التخطيط الذى لا نعرفه - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 7:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التخطيط الذى لا نعرفه

نشر فى : الإثنين 16 ديسمبر 2013 - 8:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 16 ديسمبر 2013 - 8:30 ص

حكاية لطيفة نشرتها صحيفة «بيلد» الألمانية عن استعدادات منتخب بلادها لمونديال البرازيل ٢٠١٤، تعكس التفكير العلمى الدقيق والتخطيط المنضبط من أجل الإنحاز، حتى لو كان الأمر يتعلق بكرة القدم، فمدرب المنتخب الألمانى يواكيم لوف قرر أن جميع الفنادق والمقار القريبة من الملاعب التى سيخوض عليها مبارياته غير صالحة ولا تؤدى وظيفتها على الوجه الأكمل، بما يمكن أن يؤثر على استعدادات الفريق وجاهزية اللاعبين والإداريين والفنيين لأداء مهامهم، فما كان من الاتحاد الألمانى لكرة القدم إلا اتخاذ قرار ببناء مجمع مكون من ١٣ منزلا للاعبين والجهاز الفنى فى بلدة سانتو أندريه بولاية باهيا وسيكون المعسكر على بعد كيلومتر واحد فقط من ملعب التدريبات والمركز الصحفى للاتحاد الألمانى وبقية المنشآت التى تتعامل معها بعثة الفريق، هذا ما يتعلق بكرة القدم فكيف يفكر ويخطط الألمان فى بقية شئون حياتهم؟

بالطبع القصة مهداة لنا، فنحن تقريبا نعادى مسألة التخطيط، من أبسط الأمور إلى أعقدها، فهى من الفرائض الغائبة عن جميع إداراتنا وحكوماتنا، وإذا كان ذلك نسبيا الى حد ما قبل الثورة، فصار مطلقا بعدها، خصوصا مع تعدد المراحل الانتقالية، فلا يوجد تخطيط لأى شىء، وكم من مشروعات عملاقة توقفت لأن الإدارة الجديدة لم تؤمر بها أو غير مقتنعة بجدواها كما تتعلل دائما ، دون أن يسأل أحد عن الخسائر التى تلحق بالمال العام من جراء مثل هذه القرارات، والتى غالبا تتخذ منفردة من بعض القيادات، ولنا فى قصة الشهادة الابتدائية خير مثال، والتى عشنا فيها سنوات طوالا، وزير يقرر بأن الابتدائية خمس سنوات فقط، ثم يأتى من يليه فيقرر إعادة السنة السادسة الملغاة، وهو نفس ما فعلته حكومة الإخوان مع الثانوية العامة التى جعلتها عاما واحدا فقط بعد سنوات من انتظامها كعامين، ولا ندرى ماذا سيحدث العام القادم، دون أن يلتفت أحد للضحايا من الطلاب والتلاميذ، إلى جانب العملية التعليمية ذاتها.

والأمر لا يتوقف على الخلافات فى قضايا التعليم والمناهج، فهو يمتد أيضا للمشروعات الضخمة، مثل قصة توشكى التى كانت أمل مصر كما قالوا لنا وقتها بالكلام والخطب والأغانى، ثم تحولت عند حكومات تالية إلى العبء الذى لا تعرف الحكومة كيفية التخلص منه، حتى قصة محور قناة السويس التى نعيشها الآن، درسناها ثلاث مرات، ولم تحاول أى حكومة فهم ما فعلته التى سبقتها.

المبشر فى الأمر، أو هذا ما أتمناه، أن الدكتور أشرف العربى وزير التخطيط، قال لى عقب توليه الوزارة بفترة وجيزة، أن لديه مشروعا متكاملا لكيفية التخطيط للحكومات المتعاقبة، وكيف يستكمل وزير الخطة التى وضعها الوزير الذى سبقه، حقيقة لا أعرف ماذا تم فى هذا الأمر، لكن الذى أعرفه الآن أن المنتخب الألمانى لم يترك شاردة أو واردة للظروف ويسيطر على جميع الأمور من أجل المنافسة على الفوز بالمونديال.. فبالتخطيط تتحقق النتائج العظيمة أما عدم التخطيط والتفكير حتى فى تصريف مياه الأمطار فهو يعنى ببساطة الغرق فى «شبر ميه» وطبعا الهزيمة فى كرة القدم ليس فى المونديال بالتأكيد وإنما فى الدورات الرمضانية.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات