فاتورة الدم الفلسطينى! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 8:32 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فاتورة الدم الفلسطينى!

نشر فى : الجمعة 13 أكتوبر 2023 - 8:55 م | آخر تحديث : الجمعة 13 أكتوبر 2023 - 8:55 م
ظل مصطلح «النكبة» عنوانا دائما للمأساة الفلسطينية منذ أكثر من سبعة عقود، وبالتحديد فى العام 1948، عندما أعلن عن قيام الدولة الصهيونية على الأرض العربية فى فلسطين، وما نجم عنه من ارتكاب إسرائيل مجازر واسعة وعمليات إجرامية أدت إلى طرد وتهجير نحو 800 ألف مواطن فلسطينى من أرضهم، وتحويلهم إلى لاجئين فى الدول المجاورة.
منذ ذلك التاريخ والفلسطينيون فى الداخل والخارج، يدفعون يوميا أكبر فاتورة دم وقتل وتشريد وتدمير وسرقة لأراضيهم ومقدساتهم وهويتهم فى العصر الحديث، وتحت سمع وبصر بل وتشجيع ودعم من الغرب الذى يدعى تحضره ورقيه وانتصاره لحقوق الإنسان وحريته وحقه فى تقرير مصيره والعيش بسلام على أرضه دون خوف أو هلع من الحاضر أو المستقبل.
يوم السبت الماضى (7 أكتوبر)، بدا التاريخ يعيد نفسه لكن فى مسار مختلف، عندما تذوق العدو الصهيونى مرارة يوم واحد من أيام النكبة، التى تجرعها الشعب الفلسطينى على مر العقود، حيث وقعت مستوطناته السرطانية وقواعده العسكرية المحصنة بأحدث وسائل القتال والتكنولوجيا الأمريكية فى قبضة عناصر المقاومة الفلسطينية، الذين تمكنوا بأسلحتهم البسيطة وإرادتهم الفولاذية، من قتل وأسر المئات من عناصر ذلك الجيش الذى ادعى دائما أنه لا يقهر.
هذا «الطوفان» الفلسطينى الذى تفجر فى يوم السابع من أكتوبر والأيام التالية له، مثل نكبة حقيقية وهزيمة نكراء للجيش الصهيونى، وأسقط فى ساعات معدودة، أساطير كثيرة نسجها حول نفسه خلال العقود الماضية، وتحديدا إمكاناته الهائلة وقدرته اللا محدودة وقوته الضاربة وذراعه الطويلة، ما جعله يفقد عقله وصوابه وأعصابه، ويصاب بالهستيريا والجنون والسعار، ويصمم بشكل همجى على محو قطاع غزة من الوجود، فى محاولة يائسة لاستعادة الكبرياء المفقود وقوة الردع الضائعة وترميم صورته التى تحطمت تحت أقدام عناصر المقاومة الفلسطينية.
من هنا فإنه ينبغى وضع جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل ضد غزة فى سياقها الصحيح، وهو أن الجيش الصهيونى تعرض بالفعل للهزيمة النكراء، وما ينفذه من مجازر وحشية ضد الأبرياء، ليس أكثر من محاولة يائسة لتحسين شروط بقائه على هذه الأرض التى تلفظه، وطمأنة وتهدئة هلع ورعب مستوطنيه، الذين قالوا صراحة وهم يبكون ويصرخون من الألم بعد «الطوفان» الفلسطينى: «هذه الأرض لا تستحق أن نموت من أجلها»!.
لا يجب أن تصيبنا صور الشهداء الأبرياء من الأطفال والنساء، والمنازل والأحياء المدمرة بالكامل، والحصار النازى الفاشى ضد غزة بالإحباط أو اليأس.. فالشعب الفلسطينى دائما ما يبهرنا بقدرته الهائلة والعجيبة على الصمود والتمسك بالأرض مهما كانت قسوة المجازر التى يرتكبها المحتل الصهيونى ضد أبنائه.. إنه دائما أقرب ما يكون إلى «طائر الفينيق»، الذى يحترق ويولد من جديد!.
وحتى لو تحققت أحلام قادة الدمار الصهاينة فى محو قطاع غزة وتفكيك الفصائل الفلسطينية، فإن هذا لا يعنى أبدا انتهاء الصراع بهزيمة الفلسطينيين وقبولهم بالأمر الواقع، بل على العكس تماما، ستخرج أجيال جديدة أشد قوة وبأسا مما سبقوها، مثلما حدث فى لبنان عام ١٩٨٢، عندما اجتاحتها القوات الإسرائيلية، وتمكنت من إخراج منظمة التحرير الفلسطينية، وسهلت للميليشيات الموالية لها ارتكاب مجزرتى صبرا وشاتيلا، وتصورت وقتها أن الحدود الشمالية قد هدأت تماما، إلا أن ذلك لم يحدث أبدا، وتشكل فصيل مناوئ لها اسمه «حزب الله»، يقض مضاجعها كلما تحركت عناصره على الحدود.
المطلوب الآن من الدول العربية، دعم ومساندة الصمود الفلسطينى العظيم وتعزيز قدرته على البقاء والتمسك بأرضه ومقدساته، وعدم طعن مقاومته فى الظهر.
لم يطلب أحد من العرب جسرا جويا لدعم الفلسطينيين عسكريا، مثلما فعلت أمريكا مع إسرائيل، لكن على الأقل الإصرار على تقديم المساعدات الإنسانية لهم، لإنقاذ أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء الذين لا يجدون الماء والغذاء والدواء والكهرباء.
صحيح أن هناك محاولات مصرية حثيثة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، إلا أن هذا الجهد بمفرده غير كاف فى ظل هذا الانحياز الأعمى والدعم المتواصل من جانب الولايات المتحدة والدول الغربية لآلة الدمار الإسرائيلية، وبعض المواقف العربية التى لم تقتنع بعد بقيمة اللحظة التاريخية الراهنة، التى تجرعت فيها إسرائيل مرارة النكبة والهزيمة على أيدى المقاومة الفلسطينية.
التعليقات