أسئلة بدائية - خالد محمود - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 12:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أسئلة بدائية

نشر فى : الإثنين 17 يناير 2011 - 10:42 ص | آخر تحديث : الإثنين 17 يناير 2011 - 10:42 ص

 حالة التخبط التى أحاطت ظروف عرض الفيلم الأمريكى «لعبة عادلة» فى مصر هى جزء من حالة تخبط كبيرة تشهدها ساحة المؤسسات والجمعيات السينمائية حكومية وأهلية، تلك الكيانات التى يقيمها ويقعدها شائعات ونوايا وأخبار بغض النظر عن كونها صادقة أو غير صادقة.. وفى كل مرة تنتفض جبهات هذه الكيانات الفنية بانفعال لتعلن الرفض والشجب والقطيعة، وكأنها موجة من أفلام مثل التى يغرقنا بها بعض المنتجين والفنانين والموزعين من آن لآخر. وكى لا نبتعد كثيرا عن الموضوع يطرح السؤال نفسه عما إذا كانت هذه الكيانات ضد التطبيع الفنى مع إسرائيل وكل ما يتعلق به، ولماذا «تسخن» مع أحداث دون غيرها؟، لماذا تلتهب شعاراتها وبياناتها فى وقائع دون المساس بنظيرتها؟.. أم أنهم لا يعرفون أن هناك وقائع أخرى تمس مسألة التطبيع الفنى، وتمر من بين أيديهم وأفكارهم وخيالاتهم مرور الكرام وهذا عذر أقبح من ذنب، أو أن بعض أفراد هذه الكيانات تتحرك على «السمع» ولا تعرف حقيقة الأمر كله لا هذا الذى تهاجمه ولا ذاك الذى نفذ من بين يديها ويقع فى نفس الطائلة.

موضوع «اللعبة العادلة» يكمن فى رفض الكيانات الفنية (اتحاد النقابات ــ غرفة صناعة السينما) السماح بعرضه فى القاهرة لمشاركة ممثلة إسرائيلية (ليزار شارهى) فى بطولته أمام الفنان المصرى خالد النبوى، وهو ما يعد فى حالة العرض تطبيعا ــ حسب وجهة نظرهم، بل ويفتح المجال أمام دور العرض المصرية لاستقبال نجوم إسرائيل، وواقع الأمر أنها ليست المرة الأولى التى تسمح فيها دور العرض المصرية باستقبال فنانين من إسرائيل وآخرهم الفيلم الأمريكى البريطانى «المنطقة الخضراء» الذى حظى بإعجاب جماهيرى ونقدى خلال عام 2010 وهو قريب من نفس المثل، حيث يشارك فى بطولته الممثل الإسرائيلى «إيجال ناعور» فى دور الجنرال العراقى، ويشارك فيه أيضا الممثل المصرى خالد عبدالله.

تمت الموافقة للأول بالعرض دون أى ضغوط ولم يسمح للآخر.. فهل الفارق فى الحكم بين العملين بسبب أنه فى الأول تجسد الممثلة الإسرائيلية دور شقيقة العالم العراقى الذى يجسده خالد النبوى، بينما يجسد الممثل الإسرائيلى «إيجال ناعور» فى الفيلم الثانى شخصية جنرال عراقى، والمصرى خالد عبدالله يجسد شخصية مترجم للضابط الأمريكى؟!

النماذج متعددة ولا يمكن حصرها، فكم فيلم استقبلته دور العرض المصرية من بطولة النجمة الإسرائيلية «ناتالى بورتمان» ونحن لا نعرف كونها إسرائيلية؟!.

فى عام 2009 عرض بمحض إرادتنا فيلم «واحد ــ صفر» فى قسم آفاق بمهرجان فينسيا السينمائى، وعرض فيلم «المسافر» بالمسابقة الرسمية للمهرجان رغم علم الجميع بأن مسابقة المهرجان تضم فيلما إسرائيليا هو «لبنان» بل وفاز هذا الفيلم بالجائزة الكبرى للمهرجان، لم يقل أحد شيئا، وكأن التطبيع الذى ينشدونه له أكثر من درجة وأكثر من لون وأكثر من تعريف.

كمواطن مصرى عربى ضد التطبيع قلبا وقالبا حتى يأخذ المواطن الفلسطينى حقه فى تقرير مصيره وتعود إليه أرضه المحتلة المغتصبة.. وهنا ــ فى المسألة الفنية ــ نحتاج إلى تحديد رؤية واضحة صريحة ونظرة ثاقبة وعميقة.

المهم فى القضية ليس توجيه الاتهامات والمزايدات والشعارات ولكن تبقى نقاط أخرى تحتاج إلى إجابات.. ما هو التطبيع الفنى على وجه التحديد؟.. هل نقاطع أفلام العالم بأسره التى اشترك بها أى ممثل إسرائيلى «أشعر بحزن على طرح هذه الأسئلة البدائية الآن»، وأتساءل أيضا «لماذا لم يسأل أصحاب الكيانات السينمائية لماذا لا نحقق ما تحققه إسرائيل على ساحة السينما العالمية فى المهرجانات الدولية الكبرى التى حصدت جوائزها، ونحن تاريخنا السينمائى يفوق تاريخها منذ إنشائها كدولة بـ40 عاما؟

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات