الخروج إلى حرب دامية من دون التزام أمريكى.. إنه رهان مجنون على مصيرنا جميعًا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الخميس 19 يونيو 2025 5:17 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

الخروج إلى حرب دامية من دون التزام أمريكى.. إنه رهان مجنون على مصيرنا جميعًا

نشر فى : الأربعاء 18 يونيو 2025 - 8:40 م | آخر تحديث : الأربعاء 18 يونيو 2025 - 8:40 م

صحيح أن الإنجاز كان مذهلًا، وكان الإيرانيون مقتنعين برواية خاطئة، والضربات التى نفّذها الجيش والموساد كانت فعلًا صعبة، لكن مقارنة بمفاجآت استراتيجية سابقة فى التاريخ تُغفل تفاصيل مهمة. هتلر فاجأ ستالين باجتياحه روسيا، وندم؛ اليابان فاجأت إمريكا فى بيرل هاربر، ونذكر جميعًا كيف انتهى الأمر؛ «حماس» فاجأتنا يوم 7 أكتوبر، ويمكن أن نقدّر باحتمالات عالية أن هذا كان خطأ كبيرًا.
تاريخيًا، كان هناك أيضًا بعض المفاجآت التى انتهت بشكل أفضل، لكن فى أكثر من حالة، عندما تقوم بإذلال قوة كبيرة، مثل الولايات المتحدة، أو روسيا، أو إسرائيل، أو إيران، فإنك تخلق لدى الطرف الآن دافعًا قويًا جدًا إلى إنهاء المسألة بانتقام.
قام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو برِهان غير عقلانى، إذ لا يُعقل أن يراهن رئيس حكومة على مصير دولته. ولا تستطيع إسرائيل منع الإصابات الصعبة التى تُحققها الصواريخ الباليستية الإيرانية. وحاليًا، لا ننجح فى اعتراضها، كما تحاول رسائل الدعاية الادّعاء. إن اقتصاد الصواريخ الاعتراضية يفرض علينا سلّم أولويات متوحش، وإيران تنجح فى تحقيق إصابات دقيقة لم نشهدها سابقًا من أى عدو. وفى المقابل، وبسبب ذلك، لا يفهم الجمهور الإسرائيلى الأثمان التى يدفعها وسيدفعها. نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» خبرًا يشير إلى إصابة وزارة الدفاع الإسرائيلية «الكرياه»، وكانت هناك أخبار تشير أيضًا إلى إصابة مصافى النفط ومعهد وايزمان.
ينشر الجيش كثيرًا من البيانات بشأن إصابة منصات إطلاق الصواريخ وقدرات إيران الصاروخية. ويشكك الخبراء فى قدرتنا على تنفيذ هذه المهمة فى دولة تبلغ مساحتها 1,6 مليون كيلومتر مربع. يمكن أن يستمر هذا الوضع أسابيع، وربما أكثر. والثمن الذى سندفعه من الأرواح والضرر بالاقتصاد والردع - كبير جدًا.
يمكن أن يكون دفع هذا الثمن لمصلحتنا من أجل التوصل إلى النتيجة التى عرضها نتنياهو فى بدء الحملة: مسح البرنامج النووى الإيرانى. المشكلة أن هذه النتيجة مستحيلة، بحسب جميع الخبراء. ونتنياهو يعرف ذلك - وأيضًا مستشاره تساحى هنغبى اعترف بذلك. نتنياهو يعرف أيضًا أن الهدف الثانى الذى عرضه غير واقعى. كنا نتمنى لو كان من الممكن سلب إيران قدرتها على صناعة الصواريخ وإطلاق الصواريخ الباليستية فى اتجاه إسرائيل، لكن لا توجد طريقة عسكرية للقيام بذلك.
إن الهدف الحقيقى للحرب يتم إنكاره فى الإحاطات الإعلامية التى يجريها المتحدثون باسم رئيس الحكومة: تبديل النظام. هذا الهدف، من مصلحتنا أن ندفع الأثمان من أجله فى هذه الحرب، وإذا استطاع نتنياهو تحقيقه، فيستحق جميع الألقاب التى يُطلقها عليه أنصاره. لكن، بحسب المتخصصين بالشأن الإيرانى، لا يوجد تقريبًا أيّ احتمال لحدوث ذلك بسبب هجوم إسرائيلى. حتى إن أحد المتخصصين قال إنه يمكن أن نرى فى إيران الآن "التفافًا حول العلم"، وستتوحد مراكز القوة التى لا تحب النظام حول الحاجة إلى كبح الهجوم الإسرائيلى.
هناك درجة أقل من هذه الأوهام، وهى أن تخرج إيران مضروبة، وأن يتخوف زعيمها من سقوط النظام، ويتوجه إلى توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة ويوافق على عدم تخصيب اليورانيوم على الأراضى الإيرانية، ويمكن أيضًا أن يوافق على وضع قيود على تصنيع الصواريخ الباليستية. وعلى غرار أيّ اتفاق، فالمدة الزمنية التى يمكن أن يستغرقها ضبطه غير واضحة، لكن هذه النتيجة أيضًا لا تبرر الخروج إلى الحرب.
ومن أجل أن يتحقق هذا السيناريو، يجب أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل فعال فى الهجوم. لكن يبدو كأن الرئيس دونالد ترامب يبتعد عن تدخُّل كهذا. أن خوض حرب دامية من دون التزام إمريكى هو دليل على عدم مسئولية، ويمكن أن يقال عنه أيضًا إنه رهان خطِر على مصيرنا جميعًا. حقيقة أن نتنياهو نجح فى جرّ دولة كاملة إلى رهان خطِر إلى هذا الحد، من دون أن يكون هناك معارض واحد فى أوساط متّخذى القرار، يوضح فقط إلى أيّ درجة سيطر حُكمه على رأس الهرم فى إسرائيل خلال الأعوام الماضية.

رفيف دروكر
هآارتس
مؤسسة الدراسات الفلسطنينة

التعليقات