هل يؤثر حظر السلاح الأمريكى على عملية إحياء السلام فى السودان الجنوبى؟ - دينق ألينق - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 4:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يؤثر حظر السلاح الأمريكى على عملية إحياء السلام فى السودان الجنوبى؟

نشر فى : الأحد 11 فبراير 2018 - 10:10 م | آخر تحديث : الأحد 11 فبراير 2018 - 10:10 م
أصدرت إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» فى الثانى من فبراير الحالى قرارا بحظر السلاح على حكومة السودان الجنوبى، وذلك فى محاولة منها لإجبار الحكومة على اتخاذ خطوة جادة نحو إحلال السلام فى أحدث دولة فى العالم، والتى دمرتها الحرب الأهلية التى اندلعت فى نهايات العام 2013. وعلى الرغم من توقيع اتفاقية حل النزاع فى أغسطس عام 2015 إلا أن الاتفاقية لم تصمد كثيرا، وسرعان ما عادت الأطراف المتصارعة إلى ميادين القتال؛ مما تسبب فى مقتل عشرات الآلاف ولجوء أكثر من ثلاثة ملايين إلى دول الجوار كما تقول المنظمات الأممية. 

وفى الخامس من فبراير الحالى انطلقت فعاليات منتدى إحياء السلام بمشاركة الحكومة وعدد من الحركات المعارضة، وقد وقعت الاتفاقية من قبل قائد الحركة الشعبية فى المعارضة «رياك مشار» ورئيس الجمهورية «سلفاكير ميارديت» فى أغسطس 2015، وعلى إثرها أتى «رياك» إلى جوبا وتم تشكيل الحكومة الانتقالية وأدى «رياك مشار» القسم كنائب أول لرئيس الجمهورية، وعلى أن تستمر الحكومة الانتقالية حتى العام 2018 حيث ستقام انتخابات عامة فى البلاد، إلا أن الاتفاقية لم تستمر كثيرا حيث عادت المواجهات بين القوات الحكومية والمعارضة فى جوبا ــ نصت الاتفاقية على وجود جيشين فى الفترة الانتقالية على أن يتم دمجهم لاحقا ــ والتى أدت إلى خروج «رياك» مجددا إلى الأدغال، وتجدد القتال بين قوات الحكومة والمعارضة المسلحة. وعلى الرغم من تجدد القتال إلا أن بعض أنصار زعيم المعارضة المسلحة قرروا البقاء فى جوبا وعلى رأسهم النائب الأول الحالى لرئيس الجمهورية «تعبان دينق قاى» الذى صعد إلى رئاسة الحركة الشعبية فى المعارضة ومن ثم أصبح الرجل الثانى فى الحكومة الانتقالية، وعلى الرغم من اختلاف آراء المتابعين والخبراء حول أحقية «تعبان» بالمنصب إلا أنه بقى فيه إلى لحظة كتابة هذه السطور! 

وقد أدى صعود «تعبان» إلى تقسيم الحركة الشعبية فى المعارضة إلى معسكرين، المعسكر الأول موالٍ للدكتور «رياك مشار» والمعسكر الثانى موالٍ لـ«تعبان دينق قاى»، بما له من تداعيات على الاتفاقية وعملية السلم برمته فى البلاد. إن هذه الوضعية الشاذة للنائب الأول الحالى سوف يشكل تحديا فى عملية تقاسم السلطة فى المنتدى الحالى الآن فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، خاصة أنه ــ تعبان ــ صرح من قبل بأنه لن يتنازل عن كرسيه لأحد. وبالنظر إلى الاتفاقية فإنه من الجلى أنها ركزت على تقاسم السلطة أكثر من إيجاد حلول جذرية للنزاع والتركيز على عدم تكراره فى المستقبل. 

أثر حظر السلاح على منتدى إحياء السلام:

منذ أن اندلعت الحرب فى ديسمبر 2013 ادعت حكومة جوبا أن سبب الحرب كان محاولة انقلابية، وهذا الادعاء رفضته «إدارة أوباما» وهو ما أغضب الحكومة. ومع مرور الزمن واشتداد الحرب أصبحت العلاقة بين جوبا وواشنطن فى تدهور مستمر، ما أدى فى نهاية المطاف إلى طرح أمريكا عدة مشاريع قرارات فى مجلس الأمن من ضمنها فرض عقوبات على جنرالات نافذين والذين تحسبهم مسئولين عن تدهور الوضع فى الجنوب، ما أدى فى النهاية إلى فرض عقوبات على كل من الجنرال «فول ملونق» الرئيس السابق لهيئة الأركان للجيش الشعبى، والجنرال «سانتينو دينق وول» قائد الفرقة الثالثة والقائد الحالى للقوات البرية، والجنرال «مريال شنوانق» القائد السابق للحرس الجمهورى، حيث تم تجميد أرصدتهم الخارجية لا سيما فى الولايات المتحدة وتم منعهم من دخول أراضيها. 

فى الجانب الآخر تم منع زعيم المعارضة المسلحة «رياك مشار» من مغادرة أراضى دولة جنوب إفريقيا بعد أن لجأ إليها إثر تعافيه من المرض فى الخرطوم، وتم احتجازه هناك بموافقة قادة إيغاد ــ الوسيط فى مفاوضات السلام ــ اعتقادا منهم أن إبعاده سوف يساهم فى إحلال السلام، وهو الاعتقاد الذى أثبت خطأه لاحقا؛ فالمواجهات بين قوات «رياك» والحكومة استمرت فى مناطق متفرقة من البلاد، كما ظهرت حركات مسلحة أخرى مثل حركة الخلاص الوطنى بقيادة الجنرال المنشق «توماس شريلو» وحركات أخرى كثيرة. 

***

إن فرض «إدارة ترامب» حظر السلاح على الحكومة من شأنه التأثير على المفاوضات وهو ما ظهر خلال الأيام الماضية حيث رفضت الحكومة فكرة وجود جيشين فى الفترة الانتقالية، ويعود هذا أيضا إلى الخوف من تكرار المواجهات التى وقعت فى النصف الثانى من عام 2016 فى مدينة جوبا. إن حظر السلاح على جوبا من الممكن أن يؤتى ثماره على المدى البعيد ولكنه فى الوقت الراهن لا يؤثر، خاصة أن الحكومة لا تشترى السلاح بشكل مباشر وإنما عن طريق طرف ثالث عادة يكون إحدى دول الجوار؛ ولذا فإن إمكانية تأثر الحكومة حاليا بالقرار مستبعد. كل ما فى الأمر أنها سوف تتمسك بموافقها فى الكثير من البنود.

وما يعاب على الاتفاقية أنها ركزت أكثر على تقاسم السلطة بين الأطراف المتحاربة دون التطرق إلى جذور الأزمة وإيجاد حل جذرى لها، ما أدى إلى انهيارها سريعا. كما أن الاتفاقية فى ملامحها تشبه اتفاقية السلام الشامل التى وقعت بين الحركة الشعبية وحكومة السودان عام 2005. ولقد نجحت اتفاقية نيفاشا لأن الطرفين أثناء التنفيذ قدموا تنازلات بينما فشلت اتفاقية عام 2015 بسبب غياب الإرادة وعدم اقتناع الأطراف المتحاربة بضرورة توقيع الاتفاقية. كما أن الضغوط الإقليمية والدولية ساهمت فى توقيع الاتفاقية بشكل سريع وهو ما يجب أن يحدث فى المنتدى الحالى. ويبدو أن التركيز مجددا ينصب على تقاسم السلطة ووضعية كل حركة أو حزب سياسى فى الحكومة الانتقالية حال توقيع الاتفاقية، مما ينبئ بمستقبل مظلم لعملية السلام فى السودان الجنوبية.
دينق ألينق كاتب وصحفى من جنوب السودان
التعليقات