أخلاقيات العمل الإعلامي الرياضى - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الأحد 6 أكتوبر 2024 3:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أخلاقيات العمل الإعلامي الرياضى

نشر فى : الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 - 7:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 سبتمبر 2024 - 7:35 م

** هى أخلاقيات العمل الإعلامى بشكل عام، وربما هى أخلاقيات أى عمل أيضا. إلا أن الإعلام الرياضى ينفرد بأنه يخاطب ملايين، لأن الرياضة نشاط له قاعدة متسعة ومختلفة الأعمار، ومختلفة المستويات الاجتماعية والثقافية، وعند التصدى لمخاطبة الملايين الذين يمثلون رأيا عاما، قد يكون هادئا وقد يكون عاصفا وقد يكون غاضبا وقد يكون سعيدا، وقد يكون مختلفا فيما بينه، وقد ينتظر أن يعرف، وقد يكون منتظرا للحقيقة. وقد يكون يبحث عن الخبر. عند التصدى لمخاطبة هذا الرأى العام الذى يقدر بالملايين، لابد من الالتزام بأخلاقيات العمل الإعلامى.
** هكذا دارت حلقة النقاش الأخيرة لمنتدى الإعلام الرياضى حول أخلاقيات المهنة. والواقع أن أساسيات ممارسة مهنة الإعلام الرياضى مرتبطة ارتباطا وثيقا بأخلاقيات الممارسة. فمن يخاطب رأيا عاما يجب أولا أن يكون موهوبا، يملك الصوت والقبول، والشخصية، والكاريزما، ويجيد فن المخاطبة، فن الكلام، ومثقفا ثقافة عامة، ويملك ثقافة رياضية عامة، ولو كان متخصصا فى رياضة فيجب أن يعرف قوانينها، وتطور تلك القوانين وأسباب التطور والتغيير فى القوانين. يعنى مثلا يفترض العلم بإلغاء مسابقة الفروسية من الخماسى الحديث، فلماذا تقرر هذ ا الإلغاء.. وهناك مئات الأمثلة التى تمس عمل الإعلام الرياضى المتخصص، سواء فى التنس وكيف تغيرت أوزان وسرعات الكرات، ولماذا؟ وما هى الراليات، وكيف كانت اللعبة قبل سنوات ثم كيف أصبحت وأين ذهبت مدرسة التنس الأمريكية وماذا جرى لها؟
** الأمر نفسه فى السباحة فمتى سمح للسباحين بارتداء ملابس خاصة تساعد على زيادة سرعتهم، ولماذا قرر الاتحاد الدولى إلغاء موافقته على تلك الملابس. وسوف يظن البعض أن كرة القدم سهلة يمكن أن يتحدث بها أى شخص. نعم هى سهلة لمن يكون رأيه انطباعا لكنها ليست سهلة لمن يرى التفاصيل ويشرحها ويوضحها بالأسانيد الفنية، وليس كما يبدى بعض الإعلام أو نوع من الإعلام محسوب على الإعلام الرياضى رأيه فى مدرب بأنه: بائع بطاطا (مع الاعتذار لكل بائعى البطاطا العسل). فمثل تلك الآراء تعكس عقلا يساوى جمجمة العصافير؟
** أخلاقيات الإعلام الرياضى هى أساسيات ممارسة هذا العمل. فهى ليست وظيفة ولكنها رسالة. وهذا أولا. والأفضل أن يكون رياضيا مارسا للرياضة. ثم إليكم البديهيات الإنسانية. أن يكون أمينا، وصادقا، وموضوعيا، وواضحا، وجريئا، وعادلا، ومحايدا، وفاهما، متعلما، وبعيدا عن تضارب المصالح، فلا يكون إعلاميا وعضوا فى اتحاد، ويجب أن يكون مثقفا رياضيا ومثقفا بشكل عام، وتحترم الانتصار، ولا تسىء للمهزوم، ومتطلعا على كل ما هو جديد، ويدرك ماذا فعلت التكنولوجيا فى الرياضة وما هو تاريخ الألعاب الأوليمبية وقوانين اللعبات، وأن يكون عارفا بأبطال تلك اللعبات والأرقام القياسية، وفاهما لقيم الرياضة ورسالة الرياضة، وتأثير انتصارات الشعوب فى الرياضة وكيف باتت تمس كبرياء الأمم، وألا يكون متعصبا مصدرا للتمييز والتحريض وللكراهية وأن يفكر مرة قبل ممارسة المهنة وأن يفكر مرتين قبل أن يتحدث مخاطبا ملايين أمام الشاشات وعبر الإذاعات، أو حتى على منصات ومواقع التواصل الاجتماعى.
** والإعلام الرياضى ليس إعلام كرة القدم فقط، لعبة المشاهير والشهرة، ومن يتصدى للعمل فى مجال كرة القدم عليه أن يتابع تاريخها ويقرأ، ويفهم، ويسأل نفسه لماذا كرة القدم باتت هى اللعبة الشعبية الأولى وليس لعبات جماعية أخرى مثل السلة واليد والطائرة . فى أى شىء تميزت كرة القدم وكيف فسرت دراسات وأبحاث علوم الاجتماع فى العالم سر كرة القدم؟
** الشغف هو أهم أساسيات ممارسة العمل الإعلامى الرياضى وأهم أخلاقيات هذا العمل . أعنى أن تحب ماتفعله، وأن تحب أن تعرف (بفتح التاء) حتى تعرف (بضم التاء)، وألا يكون متأخرا عن المتلقى فى معلوماته وفيما يعلم به، فأنت هناك فى تلك المنصة كى تخبر المتلقى بالحقيقة، وبالمعلومات، وبالجديد، وبالأخبار، وبما وراء الأخبار من حقائق وتفاصيل، وبالتحليل لما جرى ويجرى. ويجب أن تحذر اختلاق الأخبار وصناعة الجدل، فى زمن شهد فيه الإعلام الرياضى زخما هائلا فى النشاط وفى الأخبار، وهذا التشبع قاد بعض أو ربما كل الإعلام الرياضى إلى السعى لخلق حالات جدل كى يفوز بالمشاهدة والمتابعة. وأظن أن صناعة الجدل وافتعاله جريمة فى حق المهنة وفى حق المشاهد والمستمع والقارئ، فهى تجارة بمشاعره وبانتمائه.
** الرياضة لا تصنع الكراهية ولا يجب أن تصنعها. الرياضة هى أعظم نشاط إنسانى يعزز السلام بين الشعوب.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.