صاروخ الصين العظيم - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 2:01 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صاروخ الصين العظيم

نشر فى : الخميس 10 أكتوبر 2019 - 8:55 م | آخر تحديث : الخميس 10 أكتوبر 2019 - 8:55 م

حينما يكون لديك توافق مجتمعى وتملك ثانى أقوى اقتصاد فى العالم، ويحقق ميزانك التجارى فائضا مع كل البلدان، وحينما يكون لديك جيش قوى جدا وتملك أقوى صاروخ عابر للقارات فى العالم يزيد مداه عن ١٤ ألف كيلومتر، ويحمل رءوسا نووية ويصل إلى أى مكان فى العالم، وقتها يمكنك أن تشعر بالأمان والاستقرار، وأن تتحدث مع الجميع بلغة القوى والواثق ولا تسمح لأحد أن يبتزك أو يهدد بلدك بالغزو والاحتلال أو يفرض عليك شروطا مجحفة.
صباح يوم الثلاثاء قبل الماضى، احتفلت الصين بالذكرى السبعين لقيام ثورتها وتأسيس جمهورية الصين الشعبية التى قادها الزعيم التاريخى للصين ماوتسى توبخ فى الأول من أكتوبر عام ١٩٤٩.
فى هذا الاحتفال وقف الرئيس الصينى شى جين بينج خطيبا فى ميدان السلام السماوى «تينانمن» ومن بين أبرز ما قاله: «ما من قوة يمكنها هز مكانة الصين أو منع شعبها أو الأمة الصينية من السير إلى الأمام». والسبب أن إنجازات بلاده أذهلت العالم كله.
قال أيضا إن «الجيش يحمى سيادة الصين، وأمنها ومصالحها الحيوية والتنموية بحزم ويحافظ بقوة على السلام العالمى والمهم أن نحافظ على القوة والوحدة».
ما كان يمكن للرئيس الصينى أن يقول هذا الكلام الشديد إلا إذا كانت بلاده على درجة من القوة تجعلها قادرة على ردع كل التهديدات، خصوصا أن الصين لا يمكنها أن تنسى أن الغرب عموما وبريطانيا خصوصا قد أغرقوها فى حرب الأفيون لسنوات طويلة، مما جعلها عاجزة تماما. قبل أن تنفض الغبار وتخرج كالمارد الذى فاجأ وأدهش الجميع.
فى يوم الاحتفال كانت هناك موسيقى صاخبة، وشارك فيه ١٥ ألف جندى، نظموا مسيرات فى العديد من الشوارع، قبل أن يستقروا فى ميدان السلام السماوى الموجود به قبر الزعيم التاريخى ماو.
كانت هناك بالونات ضخمة وأجواء احتفالية صاخبة لكن المشهد الأهم كان للأسلحة التى عرضتها الصين، خصوصا الصاروخ العابر للقارات.
من التقط الإشارة المهمة فى هذا الاحتفال، مقال مهم فى «الفايننشال تايمز» كتبه كل من كاثرين هيل وكانير لو، بعنوان «العضلات الصاروخية الصينية توجه رسالة إلى الولايات المتحدة».
عميد صينى متقاعد قال للصحيفة «نريد استخدام هذا الصاروخ الكبير القاتل لاحتواء أمريكا، ورغم أنه لا سبيل لمنافسة أمريكا إلا أننا نطور بعض المعدات المميزة، مما سيجعل أمريكا لا تتجرأ على الوقوف ضدنا».
كان البعض يعتقد أن الأسلحة الصينية الحديثة لإخافة جيرانها خصوصا تايوان أو كوريا الجنوبية واليابان، لكن الصين وكل من حولها بات يدرك، أنها فى سباق صاروخى مع الولايات المتحدة.
السؤال: هل الولايات المتحدة وبقية العالم تخشى الصين لأن لديها أقوى وأكبر صاروخ، أم لأن لديها اقتصادا قويا صار الثانى عالميا؟!.
ظنى أن الاقتصاد القوى القائم على الابتكار هو الأساس، لأن لدينا نموذجا هو كوريا الشمالية، لديها أنظمة تسليم متطورة جدا لكنها لا تملك إطعام شعبها بصورة كريمة، وتعيش على مساعدات الصين وروسيا بالأساس، وهذا لا يعنى إهمال القوة العسكرية، فالعنصران مترابطان أى الاقتصاد والقوة العسكرية.
قوة الاقتصاد الصينى هى التى دفعت الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كى يقول إن كل من سبقوه من الرؤساء الأمريكيين تركوا المارد الصينى يتعملق وأنه مبعوث العناية الإلهية، وشن حربا تجارية طاحنة ضدها، حتى لا تتفوق على بلاده، ورغم ذلك فإن مراقبين كثيرين يقولون إن القوة الصينية الشاملة تتصاعد، رغم أن أمريكا لا تزال الأقوى اقتصاديا وعسكريا، والأهم فى الابتكار والقوة الناعمة المتنوعة.
خلاصة ما حدث يوم الثلاثاء قبل الماضى فى ميدان «السلام السماوى» أنه من دون قوة عسكرية واقتصادية، فإنك تجعل نفسك بلا حول ولا قوة فى هذا العالم المتجبر والقاسى، وستجد نفسك يتيما على موائد اللئام!!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي