تكنولوجيا التعليم عن بعد - محمد زهران - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 4:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تكنولوجيا التعليم عن بعد

نشر فى : السبت 21 مارس 2020 - 10:25 م | آخر تحديث : السبت 21 مارس 2020 - 10:25 م

في الوقت الذي يحارب فيه العالم كله فيروس سريع الانتشار من نوع كورونا أغلقت كل الجامعات والمدارس أبوابها في دول كثيرة ولكنها لم تغلق عقولها.
يجب أن يستكمل الطلاب دراستهم وهذا معناه حضور المحاضرات والامتحانات وتسليم الواجبات أو المشاريع، وكل ذلك يجب أن يتم من منازلهم.
كل ذلك يحتاج تكنولوجيا أكثر تعقيداً من مجرد مشاهدة فيديو على اليوتيوب أو حضور اجتماع عن بعد باستخدام بعض برمجيات التخاطب بالفيديو. حديثنا اليوم ينطبق على المدارس والجامعات فالعملية التعليمية واحدة.
التدريس له ثلاثة مكونات: المدرس والمحتوى والتكنولوجيا.
لن نتطرق إلى إدارة العملية التعليمية أو إلى المادة التعليمية نفسها أو إلى المدرس وشخصيته وكيفية التدريس ما يهمنا الآن هي التكنولوجيا المستخدمة في للتواصل بين المدرس والطلاب في شرح ومناقشة المادة التعليمية.
تستخدم التكنولوجيا في قاعات المحاضرات والفصول وتستخدم أيضاً في التعليم عن بعد، وقد تضاعفت أهمية هذه النقطة الأخيرة نظراً للظروف الحالية التي يمر بها العالم كله. قبل أن نتحدث عن تلك التكنولوجيا يجب أن نفهم أن المدرس سيخسر إحدى أدواته المهمة حين يعطي المحاضرة عن بعد وهي لغة الجسد (body language) لأن هذه اللغة تساعد على نقل المعلومة، وحين يخسرها المدرس فيجب عليه تعويضها بمساعدة التكنولوجيا وعن طريق تغيير طبقات الصوت وسرعة الكلام وما شابه.
ما الذي نحتاجه من التكنولوجيا كي تتساوى كفاءة التعليم عن بعد مع كفاءة التعليم وجهاّ لوجه ؟
أولاً: برامج التواصل بالصوت والصورة بين الأستاذ والطلاب ليست صعبة التخيل لأنها أشبه ببرامج التواصل بالفيديو المعروفة مثل "سكايب" و"فيستايم" ولكن الفرق أنها تسمح بأن يرى الطلاب المدرس ويسمعونه لأنه ليس مهما أن يرى المدرس الطلاب خاصة لو كان عددهم كبيراً . وتسمح هذه البرامج للمدرس أيضا أن يعرض للطلاب شاشة الكمبيوتر التي يعمل عليه أو أن يعرض برنامج معين من البرامج التي يستخدمها.
ثانياً: عندما يتناقش المدرس مع الطلاب و يطرح سؤالاً وينتظر إجابته منهم، ماذا سيحدث؟ فهل سيرفع الطالب يده كما يفعل في قاعة المحاضرات؟ بالطبع لا، فإن برمجيات التعليم عن بعد تسمح للطالب أن يضغط على زر في البرنامج تعطي إشارة للمدرس، وعندها يستطيع المدرس أن يفتح الميكرفون في كمبيوتر الطالب كي يجيب على السؤال ويسمعه كل الطلاب.
ثالثاً: ماذا لو كان طالب أو عدة طلاب يرغبون في سؤال المدرس عن شيء؟ أغلب برامج التعليم عن بعد بها شاشة صغيرة للمراسلة chatting ويمكن لكل طالب أن يكتب سؤاله فيها ليراه المدرس وكل الطلاب وعندها يمكن للمدرس أن يجيب على السؤال بالصوت.
رابعاً: إحدى أهم وسائل التدريس هي استخدام السبورة. برامج التدريس عن بعد تسمح بذلك بشرط أن يمتلك المدرس شاشة باللمس (touch screen). يسمح البرنامج بإظهار شاشة بيضاء للطلبة ويرون ما يكتب المدرس أو ما يرسمه عليها. إذا لم يمتلك المدرس هذه الامكانية فيمكنه استخدام سبورة حقيقية واستخدام خاصية تخاطب الفيديو مع الطلاب فيرونه وهو يكتب على السبورة.
هناك الكثير من الأدوات تساعد المدرس على حصول الطالب على نفس الفائدة التي يحصل عليها من الحضور الفعلي في قاعة المحاضرات. ومن بين الشركات التي اشتهرت مؤخراً في برمجيات العملية التعليمية شركتا (zoom) و (webex) وقد كانتا بالأساس متخصصتين في برمجيات الاجتماعات عن طريق الإنترنت.
نأتي إلى نقطة أخرى مهمة وهي الامتحانات.
كيف يخوض الطلاب الامتحانات من المنزل و كيف نضمن عدم الغش؟ هناك عدة طرق بعضها يعتمد على المدرس والبعض الآخر يعتمد على التكنولوجيا.
أما التي تعتمد على المدرس فهي ما يسمى بإمتحان المنزل (take home exam) وهذه الطريقة تمنح الطالب يوم أو إثنين لحل الإمتحان ثم إرساله عن طريق الإنترنت. عادة ما يكون الامتحان بحثياً أي من النوع الذي يستلزم إجراء بحث معين والتفكير، لذلك فهي طريقة مناسبة فقط لطلبة الدراسات العليا وليس طلبة المرحلة الجامعية أو ما يسبقها. الحل الثاني هو إلغاء الامتحان والاكتفاء ببحث أو مشروع بشرط أن تسمح القوانين بذلك.
الطريقة الثالثة تعتمد على التكنولوجيا وهي أن يمتحن الطالب عن طريق الكمبيوتر ويتم تسجيل فيديو لما يفعله الطالب وهناك برمجيات ذكاء اصطناعي تحلل ذلك وتكشف أية محاولة للغش عن طريق حركات الطالب وما ينظر إليه وما يتصفحه ومن الشركات التي ظهرت أخيراً وتقدم خدمة المراقبة عن طريق الذكاء الاصطناعي شركة (proctoru). برمجيات المراقبة هذه لا تحتاج فيديو بدقة عالية وبالتالي لا تحتاج سرعة إنترنت عالية. طبعاً لو انقطعت الإنترنت أو لم تكن هناك إنترنت من الأساس فلن نستطيع استخدام تلك التكنولوجيا.
الذكاء الإصطناعي موجود في التكنولوجيا التعليمية بعدة أشكال، منها مثلاً تسجيل المحاضرة وتحليلها وتحويلها إلى محاضرة مكتوبة وإظهار الكلمات التقنية التي استخدمها المدرس بكثرة بل وهناك أيضا بعض البرمجيات التي تلخص أهم نقاط المحاضرة.
يستخدم الذكاء الاصطناعي أيضاً في مساعدة المدرس في تقييم مشاركة الطلاب في المحاضرة: من يرفع يده ومن يسأل ومن يحضر ومن لم يحضر، إلخ.
يمكننا الاستفادة من كل ذلك في مصر وإن كنا لم نحلل بعد وبعمق تجربة استخدام التابلت لكن كي يتم استخدام تكنولوجيا التعليم عن بعد في مصر والذي قد يكون حلاً لمشكلة تكدس الصفوف يجب أن نواجه مشكلتين: سرعة واستمرار خدمة الإنترنت وعدم قدرة بعض الطلاب على شراء أجهزة كمبيوتر أوتابلت.
هنا نحتاج معرفة أعداد الطلاب التي لا تستطيع شراء أجهزة كمبيوتر أو تابلت ونحتاج خريطة دقيقة لمصر توضح الأماكن التي تواجه مشاكل في الإنترنت وعدد الطلاب في تلك الأماكن، وعندئذ يمكننا إيجاد حلول ناجحة للتعليم عن بعد.
ننهي هذا المقال بسؤال مثير: هل يمكن أن تتحور العملية التعليمية بعد هذه التجربة؟!
قد تجد الجامعات أن التعليم عن بعد حلاً للكثير من الطلاب وتعطي الطلاب الاختيار بين الحضور أو التعليم عن بعض ويكون التعليم عن بعد أرخص من حيث المصاريف ويساعد الطلاب في الدول النامية على الحصول على شهادات معتمدة من جامعات كبيرة.
سؤال سيجيب عنه الزمن لاحقاً.

محمد زهران عضو هيئة التدريس بجامعة نيويورك فى تخصص هندسة وعلوم الحاسبات، حاصل على الدكتوراه فى نفس التخصص من جامعة ميريلاند الأمريكية، له العديد من الأبحاث العلمية المنشورة فى الدوريات والمؤتمرات الدولية، بالإضافة إلى الأبحاث والتدريس.. له اهتمامات عديدة بتاريخ وفلسفة العلوم ويرى أنها من دعائم البحث العلمى، يستمتع جداً بوجوده وسط طلابه فى قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث والمؤتمرات، أمله أن يرى الثقافة والمعرفة من أساسيات الحياة فى مصر.
التعليقات