رهان جبهة الإنقاذ الخاسر على الأزمة الاقتصادية - عمرو عادلى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 12:45 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رهان جبهة الإنقاذ الخاسر على الأزمة الاقتصادية

نشر فى : الإثنين 18 فبراير 2013 - 9:25 ص | آخر تحديث : الإثنين 18 فبراير 2013 - 9:25 ص

تواجه مصر أزمة اقتصادية هى الأشد عمقا وعنفا منذ نهاية الثمانينيات تضع البلاد على حافة الإفلاس حقا، إذ إن الدول، خلافا لما يظنه أو يزعمه مسئولون كثر بالحكومة المصرية، تفلس بالفعل.بلغ العجز فى الموازنة فى نصف السنة المالية الأول ما يناهز ١٠٠ مليار جنيه (أو ١٤ مليار دولار)،

 

 

 

بما يجعل العجز المتوقع فى نهاية السنة بحلول يوليو ٢٠١٣ حوالى ٢٠٠ مليار جنيه على الأقل أى ما يقارب ١٢٪ من الناتج المحلى الإجمالى. وهى نسبة بالغة الارتفاع خاصة إذا قارناها بما أعلنت الحكومة عن استهدافه فى برنامجها المقدم لصندوق النقد الدولى وهو ٨.٥٪ بنهاية العام المالى القادم ٢٠١٤/٢٠١٥. ويضاف إلى اتساع العجز فى الموازنة الانخفاض المستمر فى احتياطيات البلاد من النقد الأجنبى، والذى بلغ درجة تثير القلق وتلقى بظلال من الشك حول قدرة البلاد على تدبير من النقد الأجنبى ما يلزم لتأمين الواردات الأساسية من الغذاء والطاقة فى الشهور الثلاثة القادمة، وذلك بإعلان البنك المركزى أن إجمالى الاحتياطيات فى مصر هى ١٥.٥ مليار دولار محتسبا فيهم المليارات الخمسة التى أودعتها قطر لدى المركزى.

 

••• 

 

ولعل أشد ما يثير الخوف ويضعف آمال التحسن الاقتصادى العاجل هو التخفيض المستمر لتصنيف مصر الائتمانى بعد شهرين من تمرير الدستور، وسبعة أشهر من تنصيب الرئيس محمد مرسى، ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية إذ إن هذا يعنى بوضوح أن خطوات الانتقال السياسى من الناحية الرسمية نحو مؤسسات دائمة منتخبة لم تنعكس على الوضع السياسى بأى استقرار ملموس، ومن ثم لم تسهم فى تأمين المناخ الاقتصادى للتعافى والعودة للنمو ومن ثم علاج مشكلات ميزان المدفوعات والاحتياطيات الأجنبية. وإذا ما استمر الوضع على هذه الشاكلة فإن خطط الحكومة لإعادة الهيكلة المالية بخفض الدعم وزيادة الضرائب وتخفيض العملة الوطنية، ومن ثم إتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولى تظل فى مهب الريح. ومفاد استمرار هذا الوضع استمرار اتساع العجز فى الموازنة وتقلص الاحتياطيات، وهو ما يدخل مصر فى دائرة خبيثة لأن تدهور الأوضاع يقلل من فرص جذب استثمارات أجنبية أو حتى الاقتراض من المؤسسات المالية العالمية، وبالتالى يصبح أمل النظام الجديد منحصرا فى المال السياسى الآتى من قطر ـ بالأساس ـ والتى تبدو الطرف الوحيد المستعد لتمويل العجز فى مصر.

 

وإذا ما وضعنا الوضع الاقتصادى المتردى، والذى لم يبلغ نقطة الانفجار بعد، بجانب الوضع السياسى المتفجر أمكننا أن نتصور حجم الاحتجاج الاجتماعى الذى قد يندلع مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادى أو عند الشروع فى اتخاذ إجراءات تقشفية تؤدى لرفع أسعار السلع الأساسية على فقراء المدن والطبقات المتوسطة الدنيا. ومما لا شك فيه أن استمرار الوضع الاقتصادى الحالى وسط شلل كامل من النظام السياسى وعدم قدرة على معالجته أو الاتجاه لاتخاذ إجراءات تقشفية لا تتمتع بأية شعبية لدى الناخبين من شأنه أن يضرب المعسكر الإخوانى الحاكم فى مقتل إلا أن هذا الوضع المتأزم ليس من شأنه أن يفيد المعارضة كذلك ممثلة فى جبهة الإنقاذ الوطنى، والتى تعقد العزم على خوض الانتخابات بقائمة موحدة ضد الإخوان خاصة والتيار الإسلامى عامة، بل إن الأرجح أن الجبهة تضع رهانا خاسرا على الأزمة الاقتصادية، وانعكاساتها السياسية على الوضع الانتخابى ومن ثم الوصول المؤسسى للسلطة.

 

•••

 

مبدئيا لم تطور المعارضة السياسية أية روابط عضوية تنظيمية يعتد بها مع الحركة العمالية المستقلة الناشئة، بل إن جبهة الإنقاذ تظل فى خطابها وتنظيمها وانتشارها معتمدة بالأساس على تأييد الطبقات المتوسطة والمتوسطة العليا بالمدن سواء القاهرة أو عواصم الأقاليم، ويضاف إلى هذا أن خطاب الجبهة يكاد يخلو بالكلية من أية إشارات واضحة للقضايا الاقتصادية والاجتماعية اللهم إلا بعض الغزل لهذه القضايا من وقت لآخر لا تنطلى على ذوى الشأن من العمال أو الفقراء بل ويظهر قدر انتهازيتها بما يضر ولا ينفع.

 

إن الجبهة لم تفتأ تستثمر وبكثافة فى تطوير خطاب سياسى يقوم على تطوير هوية مصرية ما فى مواجهة الهوية الإسلامية التى يتحدث عنها الإخوان المسلمون، وكلا التصورين غائم وغامض ويفتقر لأية صلة موضوعية بالقضايا الملحة سواء الاقتصادية أو السياسية التى تواجهها مصر منذ الإطاحة بمبارك. قد يكون صحيحا أن الجبهة، أو بعض أطرافها وقفت موقفا مناهضا لقرارات زيادة الضرائب التى اتخذت فى خضم أزمة إعلانات مرسى الدستورية المتكررة إلا أن الموقف كان مبتسرا ومدفوعا بالرغبة فى إحراج السلطة دون تطوير بدائل اقتصادية عن التقشف ناهيك عن قرض الصندوق.

 

•••

 

فى التحليل الأخير فإن جبهة الإنقاذ الوطنى تظل كتلة جامعة تفتقر للاتساق، لا يجمعها سوى الخوف من سلطوية الإخوان المسلمين، ولكن مع عجز شديد على إنشاء خطاب سياسى يمد تأييدها لقواعد شعبية حقيقية يمكن من خلالها منافسة الإخوان بشكل حقيقى.

 

استنادا للمثالب العديدة التى تكتنف أداء جبهة الإنقاذ فإن حدوث أى انفجار اجتماعى جراء الأزمة الاقتصادية لن يؤدى فى الأرجح إلى مكاسب سياسية مباشرة للمعارضة بل قد يؤدى إلى إعادة إنتاج أحداث يناير ١٩٧٧ بما شهدته من أعمال نهب وسلب وتخريب، ولكن الفارق أن هذه المرة مثل هذه الأحداث ستنفجر فى وجه نظام سياسى سقيم مشلول وجهاز أمنى منهار ومع جيش يعاف التدخل فى السياسة. ولكن مثل هذه الأحداث ــ إن وقعت لن تفيد طرفا على حساب آخر بل ستكون فى الأغلب خصما من رصيد النظام السياسى الجديد بكافة أطرافه، وقد تؤدى إلى إعادة إنتاج السلطوية مرة أخرى بحيث تتمترس الطبقات المالكة وشرائح من الطبقات المتوسطة بالمدن وراء الجيش والشرطة والقضاء ومعهم الإسلاميون والليبراليون جميعا من أجل إنقاذ النظام الاجتماعى فى مصر من الفوضى، ومن الفقراء بالطبع، وهكذا تولد الفاشية من رحم الأزمات الاجتماعية

التعليقات