عجز الموازنة وهدايا عيد الحب - محمد مكى - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 3:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عجز الموازنة وهدايا عيد الحب

نشر فى : السبت 20 فبراير 2021 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 20 فبراير 2021 - 9:10 م

فى الوقت الذى يحذر عدد من الاقتصاديين من موجة ارتفاع قادمة تصيب معظم الأسعار، وتقود حتمًا إلى ارتفاع فى التضخم وعدم الاستقرار المالى، كشف تقرير صادر عن إحدى المؤسسات العالمية العاملة فى مجال المدفوعات الالكترونية عن زيادة إنفاق المستهلكين فى جمهورية مصر العربية بنسبة 718% على الهدايا مقارنة بعشر سنوات مضت.
وإن كنا لسنا وحدنا من أنفقنا على بند الهدايا وشراء الورود، فحسب نفس التقرير هناك زيادة هائلة فى الإنفاق على شراء الورود عالميا تصل إلى 3409% على مدار العقد الماضى، لكن ما يحدث فى بند المصروفات يجعلنا نطالب بضرورة إعادة النظر، فالشهور السبعة الأولى من العام المالى الحالى، تشير إلى زيادة فى المصروفات بنسبة 12.4% فى ظل إن العالم يتحدث عن ارتفاع جديد فى أسعار معظم السلع خلال دورة اقتصادية جديدة بعد عقد تم وصفه بالعقد الضائع.. وبدأت أسعار السلع فى الانتعاش مع تطلع المستثمرين للتعافى الاقتصادى، وعانت السلع منذ سنوات قليلة صعبة، وتضررت من فائض المعروض، ومن المخاوف الاقتصادية الناتجة عن تفشى كوفيد 19.
ومن المتوقع أن يشهد الطلب على السلع تعافيا، ومن ثم ارتفاع فى الأسعار، ونحن دولة مستورة لكثير من الاحتياجات وهو ما يجعل مرحلة «أوان الورد» تؤجل حتى يحدث التعافى، ويقل العجز وتحل المنتجات الوطنية بديلا لمستوردة بالعملة الصعبة.
لسنوات طويلة كان يطيب لعدد من المسئولين فى بلادنا خاصة من لهم علاقة بالملف الاقتصادى أن يصدر زيادة استهلاك المصريين فى السلع الترفيهية والمستوردة وصولا لأكل القطط والكلاب ولعب الاطفال، واستيراد ما لا يلزم من مأكل ومشرب وسلع استفزازية، مطالبين بالرشادة الاقتصادية حتى أصبحت من القواعد الدلالة على النجاح فى الملف الوظيفى لأية حكومة تقليل استيراد تلك السلع، وحدث تراجع لها بالفعل بعد قرار تحرير سعر الصرف، وما حدث من ارتفاع فى تكلفة استيرادها بسب فرق العملة، لكن التقرير الأخير المتزامن مع ما يطلق عليه «عيد الحب»، لا يتماشى مع دعوات تحث وتتطالب بالرشادة الاقتصادية، حتى وصلت إلى إصدار فتاوى بكراهية تكرار الحج والعمرة فى دول اقتصادها فى مرحلة مجابهة تصدع مزمن، أضيف عليه تداعيات جائحة قصمت ظهر اقتصاديات كبرى.
الإنفاق على الهدايا حرية خاصة شأنه شأن شراء اية سلعة على مستوى الافراد، لكن من ينظر إلى عجز الموازنة البالغ 4.4% من الناتج المحلى فى أول 7 شهور من العام المالى الجارى حسب وزير المالية، يجعل من يقول إن ترشيد الانفاق إن كان فرض كفاية، أصبح فرض عين فى ظل عجز بعض أهالينا عن وجود اماكن فى القطاع الصحى، وفى حالة توافره بشكل لائق يجعل مصروفاته فوق طاقة السود الاعظم من أبناء الوطن. كما أن الدولة فى ظل الظروف الحالية من حقها اتخاذ من تراه من تدابير تحسن من أولويات الحياة خاصة فى ملفى التعليم والصحة، كما يحق للمواطنين الاعتراض بالطرق المشروعة على التغيير فى سلم الأولويات ان كان فى غير أوانه من جانب الحكومة.
فمن الأحرى أن توجه الأموال فى الوقت القادم إلى ضروريات الحياة مع التركيز على سلم أولويات قد لا تكون هدايا الحب ونويل فى مقدمتها. فقد ارتفعت أسعار البترول قرابة 65 دولارا للبرميل مؤخرا، فى حين وصل النحاس لأعلى مستوى فى 8 سنوات، وارتفع مؤشر واسع لأسعار السلع، وآخر يقيس الطلب على المعادن الصناعية بنسبة 17% منذ نوفمبر الماضى، والمستثمرين حاليا يتحدثون عن موجة صعودية للسلع وهى بلا شك سوف ترفع الاسعار فى ظل معاناة موجودة ولا ينكرها اصحاب النظر.
موجة الارتفاع القادمة تجعل الحكومات مجبرة على تأجيل التقشف المالى، ويجعله لازما على الجميع أن يؤخر بند الهدايا والسلع والمشروعات الاستفزازية حتى لو زعل المحبون مؤقتا وتخلصنا من صيغة «افعل التفضيل».

التعليقات