داعش وولاية تويتر - داليا شمس - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 3:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

داعش وولاية تويتر

نشر فى : الأحد 13 يوليه 2014 - 5:30 ص | آخر تحديث : الأحد 13 يوليه 2014 - 5:30 ص

للصراع الدائر حاليا على الأرض فى العراق ما يوازيه على الانترنت، فتنظيم داعش الذى أصبح اسمه على كل لسان يجيد استخدام الوسائل التكنولوجية وتوظيف الشبكات الاجتماعية وبخاصة تويتر لمصلحته. و هناك أيضا من يحاول الرد عليه وكشف أسراره باللجوء إلى الوسيلة نفسها، بالتالى تندلع حرب البروباجندا والحشد فى العالم الافتراضي، وتعكس الأوراق البحثية والتحليلات الميدانية المنشورة أجواءً شبيهة بأفلام الإثارة والتشويق... أبطالها ليسوا سوى «جهاديين ما بعد الحداثة»، تطالعك وجوه بعضهم من خلال صورة «سيلفي» التقطوها لأنفسهم على الحدود العراقية السورية، ووضعوها على الانترنت، سواء لطمأنة ذويهم أو لكسب تعاطف آخرين. شهادات بعض البريطانيين والسويسريين والشيشانيين عن حياتهم اليومية هناك أو كيف عبروا الحدود التركية السورية بسهولة أو كيف كانوا يجتمعون فى «سيبر كافيه» بقرية أطمة شمال سوريا، تصلنا كذلك عبر الشبكة العنكبوتية التى تشبه فى تكوينها الشبكات الجهادية. المبدأ واحد: شبكة ذات بنية تفكيكية، ليس لها وحدة مركزية بمعنى الكلمة، بالتالى التخلص من حلقة أو حلقتين.. عنصر، عنصرين أو أكثر لا يوقف الشبكة، بل يستمر عملها بشكل طبيعى رغم الخسائر. قائد يقتل فيظهر آخر، موقع إلكترونى يغلق فيتم فتح حساب ثان وثالث وهكذا، تماما كما تعمد الخبراء العسكريون الأمريكيون عند تصميم شبكة الانترنت أثناء الحرب الباردة: خلق نظام آمن للتواصل، إذا تعطل فيه جزء تسلك الرسالة التى تم بعثها طريقا مختلفا بواسطة العديد من الشبكات الفرعية المتصلة ببعضها.

•••

عندما استشعرت مثلا الحكومة العراقية الحالية الخطر بسبب تأثير داعش على الساحة الإلكترونية حاولت قطع الانترنت فى منتصف الشهر الماضى عن البلاد أو بالأحرى حجبت لفترة مواقع التواصل مثل فيسبوك وتويتر ويوتيوب وسكايب وفيبر، لكن أعضاء التنظيم وجدوا لهم مخرجا بتحميل تطبيق آخر مخصص بالأساس للتليفونات الذكية، كان أعضاء التنظيم قد عملوا على تطويره. وفى شهر أبريل الماضى، أعلن داعش عن كونه أول تنظيم جهادى يصمم تطبيقا مجانيا يسمح بنشر التغريدات التى وافق عليها مدراؤه الإعلاميون، و هو «فجر البشائر»، لكن سرعان ما قام موقع جوجل بحذفه. كذلك قامت إدارة تويتر بإغلاق العديد من الحسابات التى تدعم داعش وتروج لها، حتى لو لم يتبنها التنظيم رسميا.

لا يمكننا حصر أعداد المتابعين لداعش أو المؤيدين له على تويتر، لكن بحسب ما قاله أحد نشطاء الانترنت، فى حديث لقناة «فرنسا 24» ، هناك عدد كبير من الحسابات التى تبث تغريداتها تحت أسماء مستعارة من أماكن مختلفة حول العالم وبلغات مختلفة، لكن أغلبها بالعربية، ثم الإنجليزية، ثم الإندونيسية. ووفقا للمصدر نفسه الموالى لداعش، يتواجد أحيانا من يغردون بالإنجليزية فى بلدان عربية، وحدد ليبيا و تونس والأردن والعراق وسوريا والسعودية والكويت.

•••

منذ أن بدأت انتصارات داعش فى العراق كان أول ما بثه التنظيم هو فيديو لقتل 1700 جندى شيعى بالقرب من تكريت فى 14 يونيو الماضى، وبعدها كان فيديو آخر قصير ناطق بالفرنسية ومترجم للإنجليزية حول أخبار جهاد الدولة الإسلامية فى العراق والشام، بعنوان «صليل الصوارم 4»، و كان متاحا أيضا بالعربية من قبلها. كذلك أطلقت «قوات داعش الإلكترونية» هاشتاج «حملة المليار مسلم لنصرة الدولة الإسلامية»، ومنذ أيام انتشرت صورة لجواز سفر تمنحه داعش «لمواطنيها» و قد كتب عليه : «حامل هذا الجواز نسير له الجيوش لو مسه ضرر»، إلا أنه بمطابقة الصور اتضح أنه مزيف ومتداول على الانترنت منذ العام 2012... وهى كلها وسائل للترغيب والترهيب يتبعها التنظيم فى ظل غياب الميديا التقليدية، التى يصعب تواجدها مع عمليات القتل والخطف التى تستهدف الصحفيين، وتنجح بالفعل هذه الوسائل فى تجنيد بعض العناصر أو إثارة الذعر أو جذب مصادر التمويل. لأن بعض المراقبين يدفعون بأن داعش تتعامل مع نفسها كالشركات التجارية التى تنشر تقريرا سنويا عن نشاطاتها المختلفة، و قام المتخصصون بتحليل محتوى التقرير الصادر فى نهاية مارس الماضى والتعليق عليه بجريدة الفاينانشيال تايمز البريطانية، مؤكدين أن كشف حساب العام من عمليات قتل وتفجيرات وخلافه كفيل بأن يجذب بعض الممولين والمهتمين، ويعكس مستوى أداء التنظيم ككل.

•••

الانترنت يعكس أيضا على الجانب الآخر خلافات داخلية بين الجهاديين ويضم تصفية حسابات بين الأطراف تصب فى النهاية لصالح المتلقى، فقد ظهر «ويكى بغدادى» على ساحة تويتر (wikibaghdady@) ليعلنها حربا شعواء على داعش، ويحاول كشف المستور من خلال تسريباته التى لا يمكن الحصول عليها سوى من الداخل. لذا يرجح البعض أن يكون صاحب التغريدات من المنشقين عن التنظيم أو ضمن المراقبين للوضع عن كثب وبدقة. منذ ظهوره فى 10 ديسمبر 2013 ، استطاع أن يجذب أكثر من 36 ألف متابع على تويتر، و قد اتخذ لنفسه نهجا تشويقيا فيسجل مثلا «عاجل» أو «قريبا» وكأنه يعطينا الأخبار بتسلسل درامى متعمد، عندما تحدث مثلا عن العلاقة بين داعش والبعثيين وجماعة النقشبندية أو كشف عن لقاء بين ممثلين عن عزة إبراهيم الدورى و آخرين عن «الخليفة البغدادى» أو حين نشر بعض تفاصيل السيرة الذاتية لهذا الأخير.. المواقع تعج بالأخبار وعلى المتابعين توخى الحذر، فالفخاخ منتشرة ولعبة الشطرنج مستمرة، حتى لو عن بعد.

التعليقات