المؤلم أن من يوافقون اليوم على إجراءات الحجز على أموال بعض المواطنين ــ كرجل الأعمال صفوان ثابت، والخلوق محمد أبوتريكة، وبينهما مجموعات من مواطنين آخرين غير معلومة أسماؤهم للرأى العام ــ لم يتعلموا من درس خمسينيات وستينيات القرن العشرين، والعقدان شهدا توسع الحكم الناصرى فى العصف بسيادة القانون وبضمانات حماية الملكية الخاصة عبر توظيف إجراءات تعسفية كالحجز على الأموال وفرض الحراسة الحكومية على الممتلكات لإنزال العقاب ببعض المعارضين.
المؤلم أن من يصمتون اليوم على انتهاك حقوق وحريات الناس، وعلى العصف بشروط التقاضى العادل الذى تمارسه اللجنة الرسمية المعنية بإدارة أموال المزعوم انتماؤهم لجماعة الإخوان المسلمين والتى تصدر قرارات الحجز على الأموال والحسابات البنكية والممتلكات دون رجوع إلى السلطات القضائية ممثلة فى المحاكم المختصة ودون تكليف اللجنة الرسمية بمسئولية الإثبات الجرم الذى ارتكبه المعاقبون بمعايير قانونية منضبطة ودون تمكين للضحايا من الدفاع عن ملكيتهم الخاصة قبل إنزال العقاب بهم، لم يتعلموا من دروس الماضى البعيد والقريب فى مصر وفى السلطويات العربية الأخرى والتى لم يتوقف بها أبدا انتهاك الحقوق والحريات والعصف بشروط التقاضى العادل عند حدود معارضى الحكم أو غير الراغبين فى تأييده، بل دوما ما تجاوزه باتجاه مؤيدين سابقين تحولوا إلى «مغضوب عليهم» وباتجاه عموم المواطنين الذين ترتأى السلطويات قمعهم للتمكين لثقافة الخوف والامتناع عن الخروج على الحكام أو المطالبة برفع المظالم والانتهاكات ــ ولم يكن رجال الأعمال ببعيدين عن هذه التقلبات، ولم تكن الشخصيات العامة ببعيدة عنها أيضا.
المؤلم أن من يمارسون الاستعلاء اليوم على ملاحظات المدافعين عن سيادة القانون والحقوق والحريات ويسفهون من مطالبتهم بوقف المظالم والانتهاكات والقمع حماية أيضا للثقة الشعبية والمجتمعية فى المؤسسات والأجهزة العامة وفى مقدمتها السلطة القضائية، لم يتعلموا من دروس الحاضر المصرى خلال السنوات الماضية والتى أضاعت بها المظالم تراث الثقة التاريخى فى السلطة القضائية، وأودى بها تغول السلطة التنفيذية على السلطة القضائية واستتباعها للأجهزة الرقابية التى ينص الدستور على استقلالها وهيمنة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية على المجال العام وإماتتها للسياسة وحصارها للمجتمع المدنى بكافة إمكانيات تجديد بناء الدولة الوطنية على نحو يستند إلى سيادة القانون ويحمى حقوق الإنسان والحريات فى إطار مواطنة المساواة الكاملة وتكافؤ الفرص وفى إطار الحيلولة دون تغول السلطة التنفيذية ــ وهذه هى الشروط الأساسية للديمقراطية والتنمية وازدهار القطاع الخاص والمبادرة الفردية.