديها من مختلف الفئات العمرية، وأن تتجاوز حدود التلقى من كونها شخوصا داخل مسلسلات حكاياتها من خيال صانعيها إلى شخصيات ذات واقع اعتبارى، يحاول الجمهور تقليدهم فى أسلوب الحياة ودوافع الرحيل منها أيضا.

 

إن مجتمعاتنا العربية متعددة الثقافات والتقاليد لكن الحقيقة التى لمستها هى أن هذه الثقافات والعادات باتت هشة الجذور، بل وتلاشت معالمها الخاصة بفضل متناقضات العصر، خاصة بين النشئ والمراهقين، بل والشباب وهو ما جعل عنصر التاثير شديد البكارة، للدرجة التى ربما تمحو ما تلقيته من ثقافة وما نشأت عليه من سلوك، لتكتسب مواصفات شخصية جديدة وجدت نفسك فيها عبر عمل درامى.

 

إننى لست ضد تلك النوعية من المسلسلات التركية، بالعكس فهى شديدة الحرفية والإبهار فى الأداء والديكور والتصوير والموسيقى والحكايات نفسها، وما أتمناه أن تنتبه مجتمعاتنا من أنها تعانى من شرخ كبير ومتاهة أكبر فى ترسيخ مبادئ عصرية فى التعليم والوعى، وما يقف وراءهما من ثقافة تتعايش مع ثقافات أخرى دون أن تلغى معها ثقافتك الأصلية، وإلا ستتوه العقول وتصبح المشاعر فريسة.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات