الجيش اللبنانى وفخ الطائفية - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 8:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجيش اللبنانى وفخ الطائفية

نشر فى : السبت 12 يوليه 2014 - 8:40 ص | آخر تحديث : السبت 12 يوليه 2014 - 8:40 ص

قامت نشرة صدى التابعة لمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى بنشر مقال لمنى علمى؛ صحفية لبنانية فرنسية، تتحدث فيه عن دور الجيش اللبنانى فى الحفاظ على توازنه الطائفى خلال الأحداث الجارية. جاء فى المقال أن الحرب السورية المستمرة منذ ثلاث سنوات أثارت غضبا واستياء من الجيش فى صفوف عدد كبير من السنة اللبنانيين الذين يدعم معظمهم الثورة السورية وتعتبر أن الجيش اللبنانى أصبح مقربا جدا من حزب الله، أحد الداعمين الأساسيين لنظام الأسد. وقد أطلق الجيش وقوى الأمن خطة أمنية جديدة فى أبريل الماضى ردا على التهديدات الأمنية المتعاظمة فى لبنان، بهدف فرض سيادة القانون عبر إنشاء حواجز تفتيش وتنفيذ مزيد من المداهمات على طول الحدود السورية ــ اللبنانية. وقد نجحت الخطة التى تعتمد على التعاون المتزايد مع حزب الله، فى تحسين الوضع الأمنى فى البلاد فى شكل عام والحد من التشنجات بين السنة والمؤسسة العسكرية. بيد أن الهجمات الانتحارية الأخيرة، لاسيما التفجير الذى وقع فى إحدى الضواحى الشيعية فى بيروت فى 23 يونيو الحالى، والهجوم فى منطقة البقاع فى 20 من الشهر نفسه، وفى طرابلس فى 20 مايو الماضى، تكشف عن استمرار التوتر فى العلاقات بين السنة والجيش على الرغم من التحسينات الطفيفة التى طرأت فى هذا المجال. فالخطة الأمنية ليست سوى حل قصير الأمد يسلط الضوء على غياب مجهود طويل الأمد من أجل إعادة بناء الثقة بالمؤسسة العسكرية لدى الطائفة السنية فى لبنان.

•••

وأشارت الكاتبة إلى المهمة الشاقة التى يواجها الجيش اللبنانى للحفاظ على نوع من التوازن بين عمله فى مكافحة الإرهاب من جهة وبين الإبقاء على صورة المؤسسة المحايدة التى ظهرت بعد اغتيال رفيق الحريرى فى العام 2005. لكن هذا الحياد تعرض للتحدى نتيجة النزاع الدائر فى سورية، ولاسيما على ضوء طريقة تعاطى الجيش مع مشاركة أطراف لبنانية ممثلة بكل من حزب الله والمقاتلين الجهاديين فى الحرب السورية. نظرا إلى نفوذ حزب الله وتأثيره فى لبنان، لم يتمكن الجيش من فعل الكثير بشأن ضلوع الحزب فى الحرب السورية، خوفا من ردود الفعل الغاضبة على الساحة المحلية التى يمكن أن يثيرها اعتقال مقاتلى حزب الله لدى توجههم إلى سورية. فى المقابل، يملك الجيش مطلق الحرية فى التضييق على الجهاديين السنة لأنهم لا يحظون بالدعم من أى قوة سياسية لبنانية كبرى. وكذلك، على النقيض من الجهاديين السنة، لا يشكل المقاتلون الشيعة تهديدا كبيرا للدولة. فهم ينتمون إلى مجموعة قتالية ذات قدرات بنيوية وتنظيمية عالية، ويلتزمون بهيكلية راسخة وهرمية قيادية محكمة. أما الجهاديون السنة فغير منضبطين، ولا يلتزمون على ما يبدو بقرارات القيادة السنية، ويرى كثرٌ بينهم فى الدولة اللبنانية مصدرا للقمع. لقد اتهم عدد كبير من السنة فى لبنان المؤسسة العسكرية بتطبيق ازدواجية المعايير فى الحملة التى تشنها لوقف تدفق المقاتلين اللبنانيين إلى سورية.

•••

أضافت علمى؛ يعود هذا العداء المتنامى بين الجيش والسنة فى لبنان إلى ما قبل النزاع السورى. ففى العام 2007، خاض الجيش حربا ضد تنظيم فتح الإسلام السنى الجهادى فى مخيم نهر البارد الفلسطينى، وقد استمرت ثلاثة أشهر وأسفرت عن مقتل ما يزيد على 150 جنديا. وقد ازداد الجيش تصميما على محاربة هذا التهديد الإرهابى الذى يطغى عليه الطابع السنى، بعد أحداث يونيو 2013 عندما لقى 18 جنديا على الأقل مصرعهم فى صدامات وقعت فى مدينة صيدا بين الجيش، المدعوم من حزب الله، وبين أنصار الشيخ السنى أحمد الأسير، المعروف بعدائه لحزب الله. وقد كان انضمام عناصر من حزب الله للقتال إلى جانب الجيش اللبنانى فى هذه الصدامات، سيفا ذا حدين. فقد ولدت هذه المحنة المشتركة رابطا أقوى بين الجيش والحزب، لكنها عززت شكوك السنة بأن الجيش والأجهزة الأمنية تتجه نحو أن تصبح تحت سيطرة التنظيم الشيعى القتالى. وبلغت الروابط بين حزب الله والجيش اللبنانى مستويات جديدة من التعاون إبان موجة التفجيرات التى استهدفت الأحياء الشيعية فى العاصمة بيروت والمنطقة الحدودية فى أواخر العام 2013 ومطلع العام 2014. وقد أسفرت هذه الهجمات ــ التى تبنتها جبهة النصرة وفرعها فى لبنان، كتائب عبدالله عزام، ردا على تدخل حزب الله فى سورية - عن سقوط قتلى فى صفوف المواطنين الشيعة والجيش اللبنانى على السواء.

فى مواجهة التهديدات المتعاظمة جراء التصعيد فى سورية، سعى الجيش اللبنانى للحصول على المؤازرة من حزب الله، لا سيما خلال الأشهر القليلة الماضية. بحلول العام 2013، كان الجيش اللبنانى يتبادل معلومات أمنية قيمة مع حزب الله، بما أتاح له التصدى بفاعلية لعدد من التهديدات. يقول مصدر عسكرى إن تبادل الاستخبارات ساهم فى نجاح الجيش فى تفكيك شبكة إرهابية متورطة فى عشرات الهجمات التى وقعت فى فبراير ومارس الماضيين. وجاء إعلان حزب الله بأن تدخله فى سورية يهدف إلى حماية لبنان من التهديد التكفيرى من الجهاديين ليزيد من حدة اتهامات السنة للجيش بالانحياز إلى الحزب. فقد أتاحت هذه الرواية للحزب والجيش على السواء، وضع الجهاديين اللبنانيين والسوريين فى خانة العدو المشترك.

يتألف الجيش من مختلف الطوائف اللبنانية، بما يعكس النظام الطائفى فى البلاد. لكن فى الأعوام الأخيرة، يتولى الشيعة والمسيحيون المناصب العليا الأساسية فى المؤسسة العسكرية، مع العلم بأن هناك تحالفا بين هاتين الطائفتين بموجب اتفاق بين ميشال عون، رئيس التيار الوطنى الحر، وحسن نصرالله، أمين عام حزب الله. وهكذا يختل الإجماع غير الرسمى على حياد المؤسسة العسكرية عندما ينظر إلى هذه الأخيرة بأنها تفضل طائفة على أخرى. وتحاول الجماعات الإرهابية استغلال العداء السنى المتعاظم حيال الجيش. فقد شجعت جبهة النصرة السنة اللبنانيين على الانشقاق عن الجيش فى مارس الماضى. وتتيح هذه الدعوات للجماعات التابعة لتنظيم القاعدة استغلال نقاط الضعف لدى الجيش. فقبل عامين فقط، استطاع الفلسطينى توفيق طه، العضو فى كتائب عزام، تجنيد عناصر من الجيش اللبنانى فى التخطيط لهجمات إرهابية على ثكنات عسكرية.

•••

وفى نهاية المقال أوضحت الكاتبة أن كثيرا من اللبنانيين يعتبر أن الجيش لا يستمد شرعيته فقط من قدرته على القتال، إنما من مدى حياده فى أوقات الصراعات الداخلية. لقد أتاح تعاون الجيش مع حزب الله لقوى الأمن تنفيذ مداهمات بحثا عن فارين مطلوبين للعدالة فى العديد من القرى الشيعية فى سهل البقاع، بما فى ذلك مداهمات 10 أبريل الماضى فى بريتال، والتى لم يكن بإمكان الجيش تنفيذها لولا التعاون من حزب الله. ربما ساهمت هذه العمليات الأمنية فى الحد من شعور الإجحاف لدى السنة، بيد أن النظرة التى تعتبر الجيش مقربا من حزب الله ستستمر فى تأجيج المخاوف الطائفية والمذهبية فى غياب حوار حقيقى بين مؤسسات الدولة والمجتمعات السنية المحلية.

التعليقات