خديعة «إنجاز» الأولمبياد - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 9:26 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خديعة «إنجاز» الأولمبياد

نشر فى : الأحد 15 أغسطس 2021 - 7:25 م | آخر تحديث : الأحد 15 أغسطس 2021 - 7:25 م
قبل أن نطلق على أى عمل نرى أننا حققنا فيه قدرا من النجاح «إنجازا»، يجب أولا أن نشعر بأن هذا العمل أحدث تغييرا إلى الأفضل، وينبغى أيضا أن نقارن بين ما تحقق وما وصل إليه الآخرون فى نفس المجال، فضلا عن حساب تكلفة هذا العمل مقارنة بعوائده، فإذا وقع التغيير وثبت التفوق على الآخرين وبتكلفة عادلة، يمكننا بقلب مطمئن أن نطلق على ما حققناه «إنجازا»، أما إذا لم يحدث لا هذا ولا ذاك فعلينا أن نعيد النظر ونبحث عن أسباب «الإخفاق» حتى لا نكررها.
للأسف، تم استهلاك مفردة «إنجاز» فى مصر بشكل يدعو إلى الرثاء، فالكلمة تم ابتذالها للدرجة التى أصبح بعض المواطنين لا يشعرون بأى أثر عند استقبالها، لأنهم ببساطة ينظرون إلى ما كانت عليه الأحوال قبل سنوات، ويقارنونها بما استقرت عليه، ثم يتطلعون إلى ما وصل إليه الآخرون فيكتشفون الخديعة.
آخر الخدع التى تعرض لها المواطن المصرى خلال الأيام الماضية، هو اعتبار ما حققته الفرق الرياضية المصرية المشاركة فى أولمبياد طوكيو «إنجازا».
بحسبة بسيطة احتلت مصر المركز الـ54 فى الترتيب العام لأولمبياد طوكيو، حيث حصلت على ميدالية ذهبية وأخرى فضية و4 برونزيات، واعتبر البعض تلك النتائج كالعادة «إنجازا غير مسبوق»، واحتفى إعلامنا بالأبطال العائدين الحاصلين على تلك الميداليات، وهم بالطبع يستحقون الاحتفاء والإشادة لأنهم وبشكل فردى حقق كل منهم إنجازه الشخصى، لكن على المستوى الجماعى فكان الأولى بإعلامنا ونوابنا فى البرلمان الدعوة إلى محاسبة القائمين على اللجنة الأولمبيية المصرية الذين أهدروا الملايين والمحصلة فى النهاية مركز متأخر.
شاركت مصر فى منافسات طوكيو ببعثة هى الأكبر فى تاريخ مشاركاتها، ووصل عدد المشاركين إلى 146 لاعبا ولاعبة، بواقع 134 أساسيا و12 احتياطيا.
لو احتكمنا إلى المقارنات التاريخية، فقد شاركت مصر فى أولمبياد أمستردام عام 1928 بـ32 لاعبا، وحققنا 4 ميداليات (ذهبيتين، وفضية، وبرونزية) وحصلنا على الترتيب الـ17، وفى أولمبياد برلين عام 1936 شاركنا بـ54 لاعبا وتمكنا من تحقيق 5 ميداليات (ذهبيتين، وفضية وبرونزيتين)، وتحسن ترتيبنا إلى المركز الـ15، وفى أولمبياد لندن عام 1948 شاركت مصر بـ85 لاعبا، وتمكنت أيضا من تحقيق 5 ميداليات ( ذهبيتين وفضتين وبرونزية)، وحصلت على المركز الـ16.
فى تلك الدورات كانت إمكانيات مصر، الواقعة تحت الاحتلال الإنجليزى آنذاك، محدودة للغاية وكانت الرياضة فى ذيل اهتمامات حكوماتها، التى لم تخصص ميزانيات مليونية ولا حتى ألفية للألعاب الرياضية، ومع ذلك تمكن أبطال مصر فى الألعاب الفردية من وضع مصر فى المراكز الـ15، 16، 17 على التوالى.
أما فى الدورة الأخيرة والتى شهدت مشاركة الـ 146 لاعبا كما أسلفنا، وتكلفت 281 مليون جنيه، بحسب ما أعلن أحد نواب البرلمان، فاحتلت مصر المركز الـ54، فيما تقدمت دول حديثة بحسابات سنوات التاريخ مثل قطر على مصر فى الترتيب وجاءت فى المركز الـ41 بتحقيقها ذهبيتين وبرونزية، أما دولة الاحتلال الإسرائيلى فاحتلت المركز الـ39 بذهبيتين وبرونزيتين،، وجاءت تركيا التى تتشابه ظروفها مع ظروفنا الاقتصادية والسياسية فى المركز الـ35، ومن إفريقيا احتلت أوغندا الدولة الفقيرة المركز الـ36. فيما كانت المفاجأة فى دولة كينيا التى احتلت المركز الأول إفريقيا والمركز ١٩ دوليا، وحصدت ١٠ ميداليات (٤ ذهبيات، و٤ فضيات، وبرونزيتين).
بحسابات التاريخ، وما تحقق من قبل وما وصلنا إليه هذه المرة، لا يمكن أن نعتبر ما حدث «إنجازا تاريخيا»، وبقياس نتائج المنافسين الذين تتشابه ظروفهم مع ظروفنا بل منهم من هو أقل فلا يمكن أن نتعامل مع ما جرى على إنه «إنجاز» بل إخفاق يستحق المساءلة، وبحسابات التكلفة فما جرى هو إهدار للمال العام، يستحق محاسبة هشام حطب ورفاقه فى اللجنة الأوليمبية.
لا أقلل من قيمة ما حققه أبطالنا بشكل فردى، وهو إنجاز لهم ولأسرهم التى دعمتهم وأنفقت عليهم بدءا من نظامهم الغذائى وصولا إلى شهرية المدرب الخاص «البرايفت» مرورا بتكلفة العلاج الطبى فى حالات الإصابة، فضلا عن ملابس التدريب والمسابقات وغيرها، لكن «النفخ» فيما جرى وتصويره فى منصاتنا الإعلامية على أنه إنجاز جديد يضاف إلى سجل الإنجازات التاريخية، هذا ما لا يمكن قبوله والسكوت عليه.
التعليقات