فيلم الممر وقوة السينما - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فيلم الممر وقوة السينما

نشر فى : الخميس 13 يونيو 2019 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 13 يونيو 2019 - 10:15 م

** أخيرا خرج إلى النور فيلم الممر الذى يجسد بطولات جيل مصرى عظيم من القوات المسلحة ومن شباب مصر، جيل لم يقبل بهزيمة فى حرب، لأنه لم يحارب أصلا، جيل ظل فى الخنادق بالصحراء 6 سنوات، يحمى بلاده ويستعد ويتدرب ويبنى ويقاتل، بعد أيام قليلة من نكسة 67، وكانت أولى معاركه فى الأول من يوليو عام 1967 فى معركة رأس العش، تلك النقطة الموجودة فى بورفؤاد، واستمرت المعركة 7 ساعات بين سرية صاعقة مصرية قوامها 30 بطلا فى مواجهة دبابات ومدرعات إسرائيلية منيت بهزيمة ساحقة.

** أخيرا قدمت لنا السينما المصرية هذا الفيلم الذى انتظرناه نحن أبناء جيل عاش مرارة حرب 67، وعاش بطولات ما بعد النكسة، كنا صغارا بكينا حين أدركنا الهزيمة، خاصة عندما تحدثت الإذاعة المصرية عن تراجع القوات إلى خط الدفاع الثانى، بكينا الحلم الذى صدقناه، ومع ذلك لم يستسلم مصرى واحد من 30 مليون للهزيمة، قررنا أن نحارب ونسترد الأرض، فبدأنا حربا ضارية عرفت بحرب الاستنزاف، وخاضها جيل من الأبطال العظماء.

** الفيلم يجسد بطولات الجيش المصرى فى حرب الاستنزاف التى كانت نواة حرب 73.. وكنا نطالب دائما بمثل هذا الإنتاج، وكان ذلك مطلبا أساسيا منذ منتصف السبعينيات، يطرحه كل منا كلما سنحت الفرصة، أو كلما حلت ذكرى نصر أكتوبر.. فلم تكن الأفلام التى أنتجت عن الحرب تكفى لتجسيد بطولات الجيش، بجانب أن الإنتاج فى حد ذاته كان يعانى ضعف أدواته التكنولوجية، من تصوير وصوت وفنون المعارك الحربية، ويعانى فى صياغة الكلمات والمعارك إلى حقيقة على الشاشة، ومن تلك الأفلام «الرصاصة لا تزال فى جيبى»، و«الوفاء العظيم» و«أغنية على الممر»، و«أبناء الصمت» وغيرها، وهى محاولات تحسب لجيل من الفنانين بالتأكيد.

** بصعوبة بالغة نجحنا فى الفوز بمقعدين فى قاعة السينما. فالزحام شديد، ونسبة الحضور من الشباب كبيرة فى ظاهرة ملفتة. والحفلات كلها تقريبا كاملة العدد. واستقبلت القاعة بطولات القوات المصرية بالتصفيق فى امتزاج حى ينبض بالانتماء والمشاعر الوطنية، فى تأكيد على أن قوة السينما والفن أقوى ألف مرة من الشعارات والحكايات والنظريات، وكان الإنتاج والإخراج والتصوير بتقنيات عالية، وبدور أساسى لإدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة التى قدمت التدريب لأبطال الفيلم، والمعدات والأسلحة لصناع العمل الذى خرج حقيقيا.

** فى تاريخ الجيش المصرى صاحبت العقيدة الوطنية المتأصلة بطولات تستحق أن نعرضها ونرويها بالفن للأجيال، لقد صنعت السينما الأمريكية مئات الأفلام عن الحرب العالمية الثانية، التى بدأت بانتصارات ألمانية لجيوش هتلر التى التهمت النمسا وفرنسا وإيطاليا ومعظم أوروبا فى بضعة أيام، جسدت هوليوود بطولات الحلفاء فى مئات المعارك سواء معارك الطيران أو المدرعات أو قوات الصاعقة خلف خطوط العدو، وفى ذاكرة حرب الاستنزاف عشرات المعارك ومئات الأبطال الذين خاضوا الحرب وضحوا بدمائهم وحياتهم، وكل معركة تكفى لإنتاج فيلم رائع يكون بمثابة رسالة للأجيال التى لم تعش هذه البطولات ولم تعرف أبطالها.

** مصر فى التسعينيات من القرن الماضى خاضت حربا ضروس ضد الإرهاب، ومصر اليوم تخوض حربا أشرس وأعنف ضد إرهاب خسيس، مسلح بقوى دولية، وفى مواجهات القوات المسلحة والشرطة مع أهل الشر والخبث والخسة بطولات تستحق أن يجسدها الفن والسينما، وهما قوتان ناعمتان، أقوى ألف مرة من المقالات والنظريات والحكايات والشعارات.

** الجيوش يمكن أن تخسر معارك، ولكنها لا تهزم فى حرب، إلا إذا انهزم الشعب وانهزمت الدولة. وفى 1967 خسرت مصر لأنها لم تحارب أصلا، وحين بدأت تحارب بحرب الاستنزاف، انتصرت فى النهاية فى حرب 73، تحية لأجيال حرب الاستنزاف العظيمة، وتحية لأبطال القوات المسلحة حماة الوطن، وتحية لصناع فيلم الممر على ما قدموه من رسالة لأجيال فى شوق لرؤية الحقيقة، ولا تكتفى بالرواية أو بحكاية.

** تحيا مصر

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.