«تصفير المشكلات».. محمد إدريس ديبى يقود تشاد للجمهورية الثانية - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 8:08 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«تصفير المشكلات».. محمد إدريس ديبى يقود تشاد للجمهورية الثانية

نشر فى : الإثنين 21 فبراير 2022 - 8:30 م | آخر تحديث : الإثنين 21 فبراير 2022 - 8:30 م

 

نشر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية مقالا للكاتب صلاح خليل، تناول الكاتب فى مقاله خطة نجل المارشال إدريس ديبى أتنو نحو تأسيس الجمهورية الثانية، ومساعيه لتصفير المشكلات الداخلية وإعادة التموضع الإقليمى لتشاد... نعرض من المقال ما يلى.
برحيل المارشال إدريس ديبى أتنو، وتولى نجله محمد مقاليد السلطة، تتجه تشاد نحو تأسيس الجمهورية الثانية. وعلى الرغم من التحديات الداخلية والخارجية، تقف المؤسسة العسكرية التشادية، من خلال جنرالات الجيش التشادى، خلف القائد العسكرى الشاب، حتى انتهاء الفترة الانتقالية التى حددها المجلس الانتقالى لمدة 18 شهرًا.
• • •
يحظى محمد إدريس ديبى بمكانة مهمة فى تشاد، وقد تدرج الجنرال فى المناصب العسكرية مبكرًا، حيث التحق بالتجمع المشترك للمدارس العسكرية فى تشاد، وتلقى تدريبا ودورات عسكرية فى المدرسة الفرنسية (إيكس إن بروفانس). وفور عودته التحق بالمدرسة الداخلية للضباط بتشاد، وبعد أن تخرج منها تم تعيينه فى القوات الخاصة التشادية.
شارك محمد إدريس ديبى فى قيادة القوات التشادية بالتحالف مع القوات الفرنسية فى العديد من المعارك ضد الجماعات الإسلامية المتشددة فى غرب أفريقيا وبحيرة تشاد، كجماعة الأنصار، وبوكو حرام، وتنظيم الدولة، والقاعدة. كما ساهم أيضًا فى حل النزاعات والتسويات المختلفة بين مجموعة من المزارعين ومربى المواشى فى أقاليم وداى وسيلا فى الشرق. وهو يحظى بإجماع كبير من قبل المؤسسة العسكرية التشادية فى قيادة الفترة الانتقالية، وتأسيس الجمهورية الثانية فى تشاد، من خلال تكملة النهضة بالأمة التشادية التى قادها والده الجنرال ديبى.
• • •
فى أولى خطواته لتأسيس الجمهورية الثانية فى تشاد، دعا الجنرال محمد إدريس ديبى إلى تصفير المشاكل الداخلية، وأطلق العديد من المبادرات الوطنية التى تهدف إلى حوار بناء بين مختلف القوى السياسية والشخصيات التى كانت تتخذ من المهجر مكانًا لمعارضة خارجية. كما سارع الجنرال محمد إدريس ديبى مؤخرًا لتكثيف مبادرات الانفتاح على الجماعات المتمردة فى شمال البلاد، ودعا الجميع إلى اغتنام الفرصة والمشاركة فى حوار وطنى شامل لأبناء الأمة التشادية لتشكيل دولة يسودها السلام والاستقرار. وفى هذا الصدد، سارع باتخاذ إجراءات ملموسة وحاسمة تتعلق بالعفو والإفراج غير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين، وأسرى الحرب، وإعادة الممتلكات التى صُودرت من قبل، ودمج الجماعات المسلحة فى الجيش الوطنى التشادى.
وعلى إثر مبادرته بإطلاق الحريات العامة والسماح بتكوين الأحزاب السياسية فى البلاد، شهدت الساحة السياسية التشادية، حراكًا واسعًا للقوى السياسية، وتم الإعلان عن تدشين كيان سياسى جديد تحت اسم (أمة واحدة للجميع)، ضم 7 أحزاب سياسية هى: حركة الصحوة والثورة الاجتماعية، حزب السلام من أجل الوطن، حزب الخضر من أجل التنمية، الحزب الجمهورى الوطنى، الحزب الشعبى للعدالة والمساواة، اتحاد القوميين من أجل التغيير، وأخيرًا الاتحاد الوطنى للتغيير فى تشاد. أما تجمع أحزاب اليمين، من خلال رئيسه الدكتور محمد يوسف النظيف، فقد أثنى على الجهود الحثيثة التى ترعاها الدولة للحوار والمصالحة الوطنية.
وتعهدت تلك الأحزاب بتقديم الدعم للمجلس العسكرى الانتقالى حتى انتهاء مرحلة الانتقال. وأجمعت جميع القوى السياسية فى تشاد، على النهج المتبع من قبل رئيس المجلس الانتقالى، فى إشرافه على خارطة طريق وطنية، وتأسيس اللجنة العليا لتنظيم الحوار والمصالحة الوطنية، كما أثنت على مشروع قانون العفو العام للمعتقلين. وقد اعتمد البرلمان التشادى (المجلس الوطنى الانتقالى) فى 24 من ديسمبر 2021، مشروع قانون العفو العام من داخل البرلمان بأغلبية كبيرة، كخطوة مهمة فى عملية المصالحة الوطنية. ويسمح هذا القانون للنخبة العسكرية السياسية بالمشاركة بحرية تامة فى عملية الحوار الوطنى الشامل دون ممانعة من الجهات القضائية المختصة.
فى إطار تلك الجهود، استقبلت سفارة تشاد بالمملكة العربية السعودية، جولة من المفاوضات بين الحكومة التشادية والقوى السياسية المعارضة، على مدار يومى 21 / 22 ديسمبر 2021، بفندق (هوليداى) فى مدينة جدة السعودية، وناقشت هذه الجولة العديد من المحاور فيما يتعلق بالمشاركة السياسية، والعفو العام، وإتاحة الفرص الأكبر للشباب. وفى اليوم الختامى سلمت القوى السياسية المعارضة مسودة اتفاق تسلم إلى رئيس اللجنة العليا للحوار الوطنى، عبدالمجيد عبدالله، من خلال الوزيرين المكلفين بهذه المهمة، أحمد جدة ومحمد النظيف.
• • •
فى ظل استمرار الجنرال محمد إدريس ديبى فى السير على نهج والده الراحل ديبى، أعلنت تشاد فى 26 من ديسمبر عن مقتل 30 مسلحًا فى بحيرة تشاد من جماعات بوكو حرام والقاعدة، خلال عملية مشتركة بين مجموعة الساحل والجيش الأمريكى، تمثل القوة المشتركة والمتعددة الجنسيات (MNJTF)، وتضم عسكريين من نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد والولايات المتحدة ومجموعة الساحل من تنفيذ عملية ناجحة استمرت ثلاثة أيام فى حدود دولة نيجيريا وبدعم من الشركاء الدوليين، وكبدت جماعة بوكو حرام وحلفاءها فى منطقة بحيرة تشاد خسائر كبيرة فى الأرواح والعتاد، فضلًا عن إحباط القوة مواقع لمدفعية تصوب نحو مدينة (ديفا) بجنوب شرق النيجر.
إلى ذلك، أعلنت الحكومة التشادية أنها بصدد تخفيض عدد جنودها العاملين فى إطار القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب لمجموعة دول الساحل إلى النصف، خاصة فى منطقة المثلث الحدودى بين كلٍّ من مالى والنيجر وبوركينا فاسو، وتلك الخطوة اتخذتها تشاد بغرض أن تتموضع قواتها فى إعادة الانتشار الاستراتيجى فى المنطقة، وأن القضايا الوطنية والإقليمية للجيش الوطنى التشادى يجب أن تكون مرحلية من أجل تغيير استراتيجيتها التى تتماشى مع الأجندة الوطنية.
وفى أغسطس 2021، أعلن الجنرال محمد إدريس ديبى إحياء الاتفاق الرباعى الداعم لمكافحة الجماعات الإرهابية، بين كل من السودان وليبيا والنيجر وتشاد، من خلال تشكيل قوة عسكرية مشتركة بين هذه الدول تبدأ أولى خطواتها بمراقبة الحدود التشادية الليبية، للحد من تسلل الجماعات الإسلامية الراديكالية المتشددة العابرة للحدود. ومن الجدير بالذكر أن الدول الأربع كانت قد وقّعت فى عام 2018 بروتوكول تعاون أمنى فيما بينهم لتكوين قوة مشتركة لحماية الحدود.
• • •
فى 19 ديسمبر 2021، بمناسبة الاحتفال بيوم الساحل لمجموعة دول الساحل الخمس المعروفة اختصارًا G5، التى تم تأسيسها فى عام 2017، ضمت كلا من: تشاد، النيجر، مالى، موريتانيا وبوركينا فاسو، وأشاد الجنرال محمد إدريس ديبى الذى تقود بلاده رئاسة مجموعة الساحل للمرة الثانية منذ تأسيسها، بالدور الكبير الذى تقدمه بلاده للقوة المشتركة لمنطقة الساحل، وأثنى على الروح القتالية التى تقدمها القوات المشتركة الوطنية فى مكافحة الإرهاب، والجريمة العابرة للحدود والتطرف العنيف، فى منطقة غرب أفريقيا بصفة خاصة، فى ظل انتشار الإرهاب فى عموم القارة الأفريقية. كما شدد على بقاء القوات المشتركة فى جاهزية من أجل الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين. وأكد التزام مجموعة الساحل بتجديد عهد آبائها المؤسسين على تحقيق التنمية والازدهار لصالح شعوب هذه المنطقة، من خلال ركيزتين أساسيتين هما: الأمن الذى تقوده القوة المشتركة، والتنمية كبرنامج اقتصادى واستثمارى يحظى بأولوية كبيرة من جميع حكومات هذه الدول الخمس.
ونوه بأنه لا يجب أن تكون منطقة الساحل مسرحًا لتكالب القوى الدولية، ولا مجالات أهداف تلك القوى على شعوب المنطقة. وأشاد بدور ما يسمى بأصدقاء مجموعة دول الساحل فى تقديم المساعدة للقوات المشتركة فى حربها ضد الإرهاب بمنطقة بحيرة تشاد وغرب أفريقيا.
• • •
لا شك فى أن الرئيس الانتقالى لتشاد يلعب دورًا قياديًا نحو تحقيق الاستقرار الداخلى وإعادة التموضع الإقليمى، وقد حقق العديد من المكتسبات جراء المصالحة الوطنية التى يتبناها، فضلًا عن سياسة تصفير المشكلات الداخلية. ولا شك أن محمد إدريس ديبى يدرك مكانته فى الإقليم، لهذا فإنه يضع على جدول أولوياته التنسيق الإقليمى لمواجهة الإرهاب، مع الأخذ فى الاعتبار تقاطع مصالح القوى الإقليمية والدولية بالمنطقة، وهو يريد أن ينأى بتشاد عن التهديدات التى تواجه دول المنطقة، وربما مع نهاية المرحلة الانتقالية يكون قد نجح فى الظهور كرئيس جدير بقيادة تشاد خلال المرحلة المقبلة، لا سيما أنه يحظى بدعم المؤسسات العسكرية والأمنية، كما أنه يحظى بدعم خارجى، ولا سيما من فرنسا والولايات المتحدة ومن دول جوار تشاد.

النص الأصلى:

التعليقات