ملاحظات حول تقسيم وتشكيل الشرق الأوسط - نبيل فهمي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 6:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ملاحظات حول تقسيم وتشكيل الشرق الأوسط

نشر فى : الإثنين 11 يوليه 2022 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 11 يوليه 2022 - 7:40 م
زيارة للرئيس الأمريكى بايدن للمنطقة، إعلان الائتلاف الحكومى الإسرائيلى، إجراءات نيابية وانتخابات جديدة فى إسرائيل، جولة لولى العهد السعودى فى مصر والأردن وزيارة لتركيا، وقف إطلاق النار فى اليمن، واتصالات ثنائية بين كل من الإمارات والسعودية وإيران فى ظلال قدر غير قليل من البرود فى العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر والإمارات والسعودية، قبل أن تنفرج الأمور وتتطور مع تغليب أمريكا المصلحة على المهاترة، زيارة خليجية لوزير الخارجية الروسى، أخبار غير مؤكدة عن اجتماع عسكريين عرب وأمريكيين وإسرائيليين فى شرم الشيخ، ونفى الإمارات مشاركتها أو حتى علمها عن أى اجتماع رسمى بهذا الشأن ورفضها الدخول فى خلاف ضد أحد، وتنويه أردنى متحفظ ودقيق عن تأييدها تعاونا أمنيا على غرار الحلف الأطلنطى فى الشرق الأوسط، وإنما وفقا لشروط دقيقة، استضافة البحرين فى المنامة لاجتماع ثانٍ لمجموعة النقب وهم وزراء خارجية إسرائيل والبحرين ومصر والإمارات مع استمرار تغيب الأردن عن المشاركة، وقيام الرئيس المصرى بجولة خليجية، واستقباله قبل ذلك أمير قطر بمصر، وإعلان عن استئناف المشاورات السعودية الإيرانية من جانب وتنوية باستجابة إيرانية لمبادرة أوروبية لإحياء المفاوضات النووية مع إيران.
كل ذلك بعد الإعلان عن زيارة الرئيس الأمريكى للمنطقة وقبل إتمامها، وهو ما يدفعنى إلى طرح بعض الخلاصات المهمة ومنها:
أولا: إن العالم العربى أو جزءا كبيرا منه جارٍ إعادة تشكيله ذاتيا أو من الخارج أو كلاهما سويا، عن عمد أو بمحض الصدفة، وهذا التشكيل ينصب مرحليا على غرب آسيا وإنما ينعكس على العالم العربى بأكمله، أى أننا فى مرحلة تقسيم وإعادة تشكيل حساسة، يجب متابعتها والتعامل معها دون التسرع فى افتراض النتائج أو التهوين من خطورة ما يتم التخطيط له.
ثانيا: إن إعادة التشكيل الجارية تعكس عدم ارتياح الأطراف عامة لأسس العلاقات الخارجية القائمة بالفعل، بدعم خارجى أو كتجمع عربى وخاصة من قبل العرب، أى أن العرب قلقون من علاقاتهم مع الدول الكبرى خاصة فى المجال الأمنى، وغير مرتاحين لترتيباتهم الإقليمية العربية ومؤسستها الرئيسية غير المؤثرة جامعة الدول العربية، وهى فرصة سانحة للأطراف غير العربية بالمنطقة لتوسيع رقعة نفوذها لاستغلال الفراغ العربى وغياب العالم العربى، بما فى ذلك حديث إسرائيل عن خريطة أمنية شرق أوسطية جديدة الآن وليس بعد السلام العربى الإسرائيلى الشامل كما كان مفترضا.
ثالثا: إنه رغم صعوبة الاستغناء عن الدور الأمريكى كليا بل ووجود رغبة فى الحفاظ عليه وعلى تواجده فهناك أيضا تقدير عام بأن الدعم الأمريكى غير مضمون أو مستقر ولا يمكن الاعتماد عليه كثيرا، بصرف النظر عن توافر الأغلبية فى الكونجرس للجمهوريين أو الديمقراطيين ومن يتولى منصب الرئاسة، وذلك فى ضوء التوجه الانعزالى داخل المجتمع الأمريكى.
رابعا: هناك اهتمام وتركيز على تحقيق نتائج محددة وملموسة قابلة للتنفيذ خلال الزيارة القادمة حتى وإن كانت غير طموحة، بغض النظر عن التصريحات الرنانة السابقة أو الجديدة عن استراتيجية العلاقات والصداقات طويلة الأجل، مما يحمل فى طياته دلالات عن فقدان الثقة بين الجانبين الشرق الأوسطى والأمريكى، واهتمام عربى بشكل خاص بتأمين مصالحه من أى تردد أمريكى، ومن ناحية أخرى هناك فى الساحة الأمريكية والغربية من يرى أن الجانب العربى لن يوفر المطلوب منه غربيا برفع إنتاجه البترولى لضبط الأسعار، نظرا لأن مستويات الضخ اليومى وصلت أو اقتربت من الحدود القصوى الممكنة، ومن ثم فمن المتوقع التوصل إلى صفقات عربية أمريكية محدودة أمنيا وبتروليا، وإنما ليس على مستوى الطموحات.
خامسا: إن المعادلات والموازنات والمواءمات الشرق أوسطية أصبحت متعددة الاتجاهات وليست حصرية على التوجه الغربى، فهناك تنامٍ فى العلاقات العربية مع توسع الصين فى الأسواق العربية واعتمادها المتزايد على الطاقة الشرق أوسطية العربية والإيرانية، وتعاون فى إطار مجموعة OPEC+ الذى جمع روسيا مع عدد من مصدرى البترول فى هذا التجمع الوقودى الحاكم فى تحديد سعر الطاقة عالميا.
سادسا: وإذا كانت المنطقة تنظر بمزيد من الاهتمام لتوسيع علاقاتها الخارجية وتنويعها بين الدول الكبرى، فنجد مقابل ذلك توجها نحو المزيد من التعاون الإقليمى بين دول متفقة فى التوجهات، ولو مرحليا، بدلا من التوجه الإقليمى العربى التقليدى، وينوه به فى هذا الخصوص إلى أطراف الاتفاقات الإبراهيمية، أو مجلس التعاون الخليجى بعد قمة العلا، والتشاور المتنامى بين مصر والإمارات والسعودية، وكذلك مع الأردن والعراق.
سابعا: تُنشر أخبار عن تباين فى المواقف حتى بين الدول العربية المتوافقة فى الرأى، فمصر والأردن أول من أبرموا اتفاقات سلام مع إسرائيل إلا أن الأردن تغيب عن اجتماعى النقب والبحرين، حضرت مصر اجتماع المنامة وإنما نُشرت أنباء عن تحفظ مصر وكذلك السعودية على فكرة إنشاء تجمع شرق أوسطى مثل حلف الشمال الاطلنطى يستهدف إيران، والإمارات العربية أثارت تحفظات عديدة حول التصرفات الإيرانية ولم تخفِ علاقاتها مع إسرائيل بعد الاتفاقات الإبراهيمية بما فى ذلك فى المجال الأمنى، ومع هذا نفت الإمارات مشاركتها أو حتى علمها بأى اجتماع عسكرى جماعى رسمى تضمن الولايات المتحدة والعرب وإسرائيل، وهو ما نقلته الصحف الإسرائيلية.
ثامنا: رغم وجود اتصالات عربية مع تركيا وكذلك مع إيران فالعنصر المشترك فى الغالبية العظمى من الاتصالات والمشاورات الأخيرة كان إسرائيل وهى الحاضر الغائب دائما، رغبة فى تأمين دورها الإقليمى.
تاسعا: لم يتخذ مجلس التعاون الخليجى موقفا جماعيا من كل ذلك وحتى فيما يتعلق بإسرائيل، والكويت الأكثر تحفظا، وقطر شبه غائبة عن المشاورات الإقليمية الأخيرة رغم تعاملها مع إسرائيل وحماس سابقا، وعمان تفضل الدور الهادئ بعيدا عن الأضواء رغم قيامها مسبقا بعقد مشاورات مع إسرائيل واستضافتها لاجتماعات إيرانية أمريكية.
عاشرا: من المنتظر ترتيب الرئيس بايدن لقاء ما أو زيارة للسلطة الفلسطينية، وإنما من الملفت للنظر ندارة وضعف الاتصالات العربية الفلسطينية فى هذه المرحلة، وكانت أبرزها اتصالات أردنية فلسطينية، وهذا فضلا عن عدم وضوح توافر مشاورات عربية سورية والمنطقة تخطو نحو إعادة التشكيل.
علينا كدول وطنية وكعرب التفكير والتأمل فى هذه الخلاصات وغيرها، لأن العالم يتغير بما فى ذلك منطقتنا، ويجب اختيار أفضل السبل لتحديد مسارنا وتأمين مصالحنا الوطنية والإقليمية.
نبيل فهمي وزير خارجية مصر السابق، والعميد المؤسس لكلية الشئون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة
التعليقات