نظرية نيكسون تعود! - سامح فوزي - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 2:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نظرية نيكسون تعود!

نشر فى : الثلاثاء 21 مايو 2019 - 10:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 21 مايو 2019 - 10:50 م

عشت طالبا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية إبان حرب الخليج الأولى، وكم سمعنا من اساتذة لنا أن الولايات المتحدة تحارب فى الشرق الأوسط لسببين: الأول تهديد البترول، أو مصالحها بوجه عام، والثانى تهديد وجود إسرائيل، وقد هدد صدام حسين كلا الأمرين معا. تذكرت هذا الحديث، ونحن طلابا، فى أجواء التسخين الدائرة الآن تجاه مواجهة عسكرية مع إيران. ويعود السؤال مرة أخرى: هل يمكن أن تحارب الولايات المتحدة بنفسها للمرة الثالثة بعد حربى الخليج الأولى والثانية، وما تبعها من مواجهات مستمرة فى إطار ما عرف بالحرب على الإرهاب أو تنظيم «داعش»؟ يبدو أن كلا السببين السابقين قائمان، إذا تعرضت المصالح الأمريكية مباشرة لاعتداء من إيران سوف تواجه بعمل عسكرى أمريكى، أما إسرائيل فيبدو ليس فقط أنها بعيدة عن دائرة التهديد المباشر، ولكن أيضا لأن علاقاتها بإيران ذاتها وأطراف عربية أخرى فى تحسن وازدياد.

اللافت أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يريد فى إدارته للأزمة، بل وفى ملفات كثيرة فى السياسة الخارجية، أن يستعيد النظرية الشهيرة التى راجت فى عهد الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون التى تعرف باسم نظرية «الرجل المجنون»، وهى ليست نظرية مكتملة الأركان، لكنها توجه حرصت عليه إدارة نيكسون، ويتمثل فى إشعار الكتلة الشيوعية المعادية آنذاك بأن الرئيس الأمريكى يمكن أن يأتى بأى فعل متوقع أو غير متوقع مما يجعلهم يبتعدون عن استفزازه. وظهر ذلك بالطبع فى حرب فيتنام، ورسالة نيكسون إلى فيتنام الشمالية إنه وصل إلى نقطة الضجر، وإنه قد يفعل أى شىء غير متوقع حتى يوقف الحرب.

هناك من الصقور المحيطين بالرئيس ترامب من يريد أن يدفعه إلى مواجهة عسكرية مع إيران وأهمهم جون بولتون مستشار الأمن القومى، الذى لعب دورا فى تسخين الأجواء فى عدد من الملفات السابقة مثل ملف كوريا الشمالية، ولم يؤد إلى انفراجة فيه. وتدرك إيران ذلك، وتريد أن ترسل رسائل تشعر ترامب بأهمية التخلص من بعض المحيطين به، الذين يعقدون الكثير من المشكلات على الصعيد الدولى، ومنها الأزمة الإيرانية، التى لم يسر فيها ترامب على نهج سلفه أوباما فى التعامل معها.

تصدر عن ترامب تصريحات أو «تغريدات» متناقضة، بعضها يبدو منه رائحة تصادم، والبعض الآخر تشتم منه رائحة الاحتواء. ولا تعرف يقينا موقفه، هو يريد بالفعل أن يراه العالم يسير على خطى إدارة نيكسون، لا يتوقع أحد ردود أفعاله، ولا يدرك أبعاد تحركه الخارجى. وتلعب إيران نفس اللعبة تقريبا، هناك تصريحات تصدر من قيادات بها «ساخنة»، وأخرى تسعى إلى نزع فتيل المواجهة، وتبريد الأجواء. ولكن يبدو أن الجانبين يدركان أن مواجهة مكتملة الأركان ليست سهلة، فالمشهد فى المنطقة العربية بات أكثر تعقيدا مما كان عليه سواء فى حربى الخليج الأولى والثانية.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات