الحكومة الجديدة فى لبنان: تحديات ودلالات بالنسبة إلى إسرائيل - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأربعاء 17 أبريل 2024 1:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحكومة الجديدة فى لبنان: تحديات ودلالات بالنسبة إلى إسرائيل

نشر فى : الخميس 14 فبراير 2019 - 11:50 م | آخر تحديث : الخميس 14 فبراير 2019 - 11:50 م

بعد قرابة تسعة أشهر على إجراء الانتخابات فى لبنان 7مايو 2018، أعلن سعد الحريرى فى 31 يناير إنجاز تأليف حكومة الوحدة التى يترأسها. تركيبة الحكومة الجديدة التى تضم 30 وزيرا، تشكل مرحلة أُخرى فى العملية المستمرة لتوطيد موقع حزب الله فى النظام السياسى اللبنانى. لقد نجح معسكر حزب الله (حركة 8 مارس) فى ترجمة إنجازاته فى الانتخابات التى حظى فيها على أغلبية 72 نائبا من أصل 128، (على الرغم من أن حزب الله نفسه لم يزِد من قوته)، بينما خسرت حركة «المستقبل» برئاسة الحريرى ثلث قوتها.

التحديات الداخلية فى لبنان
فى أثناء عرض الخطوط الأساسية للحكومة الجديدة فى 6 فبراير، أعلن الحريرى رئيس الحكومة أن حكومته ستعمل على تحسين الوضعين الاقتصادى والاجتماعى والدفع قدما بإصلاحات سريعة وناجعة، ستكون أيضا مؤلمة وصعبة. بالإضافة إلى انعدام الاستقرار السياسى، يعانى لبنان منذ سنوات جراء أمراض مستعصية أدت فى الأشهر الأخيرة إلى سلسلة طويلة من تظاهرات الاحتجاج فى شوارع الدولة. وثمة شك فى أن الحكومة الجديدة ستنجح فى مواجهة التحديات الداخلية:
الأزمة الاقتصادية والمالية العميقة ــ يعانى لبنان جراء دين خارجى مرتفع جدا. وبحسب شركة الائتمان «موديز»، يحتل لبنان المركز الثالث بين الدول ذات الديون الخارجية الكبيرة ــ 150% من الناتج المحلى الإجمالى. ويتوقع البنك الدولى أن يصل هذا الدين إلى 180% من الناتج المحلى الإجمالى خلال خمس سنوات. على هذه الخلفية عقد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى باريس إبريل 2018 مؤتمرا اقتصاديا دوليا، هدفه دعم لبنان، وجرى فيه جمع 11 مليار دولار كقروض، لكن حتى الآن لم يكن فى الإمكان الحصول عليها بسبب شلل حكومة تصريف الأموال.
الوضع الخطِر للبنى التحتية ــ المقصود فى الأساس النقص الخطِر فى الكهرباء والمياه، وغياب بنى تحتية أساسية أُخرى، وعجز الأجهزة اللبنانية عن تزويد المواطنين بخدمات حيوية. يُذكر فى هذا السياق أزمة جمع النفايات التى وصلت إلى ذروتها فى سنة 2015.
اللاجئون من سوريا ــ يستضيف لبنان نحو 1.5 مليون لاجئ ــ هو الدولة التى استقبلت العدد الأكبر نسبيا من اللاجئين السوريين (نحو 25% من مجموع عدد سكانه). على الرغم من المساعدة الخارجية، فإن اللاجئين يشكلون عبئا إضافيا على الدولة ويؤثرون فى سوق العمل بصورة تؤدى إلى ارتفاع البطالة وسط السكان بصورة عامة. وبالاستناد إلى التوقعات، فإن هؤلاء اللاجئين سيعودون إلى سوريا، لكن بوتيرة بطيئة جدا: بحسب مندوبة مفوضية اللاجئين فى الأمم المتحدة، سيعود فى سنة 2019 إلى سورية نحو 250 ألف لاجئ فقط من كل دول المنطقة.
ظاهرة الفساد ــ الأجهزة فى لبنان ــ السياسية، والقضائية، والإدراية والعامة وحتى الشرطة، فى معظمها، مصابة بالفساد. وفى مؤشر الفساد لسنة 2018، حصل لبنان على تقويم 28%. ضعف النظام الحاكم يستغله أيضا حزب الله الذى يستخدم الرشى لشراء نفوذه.

الدلالات بالنسبة إلى إسرائيل
ازدياد قوة حزب الله، ذراع إيران فى لبنان، داخل المنظومة السياسية فى الدولة، فى موازاة استمرار تعاظم قوته العسكرية يشكل بشرى سيئة بالنسبة إلى إسرائيل. ذلك بأن تعميق سيطرة الحزب على النظام السياسى سيزيد من ثقته بنفسه ويخلق فرصة لمواصلة نفوذه وتوسيعه. مع ذلك، كلما ازدادت قوة حزب الله داخل المنظومة اللبنانية، ستزيد مسئوليته حيال ما يجرى فى لبنان، وكذلك اهتمامه بالمحافظة على إنجازاته السياسية ومصالحه فى الدولة. بالإضافة إلى ذلك، يواجه الحزب فى الفترة الأخيرة أيضا مجموعة صعوبات جراء تدخله فى الحرب السورية، ويُتوقع أن تضطر إيران إلى تقليص دعمها له بسبب مصاعب اقتصادية. كل هذا أدى، على ما يبدو، إلى كبح ردة فعل الحزب على الإنجاز الإسرائيلى فى كشف الأنفاق التى تتسلل إلى إسرائيل على الحدود بين الدولتين. لكن لا شىء يضمن أن هذا الكبح سيستمر فى مواجهة عمليات أُخرى تقوم بها إسرائيل تُعتبر استفزازية.
مهما يكن الأمر، المرحلة الأُخرى فى سيطرة حزب الله على النظام فى لبنان تقوى ادعاء إسرائيل المتعلق بتأثير إيران الكبير فيما يجرى فى لبنان، كما ادعى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذى سارع نصر الله إلى تكذيبه، مشددا على استقلالية الحزب. يساهم فى ذلك أيضا الجهود التى تبذلها إيران كى تجعل نفسها الدولة الراعية للبنان فى إطار الصراع الدائر مع السعودية على النفوذ فى هذا البلد. بعد تأليف الحكومة سارع وزير الخارجية الإيرانى بالمجىء إلى لبنان يوم 10 فبراير على رأس وفد كبير، من أجل الدفع قدما بالعلاقات السياسية والاقتصادية بين الدولتين.
أبعد من ذلك، تقدم إنجازات حزب الله السياسية أساسا للمقاربة الإسرائيلية بشأن مسئولية الدولة اللبنانية تجاه كل تحركات الحزب ضدها، وتساعد إسرائيل فى جهودها لتعزيز شرعية عمليات عسكرية واسعة ضد أهداف فى الدولة اللبنانية، وليس فقط أهداف تابعة لحزب الله، إذا اضطرت إلى ذلك فى الحرب المقبلة. لذلك، ثمة حاجة إلى إعادة فحص مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة للسياسة حيال لبنان، فى ضوء الفجوة الموجودة حاليا بينهما بشأن هذا الموضوع. فى رد فعل المصادر الأمريكية على تأليف الحكومة، اتضح أن الإدارة الأمريكية ما تزال تفرق بين حزب الله والدولة اللبنانية، لكنها لا تنوى وقف استمرار تقديم المساعدة إلى لبنان بعد تعيين وزير للصحة يتماهى مع حزب الله.
بالنسبة إلى ترسيم الحدود المائية بين إسرائيل ولبنان والحاجة إلى التنقيب عن الغاز، يبدو أن تركيبة الحكومة الجديدة لا تحسن من فرص التوصل إلى تسوية فى هذا الموضوع. ذلك فى ضوء صعود تأثير حزب الله فى الحكومة، وتعيين حركة 8 آذار ندى بستانى من حزب الرئيس عون، وزيرة للطاقة.
باحثة فى معهد دراسات الأمن القومى
مباط عال
مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات