النجاشى لا يحكم إثيوبيا!! - محمد مكى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:40 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

النجاشى لا يحكم إثيوبيا!!

نشر فى : السبت 14 مارس 2020 - 9:35 م | آخر تحديث : السبت 14 مارس 2020 - 9:35 م

المواطن المصرى قبل المفاوض أُصيب بالممل من مماطلة وتسويف وتعنت الجانب الإثيوبى، خاصة بعد ما أظهره من عدم اكتراث بكل العهود والمواثيق الدولية التى تحكم مياه النيل، سواء لدول المنبع أو المصب، مع عنجهية تتناسى التاريخ والجغرافيا، وتظن الضعف فى الدولة المصرية، التى تعاملت مع الملف طوال الفترة الماضية بصبر كبير ورد فعل جعل الاتهامات تطولها.
الجانب الإثيوبى يريد طوال الفترة الماضية ترسيخ أن السد الجارى بناؤه يحقق التنمية ولن يضر بحصة مصر من المياه، متجاهلا أن النيل شريان الحياة للمصريين، ولن يقبلوا التفريط فى نقطة منه أيا كانت الإدارة التى تحكم، وتظن أن المصريين فشلوا طوال السنوات الماضية فى إدارة الملف، وأرغموا على توقيع جديد يغير تعهدات دولية كانت ثابتة ومستقرة.. الظن الإثيوبى بالضعف المصرى غير واقعى حتى لو كانت الدول الممولة للمشروع ظهيرا لها، فالحسابات تختلف فى لحظات الحسم، وأن تكون الرقبة تحت السكين.
من نافلة القول، إن التعامل كان خاطئا من قبل الجانب المصرى من تسعينيات القرن الماضى وحادثة أديس بابا التى جعلت «مبارك» يبعد كثيرا عن الملف الإفريقى مع تحرك محدود من خلال أجهزة سيادية، ثم جلسة الهواء فى عهد «مرسى»، وصولا إلى ما حدث من «اتفاق المبادئ» فى 2015 ــ تحدث إلى أنه فى حال تعثر المفاوضات يمكن اللجوء إلى «الوساطة»، حتى وصلنا إلى مفاوضات ووساطة «الراعى الأمريكى»، والتى فشلت أيضا بسبب حالة أقل ما توصف بأنها تعنت وكبر من قِبَلِ الإثيوبيين، تعاملنا معهم وكأننا نتعامل مع «النجاشى»، الذى لا يُظلم عنده أحد.
أزمة سد النهضة الإثيوبى تتفاقم، وأصبحنا أمام خِيارين: التّدويل والتحكيم الدولى، وهو سيناريو طويل تحاول إثيوبيا الاستمرار فيه لكسب الوقت، وبناء السد، ووضع مصر أمام الأمر الواقع، أو الخِيار العسكريّ للحِفاظ على الأمن المائيّ والقوميّ ولُقمة خُبز الملايين. المصريون على خلاف توجهاتهم سوف يدعمون أى قرار بدون تحفظ، طالما يحفظ الوجود والحياة، مع تميز المواقف خلال تلك الأزمة، فلن يغفر لمن ساهم ودعم موقف إثيوبيا، مع رفض بيانات «الغموض»، و«مسك العصا من المنتصف»، فمن غير المنطق قبول رؤية تساوى بين الحق فى «التنمية الاقتصادية» و«الحق فى الحياة».
مصر ــ وعلى لسان رئيس الدولة ــ أعلنت أنه لن يتم تشغيل سد النهضة بفرض الأمر الواقع، ولابُد من الحِفاظ على حصّة مِصر المائيّة كاملة، رسالة واضحة فى هذا المضمار، خاصة وأن الأيام أكدت أن السَد الإثيوبى مشروعٌ مَوجَّهٌ ضِد مِصر، كُلُ مِصر، وستكون آثاره السلبيّة فى حال عدم وقفها تهديدًا لـ100 مِليون مِصرى والأجيال المِصريّة المُقبلة. والأنسب ألا يختبر صبر المصريين فى مثل هذا الأمر.
أعتقد أن انسحاب الجانب المصرى من الاتفاقية الإطارية يمهد للتدخل الدولى قبل ان يكون الخيار العسكرى الوحيد بعد فشل القانون والدبلوماسية، فقد طرحت مصر على مدار السنوات الماضية مبادرات تعمل على السلم والأمن وضمان التنمية المستدامة بين دول النهر، والأهم أن تتحول المياه لجزء من منظومة أشمل تتحقق فيها المنافع لدول المنابع والمصب على حد سواء، فيتم الربط المائى والإدارة المشتركة بشكل متناسق بين السدود فى الدول الثلاث «مصر والسودان وإثيوبيا»، وبما يسمح بالتصرف العادل الذى لا يضر بدول المصب ويحافظ على حقوقها المائية القائمة، ويتم فى نفس الوقت ربط كهربائى يسمح بتصريف كهرباء سد النهضة بين البلدان الثلاث أو تصديرها عبر الشبكة المصرية للإقليم أو لأوروبا، ويتم بالتوازى ربط بالسكك الحديدية وبطريق برى يقود لخروج إثيوبيا كدولة حبيسة من عزلتها الجغرافية وصولا إلى البحر المتوسط، والاستفادة من الموانئ المصرية.. لكننا لن ننتظر يوما يجعلنا نرفع شعار «يا روح ما بعدك روح».

التعليقات