هناك شىءٌ ما جيد - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 7:48 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هناك شىءٌ ما جيد

نشر فى : الخميس 14 مارس 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الخميس 14 مارس 2013 - 8:00 ص

أصبحت الاخبار السلبية فى مقدمة حياتنا بشكل مفزع، وانتشرت حالة من عدم البهجة، بين اوساط الذين كانوا يملكون قدرا لا بأس به منها، والبعض يرى ان الاكتئاب عم والحزن طغى، 

 

وان المصريين لا يجدون اى سبب للسعادة او الفرح، وانهم دائما فى انتظار اخبار سيئة، بين لحظة واخرى، من سقوط شهداء الى قطع طرق، ومن اختفاء السولار الى جنون الدولار، وانه بات من الصعب سماع اى اخبار جيدة، بل لم يعد هناك من الاساس معيار للاخبار الجيدة، فما يعتبره فريق أمرا طيبا وحسنا، يعتبره الفريق الآخر كارثة محيقة، وإذا رأت جماعة ان هناك خطوة للامام، قالت جماعة ثانية انها ليست مجرد خطوة للخلف بل ردة، وبين هذا التناحر والتشاجر والتجاذب والاستقطاب، تنسحق مشاعر وافكار المواطنين فى توهة تبدو بلا نهاية على طريقة الاساطير الاغريقية.

 

لكن الاكيد ان هناك شيئا ما جيد يحدث فى بر مصر لا نلتفت اليه، او تهرسه الاحداث السخيفة والمشاهد الكئيبة، أشياء جيدة على جميع المستويات وفى أغلب القطاعات، لكنها لا تستطيع ان تجد لنفسها مكانا وسط احداث درامية مليئة بصراعات حادة وحجارة ومولوتوف واحيانا رصاصات قاتلة، فمثلا نجح محافظ البنك المركزى هشام رامز فى السيطرة على انفجار اسعار الدولار بعد معركة خفية مع شركات الصرافة، تارة بقوة الدولة وأخرى بتفاوض عاقل يبدو منصفا للجميع، والاهم انه حافظ على ثبات سعر الصرف وبذلك احتفظ الجنيه بقيمته لأكثر من شهر ونصف الشهر، وسط ولولة البعض ان الدولار سيصل الى ثمانية جنيهات خلال ايام، بل ان تجارا قوموا بضاعتهم المستوردة على اساس الجنيهات الثمانية، والاهم فى قصة هشام رامز انه لم يجعل الجنيه مستقرا بإجراءات تعسفية، ولكن عبر منطق اقتصادى مقبول الى حد كبير حتى لو اغضب بعض المستوردين.

 

وإذا ذهبنا جنوبا الى كوم امبو فكانت الاخبار السيئة ان بوادر فتنة طائفية «عبثية» فى الطريق، فإذا بشباب من القاهرة يغادر على الفور ليحمى الكنيسة ويعمل على تهدئة الامور وتبديد احتقان الشباب الغاضب لذات القصة السخيفة المكررة والمكرورة عن اختفاء سيدة مسلمة واختطافها واختبائها داخل الكنيسة، وايضا تدخل العقلاء من رجال الدين فمرت الازمة بسلام، دون الاشارة الى هذا الشباب المخلص، والى هؤلاء الرجال العقلاء، لكن ما حدث بالتأكيد هو أمر جيد يجب تحيته ووضعه فى مقدمة الاخبار.

 

واذا تابعنا قطاعات أخرى فى حياتنا سنجد الكثير من الامثلة التى لا يلتفت اليها الاعلام، قطاعات تعمل جاهدة من اجل مواصلة الحياة بشكل طيب، فإصرار رجال كرة القدم على استمرار الحياة لصناعتهم رغم المأساة التى كادت تعصف باللعبة مصريا، أمر يثير الاعجاب، وكذلك ارباب صناعة الفنون من سينما ودراما يجاهدون لاستمرار الانتاج وتقديم اعمال لافتة وتوفير الحياة والعيش لابناء المهنة، وكلا النشاطين، كرة القدم والفنون، من الانشطة التى تعكس طبيعية الحياة وتسير بالامور الى ما نسميه مناخ الاستقرار.

 

أما الجهاد الاكبر، فهو ما يقوم به رجال السياحة فى مصر، فرغم كل ما تواجهه هذه الصناعة، فقد ذهبوا الاسبوع الماضى الى بورصة برلين (اكبر بورصات السياحة فى العالم) لعل وعسى تنتعش هذه الصناعة من جديد، وهى الاخبار الجيدة التى ينتظرها هشام رامز لإعلاء قيمة الجنيه، اما السياحة نفسها فهى تنتظر اى دعم من الدولة لعودة الامور الى مجاريها (هناك شعور بأن الرئاسة لا تحب السياحة) وبالمناسبة فإن قيادات سلفية وأحزابا ذات مرجعية دينية ذهبت ايضا الى برلين لتقول لمن يرغب فى زيارة بلادنا اهلا وسهلا ومن أجل تصحيح الصورة الذهنية لدى الغرب عن ذلك الرجل الذى يطيل لحيته.

 

أليست هذه أخبارا جيدة، حتى لو رأى الفريق الآخر أو الجماعية الثانية انها ليست كذلك؟

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات