الدول الفائزة والخاسرة في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي - مواقع عالمية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:53 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الدول الفائزة والخاسرة في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي

نشر فى : الأحد 14 مايو 2023 - 9:30 م | آخر تحديث : الأحد 14 مايو 2023 - 9:30 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب بارى إيشنجرين، يقول فيه إنه رغم ضعف موقف الدول النامية فى سباق التسلح التكنولوجى، إلا أن هناك فوائد تعود على هذه البلدان. ذكر الكاتب هذه الفوائد، مما يدحض وجهة النظر الشائعة التى تقول: الذكاء الاصطناعى سيخلف عددا من الدول الخاسرة أكبر من الفائزة... نعرض من المقال ما يلى.
تتلخص أولى قواعد التنبؤ، التى ذكرتها الكاتبة فى مجال الصحافة المالية، جين براينت كوين، ذات مرة، فى التالى: أعطهم توقعات أو تاريخا محددا؛ ولكن لا تعطهم الاثنين أبدا.
لذا، إليكم توقعات ليست جريئة بدرجة كبيرة: سوف تعمل نماذج الذكاء الاصطناعى التوليدية، مثل روبوت المحادثة ChatGPT على إحداث ثورة فى الاقتصاد. ولكن لا نستطيع أن نقول متى على وجه التحديد.
لا يمكننا أيضا أن نقول أين. بين الأسئلة الأساسية التى ضاعت وسط فورة التعليقات على الذكاء الاصطناعى التوليدى، أى الدول ستستفيد منه وأيها لن تستفيد.
تُـرى هل تكتسب الولايات المتحدة، وهى المحرك الأول فى هذا المجال، قدرا أعظم من الهيمنة على الصعيد الاقتصادى؟ هل يُـسـحَـق المسار التقليدى الذى تسلكه البلدان النامية إلى النمو الاقتصادى، والذى يمر عبر تشغيل العمالة فى التصنيع الموجه للتصدير، بفعل الروبوتات الـمُـمَـكَّـنة بالذكاء الاصطناعى؟ هل تـجـِـد الهند والفلبين، اللتان تسعيان إلى تحقيق النمو من خلال توسيع قطاعات الخدمات لديهما، هذا الطريق مسدود أمامهما مع إزاحة الذكاء الاصطناعى التوليدى للمبرمجين وحلول روبوتات الدردشة الممكنة بالذكاء الاصطناعى محل موظفى مراكز الاتصال؟
من المؤكد أن الولايات المتحدة تتمتع بمزايا فى تطوير نماذج لغوية ضخمة (LLMs). فهى تستفيد من التعاون الوثيق بين الشركات والجامعات، والذى تدعمه صناعة رأس المال الاستثمارى العميقة الجيوب. ليس من قبيل المصادفة أن يخرج ChatGPT من الولايات المتحدة، ومن وادى السيليكون الكبير على وجه الخصوص.
نجحت التكنولوجيات السابقة المخصصة لأغراض عامة فى تعزيز الهيمنة الاقتصادية والجيوسياسية التى اكتسبتها الدولة الرائدة. كان المحرك البخارى الذى سَـوَّقـه تجاريا ماثيو بولتون وجيمس وات رمزا لنصف القرن الذى انطلق فيه عندما ظهرت بريطانيا العظمى كأول دولة صناعية وعندما كان أسطولها البحرى يحكم البحار. فى الوقت ذاته، عندما كانت السلع المصنعة البريطانية وغيرها تغزو الأسواق، أصبحت صناعات الحرف اليدوية فى بلدان مثل الصين والهند غير قادرة على المنافسة، مما تسبب فى ركود، بل وهبوط، نصيب الفرد فى الدخل هناك.
مع ذلك، قد لا يخلو الأمر من مبالغة فى تقدير ميزة المحرك الأول. كان عميد المؤرخين التجاريين المعاصرين ألفريد تشاندلر هدفا للانتقادات فى هذا الصدد. فقد خسرت بريطانيا بالفعل ريادتها لنصيب الفرد فى الدخل لصالح الولايات المتحدة بحلول أواخر القرن التاسع عشر. ونستشهد هنا بمثال أكثر حداثة: كانت شركة Netscape المحرك الأول لمتصفحات الإنترنت، لكنها لم تتمكن من الاحتفاظ بصدارتها المبكرة على المتصفح Internet Explorer الذى أصدرته شركة ميكروسوفت ومتصفحات غيرها من المنافسين.
• • •
الصين اليوم، مثلها كمثل ميكروسوفت آنذاك، تتمتع بجيوب عميقة. فهى تنفق قدر ما تنفقه الولايات المتحدة تقريبا على البحث والتطوير. ولا يضطر قادتها السياسيون إلى التغلب على مقاومة الإنفاق العام الإضافى على البحث والتطوير فى مجلس الشعب الصينى؛ بل يمكنهم ببساطة فرض إرادتهم. فى الصين، لا يشكل ذلك النوع من المخاوف المرتبطة بالخصوصية والتى تمنع تبنى النماذج اللغوية الضخمة أى قيد.
قارن هذا مع أوروبا. فى وقت سابق من هذا العام، حظرت إيطاليا مؤقتا روبوت المحادثة ChatGPT بهدف تدريب النموذج على ملاحظات المستخدمين وكشف معلوماتهم للآخرين. فى وقت لاحق، اقترحت المفوضية الأوروبية مجموعة من القواعد والضوابط التنظيمية التى تحكم استخدام الذكاء الاصطناعى.
تسعى المفوضية إلى فرض شروط مسبقة صارمة على استخدام الذكاء الاصطناعى فى التعليم، والرعاية الصحية، وإدارة شئون الموظفين. بوسع المرء أن يتخيل أن مثل هذه القيود من شأنها أن تبطئ عملية تطوير وتبنى هذه التكنولوجيا فى أوروبا، مقارنة بموقف الغرب المتوحش فى الولايات المتحدة والنهج الأقل مراعاة للخصوصية والأمن الشخصى فى الصين.
من ناحية أخرى، قد يساعد التحديد الواضح لما هو مسموح به، وتحت أى ظروف وبأى شروط، فى تمكين المطورين الأوروبيين من تنسيق جهودهم. ولأنهم سيتقدمون بموجب مجموعة موحدة من القواعد، فسوف يكون تقدمهم فى الأرجح أكثر توافقا، ويجب أن يكونوا قادرين على البناء على جهود بعضهم بعضا.
لنتذكر هنا كيف تقدم تبنى الهواتف الخلوية بسرعة أكبر فى أوروبا مقارنة بالولايات المتحدة. فقد أصبحت شركة نوكيا رائدة السوق جزئيا لأن أوروبا طورت معيارا مشتركا للجيل الثانى من الاتصالات للشبكات الخلوية، فى حين تبنت الولايات المتحدة مجموعة متنافرة محيرة من المعايير غير المتوافقة.
• • •
قد تبدو البلدان النامية فى وضع غير موات بدرجة كبيرة فى سباق التسلح بالذكاء الاصطناعى ومعرضة لخطر خسارة ميزتها التنافسية: العمالة الوفيرة المنخفضة التكلفة. بيد أن الذكاء الاصطناعى يحمل أيضا الوعد بفوائد تعود على هذه البلدان. تستخدم شركات مثل Apollo Agriculture التعلم الآلى الزراعى وصور الأقمار الصناعية لتوفير المشورة المخصصة لمزارعى الحيازات الصغيرة فى كينيا. من الممكن أن يستخدم الذكاء الاصطناعى أيضا لتقليل العوائق التكنولوجية والمالية التى تمنع التنمية الاقتصادية. على سبيل المثال، سيساعد استخدام الذكاء الاصطناعى لقياس مخاطر الائتمان فى غياب فروع البنوك وموظفى القروض فى تمكين تشغيل منصات الإقراض من نظير إلى نظير وتخفيف القيود المالية المفروضة على رواد الأعمال الناشئين.
لكن التنمية الاقتصادية تعتمد على التنمية البشرية قبل أى شىء آخر ــ أى على تراكم رأس المال البشرى. حيثما تفتقر البلدان النامية إلى الموارد، المالية وغيرها، لزيادة إنفاقها بشكل كبير على أنماط التعليم التقليدية، يحمل الذكاء الاصطناعى الأمل فى توفير ما هو مفقود. فمن الممكن استخدامه لتصميم مساعدى التعلم المصممين للاستخدام الفردى والقادرين على توفير التعليم المخصص فرديا للطلاب فى البيئات التى تعانى من نقص المعلمين. وعندما يتعلق الأمر بالتنمية الاقتصادية، فإن القليل من المعرفة الإضافية بالقراءة والكتابة والحساب من الممكن أن يقطع شوطا طويلا.
• • •
طوال عصور التاريخ، كان التغيير التكنولوجى يخلق فائزين وخاسرين. ولا يوجد من الأسباب ما قد يمنع الذكاء الاصطناعى، مثله كمثل التكنولوجيات السابقة، من إنتاج عدد من الفائزين أكبر من الخاسرين.

النص الأصلى:

التعليقات