منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة فى ٧ أكتوبر الماضى، وهناك قطاع من بعض المصريين والعرب يحاول إلقاء اللوم على مصر بكل الطرق، من دون أن يحاولوا فهم حقيقة الواقع المعقد.
هؤلاء يشنون حملات ظالمة طوال الوقت ضد مصر على وسائل التواصل الاجتماعى.
وأظن أنه حان الوقت لهؤلاء أن يراجعوا موقفهم بعد التطورات الأخيرة، خصوصا بعد الهستيريا الإسرائيلية ضد مصر، وما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بشأن محور صلاح الدين «فيلادليفيا»، ومعبر رفح مساء ٢ سبتمبر الحالى.
كل المتربصين بمصر والعديد من بسطاء المصريين والعرب صدقوا فعلا أن مصر تخلت عن القضية الفلسطينية، بل وصل ببعضهم سوء الظن أن مصر تساند إسرائيل ضد الفلسطينيين، لأن أصواتا إعلامية مصرية غير رسمية انتقدت الطريقة التى تصرفت بها حركة حماس وأتاحت الفرصة لإسرائيل كى تدمر القطاع وتقتل وتصيب مئات الآلاف وتشرد ٢ مليون فلسطينى فى الشوارع.
معظم من قابلتهم من المسئولين الفلسطينيين سواء كانوا من السلطة أو حماس أكدوا أن مصر هى أكثر دولة وقفت بجانب الشعب الفلسطينى بصورة عملية فى مأساته الراهنة، فى حدود الظروف والإمكانيات المتاحة.
كثيرون ــ أقصد من دول المنطقة ــ يتحدثون عن دعم الفلسطينيين ومساندتهم، لكن للأسف لا يحدث ذلك إلا بالبيانات والتصريحات والخطب الرنانة وبعض المساعدات الإنسانية.
وكثير من البسطاء يطالبون مصر بخوض الحرب دون أن يطالبوا دولهم أو الدول الأخرى بأن تفعل ذلك.
بعض من قابلتهم من الفلسطينيين بحكم عملى يقولون إن الدعم المصرى للشعب الفلسطينى كان ثابتا وواضحا، وإنه فى الوقت الذى ستظهر فيه حقائق هذه الفترة كاملة سوف يدرك الكثيرون حجم الدعم المصرى للفلسطينيين فى مجالات كثيرة ومنها الدعم السياسى والدبلوماسى والأهم مساندة الموقف الفلسطينى فى المفاوضات وربما فى مجالات أخرى كثيرة.
يعلم كثيرون أن مصر اختلفت مع حركة حماس بحكم أن الأخيرة أحد فروع جماعة الإخوان، ويعلمون أيضا حجم الضرر الذى سببته هذه الحركة والجماعة للأمن القومى المصرى فى الفترة من ٢٠١١ حتى ٢٠١٨، لكن مصر بحكم دورها القومى فرقت بصورة واضحة، بين هذا الخلاف وبين دعم الشعب الفلسطينى خصوصا فى وقف العدوان وتثبيت الشعب الفلسطينى فى أرضه لإفشال المخطط الإسرائيلى الرامى لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء أو إلى أى مكان.
أستغرب تماما أنه فى اللحظة التى يتهم فيها نتنياهو وكبار المسئولين الإسرائيليين مصر بأنها تدعم الفلسطينيين، نجد بعض المصريين والعرب يتهم مصر بالتخلى عن الفلسطينيين فى محنتهم، بل ويزايد عليها.
لا أعذر المتربصين بمصر، لكن أعذر إلى حد ما الذين يجلسون ساعات طويلة يوميا أمام شاشات تليفزيون ومواقع إخبارية ووسائل تواصل اجتماعى، لا هم لها إلا التحريض وتقديم المعلومات المنقوصة أو المشوهة أو المبتورة.
هؤلاء البسطاء لا يدركون أبعاد الصورة الكاملة، ويتصورون أننا بصدد خناقة فى شارع، وليس أمام محاولات يمين متطرف فى إسرائيل يريد إقامة إسرائيل الكبرى وقوى دولية كبرى تريد تثبيت وتقوية وحماية هذا الكيان ليقوم بوظيفته الأصلية وهى تقسيم وشرذمة الوطن العربى.
يتضح لنا كل يوم أن الأمر أكبر من مجرد قطاع غزة أو حتى الضفة بل كل فلسطين وكل المنطقة.
قد يقول قائل: ولماذا لا تعلن مصر عن تفاصيل دعمها الكامل للشعب الفلسطينى؟
والإجابة ببساطة أن هناك حسابات وتوازنات ومواءمات، وليس كل ما يعرف يقال، لكن المؤكد أن مصر دعمت ولاتزال تدعم الشعب الفلسطينى بالقول والعمل، خصوصا فيما يتعلق بالمساعدات الإنسانية والدعم السياسى والدبلوماسى.