انطباعات حكاية الدكتورة ميرنا - داليا شمس - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انطباعات حكاية الدكتورة ميرنا

نشر فى : الأحد 17 مارس 2013 - 9:30 ص | آخر تحديث : الأحد 17 مارس 2013 - 9:30 ص

فى أروقة المنظمات الأممية قد تلتقيها، كانت مثلا ضمن المشاركين فى اجتماعات الصندوق الدولى للتنمية الزراعية التى عقدت الشهر الماضى بروما، على هامش دورته الثالثة والستين. سيدة ممتلئة القوام، تلبس ألوانا حارة تتماشى مع بشرتها السمراء، وما أن تتحدث بحماسة على طريقتها حول اختلاف مفهوم التنمية ومعايير الفقر من ثقافة إلى أخرى، حتى تتأكد أنها ليست جزءا من ديكور أرادته المنظمة الدولية عندما استضافت مجموعة مختارة ممن يطلق عليهم «السكان الأصليين» لبعض البلدان (ويقدر عدد هؤلاء بحوالى 370 مليون نسمة حول العالم).

 

ميرنا كيننجهام تنتمى لنساء «الميسكيتا» من نيكارجوا التى لم يكن يجرأ أبناؤها على التكلم بلغتهم فى الأماكن العامة قبل خمسين عاما، كى لا يتعرضوا للحبس.. أما هى فتعمل منذ سنوات لتكافؤ الفرص بين النساء والرجال داخل المجتمعات التقليدية وبين السكان الأصليين لبلادها والتى تقدر نسبتهم بخمسة فى المئة من مجموع الشعب، بل وساهمت فى إنشاء أول جامعة للسكان الأصليين فى منطقة الكاريبى أوائل التسعينيات، وأسست متحفا للفنون والتاريخ للحفاظ على التنوع الثقافى.

 

•••

 

تظنها مجرد جدة لثمانية أحفاد وأم لأربعة أبناء أو سيدة ناشطة داخل الجمعيات الزراعية بأمريكا الوسطى، فيتضح أنها أول طبيبة جراحة من السكان الأصليين وأنها قد حصلت على لقب «سيدة الصحة فى الأمريكتين» لعام 2001 من منظمة الصحة الأمريكية، ولها دور مهم فى الاعتماد على الطب التقليدى للتداوى.

 

بدأت ميرنا كيننجهام فى العمل مع وزارة الصحة العامة بعد ثورة ساندينستا الاشتراكية (1979)، التى قامت على دعائم أربع لم تنفذ منها الكثير، إذ نادت الثورة، التى قادتها الجبهة الساندينية للتحرير الوطنى ضد الحكم الاستبدادى لأسرة سوموزا، إلى التعددية السياسية والاقتصاد المختلط وعدم الانحياز والمشاركة الشعبية، إلا أنها لم تلتزم قط بالممارسة الديمقراطية رغم الاصلاحات الاجتماعية.

 

•••

 

تتداخل حكاية الدكتورة ميرنا مع تاريخ نيكارجوا وثورتها التى امتدت لقرابة العشر سنوات، عانت خلالها البلاد من «اسفيكسيا الخنق» الاقتصادى، وجرتها الولايات المتحدة الأمريكية إلى منطق دفاعى وحرب استنزاف وقلاقل، لأنها لم تستسغ قيام ثورة اشتراكية فى محيطها. وعلى هذا النحو ظلت نيكارجوا حبيسة النفق الثورى حتى بداية التسعينيات وانتقالها جذريا إلى النمط النيوليبرالى واقتصاد السوق بعد أن تعب الشعب وفاض به الكيل.

 

•••

 

خلال الثمانينيات، نظرا لأن الدولة لم تكن قادرة على دفع التكاليف الباهظة لاستيراد الأدوية والمنتجات الكيميائية فقد لجأت وزارة الصحة للطب الشعبى والعلاجات البديلة، وكثفت الأبحاث الزراعية والتقنية فى هذا المجال. وفى عام 1989 أنشأت الوزارة أول مركز قومى للطب التقليدى فى نيكارجوا، وقد كانت قطعا الدكتورة ميرنا كيننجهام من الداعمين لمثل هذه السياسات على المستوى المحلى. ولم يتوقف دورها قطعا على الجانب الطبى، إذ شغلت أيضا فى منتصف الثمانينات منصب حاكم منطقة بين منطقتين للحكم الذاتى (إذ تضم نيكارجوا 15 إقليما ومنطقتين للحكم الذاتى)، وظلت مؤمنة بدور المرأة فى التغيير ومحاربة الفقر وإنتاج الغذاء، خاصة أن الزراعة تتأنث أكثر وأكثر مع مرور الوقت.. لم يخطر ببال أحدهم أن هناك من يتحدث عن النساء اللاتى يتم الاعتداء عليهن بسبب العمل فى الحقول أو من لا تقمن بتنظيف ثديهن قبل الرضاعة فيصاب الأطفال بالإسهال.. أو من يغفل دور أبناء النوبة، رجالا ونساء، وأن يأتى هذا الكلام فى أعقاب ثورة، حتى لو كان أبناء هذه الثورة لا يزالون فى مرحلة النفق المظلم.

التعليقات