فى بياض دمائهم - خولة مطر - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:38 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى بياض دمائهم

نشر فى : الثلاثاء 19 أغسطس 2014 - 8:25 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 19 أغسطس 2014 - 8:25 ص

كان الصيف قد دق ابوابه.. ألم يحن الصيف بعد؟ تأتى صحفهم بالاعلانات عن الصيف فى ربوع الريفيرا الفرنسية أو الايطالية أو حتى جبال الألب بعيد عن لهيب صيفهم هنا.. كل يحمل حقائبه ويرحل يبحث عن نسمة هنا أو هناك أو حتى بعض من المتع الحسية.. إلا هم صيفهم كما شتائهم كما خريفهم.. كما ربيعهم.. كل الفصول تأتى عليها.. على غزة وهى لا تعرف سوى الأسوار والدبابات والحواجز.. وكثير من الدمار ودم يسقى الأرض فتنبت شجرة زيتون تبقى هى الأخرى تحاصر حصارهم كما قال درويش منذ زمن!! كل غزة تحاصر حصارهم.

•••

صيف غزة يمطر الموت على وقع صمتهم القاتل هو الحصار حتما.. من هم المحاصرون ومن الأحرار خلف الأسوار قال ذاك وردد السؤال مرارا.. يبقى الغزيون يبحثون عن بقعة صغيرة لم تسق بدم أطفالهم ونسائهم وشبابهم.. كل الغزاويون بقوا هناك يرددون سنحاصر حصارهم وهم فعلوا.. وبقى الآخرون محاصرين على طول الخليج والمحيط!! وقف ذاك الطفل يسجل رسالته قد أكون الشهيد القادم وكان، ووقفت تلك الفتاة تبحث عن عائلتها التى قضت عليها أسلحتهم دقيقة وحديثة الصنع!.. كل سلاح الكون هنا.. امطرت السماء موت وحقد وبقى هو ذاك الطفل محمد الذى احتضن لعبته ووقف على حافة البحر ينتظر نسمة أخرى تتسلل بين جدارهم وحواجزهم وحصارهم.. يعرف محمد كما ليلى أن السماء والأرض والبحر معهم.. يعرفون فيبتسمون وفيما طائراتهم تغطى سماء الكون، يخرجون ليلعبون الكرة على شاطئ هو ما تبقى من مساحة ما لبثت وإن سقيت بدمهم شديد البياض.. والنقاء.. اصطادتهم القذيفة كما هناك على بيت سعيد وفوق مزارع ومخيمات ممتدة على أكثر مساحة مكتظة بالبشر.. راح البشر يلتصقون ليس لهم سوى هم والله.. كل الأشقاء والأصدقاء والإخوة وقفوا بعيدا ينكسون الرءوس بصمتهم وحصار جبنهم وكثير من تخاذلهم وبعض تواطئهم ومعرفتهم.. قال الغزى أمطرى سماء عزة لا عزة إلا هنا يقدمها الغزيون درس خلف درس للكون عندما هم كما وقف اللبنانيون فى 2006 وقالوا للعرب والاشقاء والأصدقاء: «نحن بخير طمنونا عنكم»، هم بخير عندما يقفون ملتحمين بأرضهم رافعين رءوسهم بالعزة.. متشبثين بالحياة.. نعم هم عشاق الحياة لا الموت كما يقول البعض ويردد من يعشق الحياة كالغزى يدفع لها كل ما يملك وأثمنه.. فما الحياة إلا كما يعرفونها هم رافعو الرءوس جذورهم فى الأرض كأشجار زيتونهم كلما اقتلعوا شجرة نبتت أخرى أكثر قوة وعزة!!!

•••

غزة والقلب يدمى واليد ممدودة فى فضاء بعيد.. يبقى أصغر طفل عندك يلثم الحياة بحب ويرسم ابتسامة وهو يعلم رغم صغر سنه أن بعض حياته أثمن من كل حياواتهم جميعا.. يحلق الأطفال حول سفرة لا عليها سوى كسرة خبز وبعض زعتر وزيتون.. هو الآخر كانت ماكيناتهم الحربية تطارده، الزرع والأرض والانسان كلهم فريسة لصواريخهم.. رغم ذلك حتى الزيتونة تناضل والزعتر ينبت بين جدران البيوت المحطمة وأمام بوابات لما تبقى من منازل.. غزة جورنايكا تصرخ فيها الوجوه الصغيرة شديدة البراءة وتحكى قصص وحكايات ستبقى محفورة فى الذاكرة الحرة وتقلق نومهم ومنامات أولئك الواقفون هناك منتظرون سقوطها، كما كانوا قبل سنين ينتظرون أن تدك بيروت عروس المدن ويعودوا هم ليقرعوا كئوسهم نصرا قبيحا وجبانا.. كلهم انتظروا سقوط غزة فقالت لهم أنا هنا حتى آخر حجر وآخر قطرة دم بيضاء نقية بنقاء أهل فلسطين كلها.. غزة أعادة البوصلة من جديد هى فلسطين كعبتكم وقبلتكم وإلا لا كرامة لكم هنا أو هناك. هناك أنتم تلقنوننا الدرس تلو الدرس، ونحن هنا بعضنا قال هذا الربيع العربى الحقيقى، وآخرين قالوا نعم.

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات