«رأى» لا فتوى - جمال قطب - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«رأى» لا فتوى

نشر فى : الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الجمعة 20 سبتمبر 2013 - 8:00 ص

لا يختلف عاقلان على رفض أى إجراء غير دستورى، والرفض الشديد للحكم العسكرى، والتبرى من الاستهتار الدموى، وعلاج أوضاع «متوقعة الخطر» بأدوية «مؤكدة الخطر»

كذلك.. لا خلاف على مساوئ الحكم المعزول سواء بما أهمله من ضرورات، وما تناساه من أولويات، وما ارتكبه من سقطات، وما أصر عليه بالعناد والتعقيدات.

فتصرفات الحكم الحالى سلسلة أزمات يستحيل التمادى فيها، كما أن تصرفات الحكم المعزول سلسلة أضرار صعب السكوت عليها.

والمواطنون جميعا منذ يناير 2011 حديثو عهد «بالتعافى»: من كارثة ثلاثين عاما عناصرها :وطن مخطوف، ومواطنة كسيرة، واستبداد سياسى، وخراب اقتصادى، وفساد اقتلع كل شئ حتى آداب الحوار، لذلك تضخمت أخطاء الرئيس المعزول فلم يستطع استبقاء فرحة المواطنين بثورتهم، بل عاودهم الإحساس أن قوة أخرى تعيد اختطاف الوطن إلى حيث لا يعرفون ولا يريدون، فالرئيس المنتخب استعمل أدوات السابقين بأسلوب أشد سوءا مما كان فضلا عن العناد العقيم غير المبرر.

فلماذا يكابر من يفتى بأن أحداث 30 يونيو وما بعدها تعتبر خروجا وخيانة ؟! وأنها مسئولية دينية تدور بين «الحرام والكفر»؟!

فلو توقف صاحب «الفتوى» أمام «تعاقد الرياسة»، لوجد طرفى العقد: «الشعب والرئيس» يتعاقدان على غير بينة، حيث لا دستور تستمد منه الصلاحيات والالتزامات...

ولو بحث عن «الشروط الشرعية للعقود» كشروط الوجوب، والصحة، واللزوم والنفاذ، والخيار، والجزاء، سواء ذكرت فى العقد أم لم تذكر لأدرك أن الرئيس لم يف بالتزاماته سواء لعجز أو لتعجيز، وفى ضوء ذلك، يصبح التعاقد معلقا غير صالح للنفاذ. وبعد ذلك، فإن الرئيس الذى حمل على عاتقه تهيئة البلاد لإصدار الدستور قد تسبب فى زيادة تأزيم الواقع مثلما رأينا فى:

1ــ أجواء التأسيسية وما حدث فيها والدستور الذى صدر عنها، رغم أنه أفضل من سابقه إلا أنه لم يحقق طموحات الشعب الثائر ولم يدخل البلاد فى «سلم وسلام» بل وقف بها على مضايق النزاع، وهواجس الشك، وموانع التراضى.. وهذا مناخ يرفضه العقل كما ينكره الشرع أساسا لأى تصرف.

2 ــ أزمات الإعلان الدستورى وتكرارها، وأزمات النائب العام وتكرارها، وعدم تغيير الحكومة والإصرار على ذلك، وعدم إتقان التعامل مع الأصوات الثورية الشابة.

أما الإفتاء المضاد الذى استباح الدماء، بتلك الحجة الواهية حجة «مشروعية التغلب»، والتحريف المتعمد لمعنى الحديث النبوى: (إذا كنتم جميعا..)، فأين هذا الجميع ؟!

فلا الذين كانوا مع الرئيس السابق جميع، ولا الذين خرجوا مع التغيير جميع. وقد سبق أنك أنكرت جموعا أشد كثرة بقيت فى الشارع أكثر من نصف شهر تطلب اعتزال الأسبق أو عزله، وقد بقى فى قصره لا يسانده إلا «فتواك» فى مواجهة الشعب، ولم يعتزل، ولا قام الجيش بعزله، والآن تتناقض مع نفسك وتزعم أن هناك «جميع»، فلماذا غاب عنك ما أحدثه الإعلان الدستورى العسكرى من «وضع العربة أمام الحصان» وما سببه ذلك من جدل شديد حول مشروعية العقد الرياسى؟!

ويبدو أن الإمام ابن تيمية قد رأى فتاوى متضادة محيرة كهذين النموذجين فقال قولته المشهورة «عمائمهم أبراج وأكمامهم أخراج والعلم عند الله تعالى»

وأخيرا، فإن التخريب السابق، ومعاناة السنوات الثلاث 11، 12، 2013 ليست آخر المعاناة ما دامت الدساتير تخرج من غير رحمها الطبيعى، وأيضا فكل الدساتير حتى 2012 يجعل الرئيس فرعونا يستحيل اتهامه إلا بثلثى أعضاء مجلس الشعب!!

فهل تسمح «المساواة الدستورية» بإمكانية توقيف المواطن وعرضه على النيابة ثم محاكمته، أما الرئيس فلا يجوز مساءلته إلا بثلثى مجلس الشعب؟! لابد من هيئتين دائمتين، إحداهما للادعاء السياسى والأخرى لمحاكمة الرئيس ومساعديه ومستشاريه والوزراء ومن فى حكمهم.

وختاما.. فهذا رأى فى المناخ السياسى لاينتسب لمصطلحات الإيمان والكفر ولا الحلال والحرام، بل المناخ كله فى إطار الصواب والخطأ.

فتعالوا ندعوا الله أن يجعل لمنصب الفتوى مؤسسة تكفيه وتحميه حتى لا يجرؤ عليها ذو غرض غير موضوعى أو ذو قصور فقهى مهما كانت مؤهلاته.

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات