بتهمة الغيرة على الوطن - محمد موسى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بتهمة الغيرة على الوطن

نشر فى : الثلاثاء 17 مايو 2016 - 10:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 17 مايو 2016 - 10:45 م

كان ينتفض على المنصة، ويزأر مثل أسد غاضب وهو يقول: لا يوجد تعويض لإنسان يدخل السجن بتهمة إبداء الرأى، ولا عزاء للوطن فى خسارته لشباب يهدر عمره فى الزنازين.


فى عام 1980 التحقت بجامعة القاهرة، وكانت ندوة الدكتور يوسف إدريس بأحد المدرجات فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة، أولى العجائب التى شاهدتها فى العاصمة.


أضاف: لا يوجد مبرر دينى ولا إنسانى لسجن معارض سياسى. إنها جريمة يدفع الوطن ثمنها من ثروته الأهم والأغلى، من عقول شبابه وحماسهم وحبهم للبلد، مهما كانت التهمة.


لكننا نرى للمرة الأولى فى تاريخ البشرية، شبابا يذهبون إلى ماكينات العقاب بأحكام قضائية سريعة، بتهمة الغيرة على وطنهم وأراضيهم.


ماذا لو هتفوا على سلالم نقابة الصحفيين، ورفعوا أعلام بلدهم، ثم عادوا إلى بيوتهم فى المساء؟.


أغلبية المصريين عارضوا السادات عند توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، واستقال وزير خارجيته، لكن النظام لم ينكل بمعارضيه، ولم يصطنع لهم أحكاما قضائية فى غضون أيام قليلة، ويلقى بهم فى غيابة السجن.


لو كانت الفكرة هى التنكيل بمعارضى اتفاقية الحدود ليكونوا عبرة لمن يعارض بعد ذلك، فالمعارضة تحتشد وتقوى، ويشد بعضها بعضا، و«السجن جزء من منظومة العدالة، وليس أداة للتنكيل والإذلال»، كما كتب البرادعى أمس الأول. وكل شاب محبوس سينزل بدلا منه العشرات من زملاء دفعته وأصدقائه وأقاربه، وكل من يغضب لضياع مستقبله، على رأى الزميل حازم شريف.

وإذا كانت الفكرة هى أن يكون الوطن على قلب رجل واحد، فهذا وهم لم يحدث عبر التاريخ، منذ الجيل الأول للبشرية، الذى شهد جريمة قابيل فى حق أخيه.


داخل السجن الآن من كان يعارض الطاغية مبارك، ومن كان مشرفا على إذاعة ميدان التحرير، ومن كان يقود الآلاف فى مظاهرات الغضب من الإعلان الدستورى الظالم للرئيس مرسى. هم فى السجن بأحكام قضائية لا نملك الاعتراض عليها، لكننا نملك حق القراءة السياسية للمشهد، وهى قراءة تنبئ بكارثة وطنية.


أما خارج الزنازين فهناك شباب يغص بالمرارة ويحلم بالهجرة، فهل هذا الهدف النهائى من مطاردة المعارضين؟.


على فيسبوك كتب الشاب محمد رضا بعد الأحكام بسجن متظاهرى الجزيرتين: وصلت لحالة من اليأس من البلد، وسقطت فى اللامبالاة. ماليش نفس أتناقش، ولا قادر أفرح أو أحزن.


تتهيأ بلدنا منذ سنوات لهذا الفخ الإنسانى والسياسى، بتحريض سياسى وإعلامى ردىء. مذيعون يهددون من يشارك فى المعارضة بالويل والثبور، وبالقتل أحيانا. صفحات مؤيدة تمتلئ بعبارات تحريض للرئيس على فرم الشباب وإهدار دم المعارضين، بعبارات لا يرددها إلا الأعداء.
«لم تبدأ تنمية مصر اقتصاديا فى عهد محمد على إلا بعد جمع المماليك الخونة فى القلعة وذبحهم»، هكذا يكتب مؤيدو الحكومة على صفحاتهم، فهل أتيتمونا بالذبح؟ ومن يقرر الخائن من المخلص؟. وهل مماليك مصر الأجانب الذين عاشوا على دم المصريين وعرقهم قرونا، يشبهون شبابنا الذين خرجوا يدافعون عما يعتقدونه، بلا عنف أو تخريب؟.


«تخسر مصر كثيرا بالقضاء على تيارات التغيير»، كما يسميها الدكتور أحمد عبدربه، لكن «تأميم السياسة فى مصر وكل الضغوط الشديدة التى تعرض لها المعارضون لم تنتصر أبدا على الرغبة والاستعداد لتحدى السلطة وسياستها.
ولن تنتصر.


أو كما قال ملصق الحرية للجدعان: يا مصر لسه عددنا كتير.

محمد موسى  صحفي مصري