السوريون كحقل رماية وتدريب للجيش الروسى وأسلحته - مواقع عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السوريون كحقل رماية وتدريب للجيش الروسى وأسلحته

نشر فى : الأحد 13 يناير 2019 - 9:05 م | آخر تحديث : الأحد 13 يناير 2019 - 9:05 م

نشر موقع «درج» مقالا للكاتب «ماجد كيالى» يتناول فيه النفوذ الروسى فى سوريا وتعامل روسيا مع سوريا باعتبارها حقلا لاستعراض أسلحتها وتدريب جنودها.
كانت صورة الرئيس السورى بشار الأسد فى قاعدة «حميميم» الروسية، فى الأرض السورية فى ديسمبر الماضى، بالغة الدلالة، إذ بدا فيها مجرد تابع، فى حضرة الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، الذى ظهر كصاحب الأمر والسيادة، لا سيما مع وجود ضباط روس، بملابس عسكرية، شكلوا جزءا مهما من المشهد، كحاشية لإمبراطور أو لصاحب الزمان والمكان.
بيد أن تلك العنجهية الروسية الإمبراطورية لم تتوقف عند ذلك الحد، فمنذ التدخل العسكرى الروسى فى الصراع السورى فى سبتمبر 2015، بات الرئيس بوتين أشبه بتاجر سلاح، أو مروج دعاية لسلاح روسيا وجيشها، عبر كثير من التصريحات التى أدلى بها بهذا الخصوص، والتى أكد من خلالها لا مبالاته بالضحايا السوريين، واستخفافه بعذاباتهم، بل وتحلله من القيم كلها، كأن سوريا أضحت عنده بمثابة حقل رماية للجيش الروسى، وحقل تجريب، أو اختبار حى، لأسلحته.
فمنذ تدخلها العسكرى، بسلاحى الطيران والصواريخ، قبل أكثر من ثلاثة أعوام، ارتكبت روسيا فى سوريا مجازر مروعة، وجرائم حرب، بكل معنى الكلمة، ضد المدنيين، مستبيحة دماء السوريين وديارهم، لا سيما بحكم اتباعها سياسة «الأرض المحروقة»، أو سياسة الحراثة بالنيران، مثل تلك التى انتهجتها فى الشيشان (أواخر القرن الماضي)، وذلك باستهدافها، مناطق سكنية، وأفرانا وأسواقا وطرقا. هذا حدث فى مخيم اليرموك، وفى درعا وحلب والغوطة وأرياف دمشق حماه وإدلب وحلب، إذ لم تعد توجد منطقة، كانت خارجة من سيطرة النظام، إلا واستهدفها القصف الوحشى الروسى، وأثار الرعب فيها، لحمل سكانها على المغادرة، أو العودة إلى حضن النظام.
فى أى حال، إن التباهى بالسلاح الروسى، وباعتبار سوريا مجرد حقل رماية ومضمار تدريب للجيش الروسى، وصل حد إصدار وزارة الدفاع الروسية، تقريرا، تحدثت فيه بكل صراحة عن خوض 68 ألف عسكرى روسى، بينهم 460 جنرالا، عمليات قتالية فى سوريا، فى العام الماضى فقط. وبحسب التقرير فهؤلاء اكتسبوا خلال عملهم «خبرات قتالية كبيرة»، وأن بين هؤلاء قادة الدوائر العسكرية الروسية وقادة جيوش القوات البرية وجيوش القوات الجوية وقوات الدفاع الجوى وقادة الفرق العسكرية و96 فى المائة من قادة الألوية والأفواج.
ويكشف التقرير أرقاما ذات دلالة، فهناك 87 فى المائة من طواقم الطيران التكتيكى و91 فى المائة من طواقم طيران الجيش و97 فى المائة من طواقم طيران النقل العسكرى و60 فى المائة من طواقم الطيران الاستراتيجى عملت فى سوريا. وتم خلال تلك العمليات «اختبار أكثر من 300 طراز من الأسلحة والمعدات العسكرية الروسية، بما فيها مقاتلات الجيل الخامس «سوخوى ــ 57»، ومنظومات الدفاع الجوى «بانتسير ــ إس 2»، ومدرعات «ترميناتور ــ 2» والروبوت القتالى «اوران ــ 9» المدرع وغير ذلك من صنوف جديدة من الأسلحة.
هكذا، وبكل بساطة، فنحن إزاء تقرير عن جيش كامل، تم نقله من بلد إلى آخر، وبات رقم ألفى جندى أمريكى، شرق الفرات، بمثابة مزحة، وفق معيار العدد طبعا، بيد أن وزارة الدفاع فى روسيا، التى تعتبر نفسها دولة عظمى، تناست فى تقريرها المذكور، أن وحدات الجيش الروسى فى سوريا لم تخض معارك مباشرة مع أى أحد، وأن كل «الإنجازات» العسكرية التى تم الترويج لها، وتقديمها كبطولات، كانت فى حقيقتها نتاج القصف بالطائرات أو بالصواريخ، وليست نتاجا لعمليات حربية بمعنى الكلمة، خصوصا وأن الطرف المقابل لا يمتلك أسلحة ولا ذخائر متكافئة، ولو نسبيا، بمعنى أن عملية التدريب، وتجريب الأسئلة، تتم بواسطة اللحم الحى للسوريين، وعلى حساب عمرانهم.
أيضا، تناست الوزارة، فى ذلك التقرير، الإشارة إلى أن ثمة حضورا عسكريا لطرف معين، يسرح ويمرح فى مناطق سيطرة الروس (والنظام وإيران)، وهو إسرائيل، التى ظلت تقصف منذ سنوات فى سوريا، بل إنها قصفت أخيرا، معسكرات وقواعد فى محيط دمشق، غير عابئة بكل التهويل عن نشر منظومة صواريخ روسية مضادة للطائرات (إس 300). وهذه ليس مجرد تفاصيل ثانوية، لا سيما أن نتنياهو أبلغ بوتين أن إسرائيل ستواصل ضرب أهداف معادية لها فى سوريا، لمنع إيران من التموضع عسكريا فيها، وأن روسيا وافقت إسرائيل على طلبها إبعاد روسيا إلى أكثر من ثمانين كم عن حدودها.
إضافة إلى ما تقدم، فإن روسيا، التى تتحدث عن جيشها وعن تطور سلاحها وعن إنجازاتها العسكرية فى سوريا، وعن كونها دولة عظمى بما لا يقل عن الولايات المتحدة، هى فى الحقيقة عاجزة عن فرض الاستقرار، وعن إعادة الإعمار، فى ذلك البلد، إذ إنها، على رغم جبروتها، إزاء شعب ضعيف ومنهك، عاجزة عن تحويل إنجازها العسكرى إلى استثمار سياسى. فى المقابل، فإن الولايات المتحدة بألفين من الجنود، فقط، باتت تسيطر تماما على ثلث الأراضى السورى، شرق الفرات، فى البر والجو، ومن دون أن تخسر جنديا واحدا، ومن دون أى خسارة فى العتاد، بل إن الولايات المتحدة تكاد تكون الرقم الصعب، أو الحاسم، الذى يتحكم بالصراع السورى، بمختلف أشكاله، وضمن ذلك بحركات اللاعبين الآخرين، أى إيران وتركيا وإسرائيل وحتى روسيا ذاتها.
النص الأصلى: من هنا

التعليقات